يقبع سعر صرف الدولار مقابل الجنيه تائهاً بين التحوط من انخفاض جديد في سعر الجنيه وبين المضاربة على مزيد من التراجع في المستقبل.
يتداول المصريون الدولار بعدة أسعار مقابل الجنيه المصري، فما بين السعر الرسمي في البنوك والسوق الموازية أسعار عدة تدخل في تقييم السلع، ما يترك سوق الصرف في حالة من الفوضى والمفاوضات التي تسمح بالمزيد من المضاربات.
تعود الفوضى إلى أن البعض يجتهد في تحديد سعر الدولار بأكثر من طريقة تقييم، والسبب في ذلك زيادة الفجوة بين السعر الرسمي في البنوك والسعر في السوق الموازية.
ويتداول سعر الدولار مقابل الجنيه حالياً في البنوك المصرية عند 30.9 جنيه مقابل ما بين 35 و37 جنيهاً في السوق الموازية.
طرق تقييم سعر الدولار
«كل التقييمات الحالية لسعر الدولار في السوق الموازية غير عادلة ولا تعبر عن القيمة الحقيقية للجنيه، وهي خاضعة للمضاربات»، حسبما يقول أحمد صلاح المحلل الاقتصادي في أحد بنوك الاستثمار الإقليمية لـ«CNN الاقتصادية».
يقيّم الدولار مقابل الجنيه حالياً وفقاً لعدة طرق، منها ناتج قسمة سعر سهم «البنك التجاري الدولي» في بورصة مصر على سعره في بورصة لندن، أو عن طريق تحديد سعر الدولار المستخدم في تحديد سعر الذهب المتداول في السوق المحلي، أو وفقاً للعقود الآجلة للجنيه المصري.
لكن هذه الطرق عرضة لمشاكل، «فالبنوك لا توفر الدولار، وبالتالي يأتي التجار بالدولار من السوق الموازية، وعلى هذا الأساس يقيمون سعره»، حسبما يقول صلاح.
تظهر هذه المشكلة بوضوح في تقييم أسعار الذهب في مصر، إذ تخضع لسعر الدولار في السوق الموازية.
يحدد تجار الذهب أسعاره في السوق المحلي وفقاً لسعر الأوقية في السوق العالمية المقوم بالدولار، باستخدام سعر الدولار في السوق الموازية.
يقول نادي نجيب، سكرتير عام شعبة الذهب السابق بـ«غرفة القاهرة التجارية»، إن سعر الدولار في السوق الموازية ليس له معيار، ويخضع للعرض والطلب بين البائع والمشتري، وعندما يُحدد أسعار الذهب يكون على أعلى سعر للدولار في السوق.
يضع التجار في اعتبارهم أيضاً عدم وجود الذهب في مصر بكثرة، والاعتماد على الاستيراد، بجانب زيادة الطلب عليه للتحوط من انخفاض سعر الجنيه.
يبرر نجيب لـ«CNN الاقتصادية» هذه الطريقة بأن «في كل الأحوال الذهب غير متوفر في مصر، والدولار أيضاً».
تكمن خطورة هذه التقييمات في أن السعر في السوق الموازية عرضة للارتفاع باستمرار، في ظل توقعات مؤسسات وبنوك استثمار عالمية بالمزيد من خفض الجنيه في المستقبل.
ويقول صلاح «عندما يرى التجار توقعات البنوك العالمية لسعر الدولار مقابل الجنيه في المستقبل، يقيّمون بضائعهم بأكثر من السعر المتوقع، وهو ما يخلق المضاربات».
ويضيف «إذا احتكمنا للعرض والطلب فلن يكون هذا هو السعر العادل للدولار مقابل الجنيه».
يرى صلاح أن الحل لإنهاء المضاربات هو «المزيد من التدفقات الدولارية السريعة عبر بيع أصول مملوكة للدولة»، وهو أمر رجحه بنك مورغان ستانلي في تقرير حديث له، إذ قال «إن تحرير سعر الجنيه يجب أن يكون جزءاً من برنامج إصلاح هيكلي لتخارج الدولة من الاستثمار لصالح القطاع الخاص».
ويبدو أن الحكومة المصرية بدأت في اتخاذ خطوات سريعة لبيع أصولها، إذ قال رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، قبل أيام إن مصر تستهدف جمع ملياري دولار من بيع حصص في شركات مملوكة للدولة قبل نهاية يونيو حزيران.
كما أعلن مدبولي عن زيادة عدد الشركات المملوكة للجيش والتي ستطرح للبيع إلى عشر شركات بدلاً من شركتين.
سيظل سعر صرف الدولار متأرجحاً بين السعر الرسمي في البنوك والسوق الموازية إلى أن تؤتي هذه الإجراءات ثمارها.