«من الممكن أن تشهد تركيا ارتفاعاً في معدلات التضخم في حال فوز الرئيس أردوغان في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية واستمرار تطبيق السياسات النقدية غير التقليدية»، هكذا توقّع حسن الشاغل، الباحث في مركز «أيام» للدراسات في مقابلة مع «CNN الاقتصادية».

وأضاف أن عجز الميزان التجاري لتركيا يزيد من مخاطر تخلف البلاد عن سداد الديون الخارجية، متوقعاً تفاقم التضخم مع اقتراب مواعيد سداد القروض.

لكنه استبعد سيناريو الركود الذي اعتبره مستحيلاً.

من جانب آخر، يقول المحلل الاقتصادي التركي رجب يورولماز إن أردوغان سيواصل اتباع السياسات النقدية التي تبناها في حال فوزه بالانتخابات باعتبارها «إصلاحية» في وجه السياسات التقليدية التي يتبعها النظام النقدي العالمي والغرب.

وأضاف أن هذه السياسات ستزيد الإنتاج، وهو ما يطمح له أردوغان، ما سيحقق نجاحاً على المدى الطويل، بحسب قوله.

وتابع أن الأزمة الاقتصادية التي تمر بها تركيا حالياً ليست سوى تراجع مؤقت، وأن الاقتصاد التركي سيسترد عافيته.

التضخم نتاج سياسات غير تقليدية

يعتبر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن ارتفاع أسعار الفائدة يرفع التضخم، على عكس آراء معظم الاقتصاديين.

وبعد الانتخابات الرئاسية التركية عام 2017، حثّ أردوغان البنك المركزي التركي على خفض الفوائد، ما أدّى إلى ارتفاع التضخم بشكل كبير في البلاد، حيث سجل 43 في المئة في أبريل نيسان 2023 بعدما صعد إلى أكثر من 85 في المئة في أكتوبر تشرين الأول 2022، بحسب بيانات معهد الإحصاء التركي.

ويتوقع صندوق النقد الدولي أن يتباطأ التضخم في تركيا إلى 50.6 في المئة هذا العام، مع تراجع تكاليف الطاقة.

ورغم تباطؤ التضخم السنوي إلى أقل من عشرة في المئة في العام التالي لتولي أردوغان السلطة مقابل 25.3 في المئة عام 2003، فقد تسارع بشكل حاد إلى 72.3 في المئة العام الماضي مقارنة بـ19.6 في المئة عام 2021، مع إصرار أردوغان على مخالفة المتعارف عليه بشأن العلاقة بين التضخم والفائدة.

هبوط حاد لليرة التركية

فقدت الليرة التركية نصف قيمتها مقابل الدولار الأميركي على مدار العامين السابقين، وتسببت نتائج الجولة الأولى من الانتخابات في هبوط الأسهم ودفعت قيمة العملة إلى مستوى متدنٍ جديد مقابل الدولار لتسجل 19.70 ليرة.

وقال المحلل الاقتصادي هيثم الجندي، في مقابلة مع «CNN الاقتصادية»، إن الليرة التركية ومعدلات التضخم ستشهد ضغوطاً في الفترة المقبلة في حال فوز أردوغان في الجولة الثانية من الانتخابات التركية.

وأكّد الجندي أن فوزه سيكون له مردود سلبي على الاقتصاد في ضوء ما قال إنها القرارات التي اتخذها خلال الأشهر الأخيرة لاسترضاء الناخبين، ومنها زيادة الحد الأدنى للأجور لأربعة أضعافه.

وتابع الجندي أن الليرة التركية مدعومة بشكل مصطنع.

البنوك التركية في حالة فوز أردوغان

قلص البنك المركزي التركي تكاليف الاقتراض بما يتوافق مع آراء أردوغان الاقتصادية، ليبلغ معدل الفائدة على الاقتراض لليلة واحدة في تركيا سبعة في المئة في فبراير شباط 2023 مقارنة بـ44 في المئة أواخر 2002، أي قبل توليه السلطة.

ويضيف الجندي أن تأثير فوز أردوغان والاستمرار في سياساته النقدية المتبعة سينعكسان سلباً على الأسواق وهذا ما أظهرته تطورات ما بعد الجولة الأولى من الانتخابات، حيث خسرت أسهم البنوك 20 في المئة من قيمتها وقفزت تكلفة التأمين على الديون التركية.

وقال إن حيازات الأجانب من الأصول التركية كانت تفوق 25 في المئة منذ خمس سنوات، أمّا اليوم فلا تتجاوز الواحد في المئة.

وقال الجندي «أصبحت تركيا غير قابلة للاستثمار، وستصبح سياسات الرئيس التركي غير قابلة للاستمرار».

عدم يقين بعد الجولة الأولى

كان أداء أردوغان أفضل مما تشير إليه استطلاعات الرأي في الجولة الأولى من الانتخابات التي جرت يوم الأحد، حيث حصد نحو 49.5 في المئة من الأصوات ليدخل جولة إعادة مع خصمه الرئيسي كمال كيليجدار أوغلو.

أثار عدم اليقين قلق المستثمرين في سندات الحكومة التركية، لترتفع تكلفة التأمين على ديون أنقرة ضد مخاطر التخلف عن السداد ما يقرب من 27 في المئة إلى أعلى مستوى لها منذ نوفمبر تشرين الثاني، وفقاً لبيانات «ستاندرد آند بورز».

أما وكالة التصنيف الائتماني «موديز» فقالت يوم الاثنين إن فوز المعارضة من شأنه أن «يحسن احتمالات العودة إلى السياسات الاقتصادية التقليدية التي -إذا تم تنفيذها بشكل فعال- ستكون إيجابية لملف الائتمان السيادي على المدى الطويل».

لكنها أضافت أن «حل الإجراءات المشوهة التي تم وضعها على مدار العامين الماضيين سيكون أمراً صعباً»، وأن مخاطر التقلبات في الاقتصاد والأسواق التركية تظل «كبيرة».