«السبوبة» قناة على يوتيوب تعلم الشباب كيفية «الحصول على أول دولار بفضل العمل الحر -فري لانسرز- على شبكة الإنترنت».
كلمة سبوبة في مصر لفظ شعبي يعني الأجر المؤقت الناتج عن عمل حر، ولعلها من سبب في الرزق أو باب رزق.
بدأت قناة السبوبة قبل عامين ووصلت اليوم إلى الحلقة رقم 140، ما يعني أنها قدمت 140 نصيحة للحصول على أعمال حرة متقطعة.
تشجع القناة على نمط من الاستقلالية الاقتصادية تشتد الحاجة إليه في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها الاقتصاد المصري حالياً، لكنه نمط لا يلقى تشجيعاً من الحكومة المصرية، بل تستهدفه بإجراءات ترمي من ورائها إلى تحجيم الاقتصاد الموازي الذي لا تمر عائداته في معظم الأحيان عبر خزائن الدولة.
في هذا السياق، أعلنت «غوغل» مطلع الأسبوع تحصيل ضريبة قيمة مضافة 14 في المئة من مستخدمي خدماتها في مصر، ستردها الشركة لخزانة القاهرة، وتعد هذه الضريبة الخطوة الثانية التي اتخذتها الحكومة المصرية بعد إيقاف استخدام البطاقات مسبقة الدفع خارج مصر. ويهدف الإجراء إلى ضبط سوق العمل الحر عبر الشبكة العنكبوتية وتحجيم الاقتصاد الموازي.
والبطاقات مسبقة الدفع هي الأداة المفضلة أو شبه الوحيدة التي تتيح للكثير من أصحاب هذه الأنشطة تمويل أعمالهم وتلقي التحويلات.
الدعاية على «غوغل» و«فيسبوك» لمنتجات شديدة المحلية
«لا أملك مبلغاً كافياً يمكنني من فتح حساب بنكي»، هكذا استهل أحمد رشاد -اسم مستعار- (21 عاماً) حديثه مع «CNN الاقتصادية»، مضيفاً أن أقل مبلغ يمكنه من فتح حساب هو أربعة آلاف جنيه (نحو 130 دولاراً) وهو لا يملكه.
رشاد طالب هندسة وأحد المتضررين من قرار المركزي المصري بإيقاف البطاقات مسبقة الدفع خارج مصر. ويعمل رشاد في تنظيم حملات إعلانية لمنتجات وخدمات شديدة المحلية مثل إلحاق العمالة بأحد المصانع المجاورة أو لجزار البلدة.
يستخدم رشاد البطاقات مسبقة الدفع لشراء مساحات إعلانية على منصات «ميتا» و«غوغل»، فهما الأكثر طلباً في مصر لأنهما الأكثر متابعة. ويُخصم المبلغ بالجنيه المصري ويسدده البنك المركزي للمنصات الدولية بالدولار الأميركي بعد إضافة عمولة تدبير تقدر بنحو عشرة في المئة من قيمة المبلغ تخصم من المستفيدين.
تنشط الحملات الإعلانية على وسائل التواصل الاجتماعي في مصر منذ انتفاضة يناير كانون الثاني 2011، حين أصبح «فيسبوك» الناقل الفعلي للمنشور السياسي في البلاد والمصدر الأسرع والرئيسي لنقل الخبر، الأمر الذي خلق عالماً موازياً ثم سوقاً موازية كبيرة للتسويق الإلكتروني في مصر.
25 مليون بطاقة مسبقة الدفع في مصر
رشاد ليس الوحيد الذي يملك البطاقات التي حظر المركزي استخدامها في الخارج قبل أيام، إذ يبلغ عدد البطاقات المستهدفة سبعة ملايين بطاقة، ويقدر إنفاقها بنحو 700 مليون دولار في الشهر، وهو مبلغ لا يمكن للمركزي أو الحكومة غض البصر عنه بسبب أزمة شح الدولار التي تعصف بالاقتصاد المصري منذ نحو عام.
يقدر المركزي عدد أصحاب الحسابات المصرفية بنحو 42.3 في المئة من السكان الذين تخطوا عمر 16 عاماً، وهو رقم يضم كذلك أصحاب حسابات التوفير في هيئة البريد، وحاملو البطاقات مسبقة الدفع ليسوا ضمن هؤلاء.
فهم يفضلون البطاقات مسبقة الدفع لتمويل أعمالهم بدلاً من البطاقات البنكية لأنها تعفيهم من المصاريف وإجراءات فتح حساب التي تتطلب تقديم وثائق إثبات دخل يعجزون عن توفيرها لغياب عمل ثابت، فضلاً عن تخوف بعض المتعاملين بها «من شبهة الربا في التعاملات المصرفية» مثلما ذكر أحدهم على صفحة معنية بالتسويق الإلكتروني في مصر تضم نحو 280 ألف عضو.
يفضل كذلك مصممو الحملات الإعلانية البطاقات مسبقة الدفع لأنها «لا تتيح ل فيسبوك وغيره من التطبيقات الدخول لسحب مبلغ لتجديد الحملة الإعلانية تلقائياً»، بحسب أحد المتعاملين بها، كما أنهم يخشون من تلقي تقديرات ضريبية يعجزون عن سدادها.
فرض ضريبة على منصات التواصل الاجتماعي
تقدر الدولة إيراداتها من ضريبة التواصل الاجتماعي بنحو «65 مليون جنيه في العام الأول، على أن تتضاعف كل عام بسبب نمو التجارة الإلكترونية»، بحسب تصريحات مستشار مصلحة الضرائب لوسائل إعلام محلية.
أحد مشاهير الفضاء الإلكتروني المصري رفض الإفصاح عن اسمه أكد في اتصالٍ مع «CNN الاقتصادية» أن ضريبة المبيعات «منطقية على كل عملية بيع، وعلى المتعاملين مع وسائل التكنولوجيا والمنصات العالمية التأقلم مع قواعد العالم الجديد… يجب أن يؤسسوا شركات صغيرة وأن يحصلوا على بطاقات ضريبية للاندماج في منظومة الدولة».
رشاد لم يحقق بعد دخلاً كبيراً من عمله الحر في مجال الحملات الإعلانية المحلية على «غوغل» وتطبيقات «ميتا»، فمتوسط صافي أجره عن الحملة الإعلانية «لا يتجاوز بضع مئات الجنيهات» (عشرات الدولارات) بحسب قوله، لكنه مقتنع أنه سيحصد المزيد إذا نجح في بناء سمعة حسنة، ويقول «بعض منظمي الحملات الإعلانية يتقاضون آلاف الجنيهات في اليوم الواحد، يوماً ما ستأتي فرصتي».
ويحاول رشاد، شأن الكثيرين غيره، منذ صدور القرار البحث عن حلول بديلة لتحاشي عمولة التدبير والضريبة التي ستعمم قريباً على أغلب التطبيقات، وقد يأتي الحل من المغرب عن طريق تطبيق دفع يتيح إتمام عمليات رشاد عن بعد؛ يقول «علىّ التأكد من بعض التفاصيل، وإذا صحت فسأقوم بإنشاء حساب على التطبيق المغربي ما سيمكنني من الدفع دون الحاجة لإنشاء حساب بنكي».