«سنشهد دراسة للمشاريع والاستثمارات على مدى عام أو عامين، ومن ثَمَّ سيتدخل القطاع الخاص»، هكذا كان تقدير مازن سلهب، كبير استراتيجيي الأسواق لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في «بي دي سويس»، في مقابلة مع «CNN الاقتصادية» عن إعادة العلاقات بين الإمارات وقطر.

وأضاف سلهب أن حجم الشركات الإماراتية التي نمت بشكلٍ كبير خلال الفترة الماضية سيمكّنها من الاستحواذ على حصة كبيرة بالسوق القطرية، ليشهد البلدان زخماً كبيراً في الاستثمارات الخاصة وإصدار المزيد من السندات في الفترة المقبلة.

سياسة خارجية وسطية

شهدت السياسة الخارجية الإماراتية تحولات هائلة في العامين الماضيين، حيث قامت الإمارات بتهدئة وتطبيع العلاقات مع بعض الدول المتنافسة في المنطقة؛ من إسرائيل إلى إيران حتى تركيا وسوريا، وهو ما توّجته هذا الأسبوع بإعادة العلاقات الدبلوماسية مع قطر بعد سنوات من القطيعة.

فقد قررت الإمارات وقطر استئناف علاقاتهما الدبلوماسية بعد الأزمة الخليجية لعام 2017، حسبما أعلن البلدان في بيان مشترك.

ومنذ 2021، عادت العلاقات إلى حدٍ كبير بين قطر والسعودية، لكن التقارب مع الإمارات والبحرين استغرق وقتاً أطول، رغم تبادل الزيارات بين قيادات البلدين خلال فترة سابقة.

وقال سلهب إن حجم التبادل التجاري بين الإمارات وقطر كان يُقدّر بمليارات الدولارات، مضيفاً أن الصادرات الإماراتية إلى قطر وصلت إلى 2.4 مليار دولار في 2021.

وأوضح سلهب أن الصادرات الإماراتية إلى قطر متنوعة وتشمل الحلي والسلع والسيارات والأدوات المنزلية والألبسة، بالإضافة إلى عمليات إعادة التصدير.

اقتصادات تنمو وينتظرها المزيد

أضاف سلهب أن الناتج المحلي في قطر وصل إلى نحو 180 مليار دولار عام 2021، في الوقت الذي وصل فيه الناتج الإماراتي إلى 450 مليار دولار، وأن «إعادة العلاقات ستفيد الاقتصاديين».

واعتبر سلهب أن المكاسب الاقتصادية بين الإمارات وقطر ستتعاظم في الأشهر المقبلة حتى لو كان النموذج الاقتصادي بين البلدين متشابهاً إلى حدٍ ما، مشيراً إلى النموذج الاقتصادي الذي اعتمدته الإمارات من خلال اكتساب مزيد من الخبرات والانفتاح في السنوات الماضية، الذي ستستفيد منه قطر مع عودة العلاقات بين البلدين.

وقال «الإمارات سوف تُضيف قيمة حقيقية في الاقتصاد القطري، خاصةً أن الإمارات لديها خبرات واسعة من مئات آلاف المغتربين العرب والأجانب، والسوق القطرية تحتاج إلى هذه الخبرات التي ستتبلور من خلال إعادة فتح شركات إماراتية في قطر بعد إقفالها خلال سنوات القطيعة».

وتوقع أن يكون قطاعا السياحة والطيران من أبرز الرابحين من إعادة العلاقات بين الإمارات وقطر، لأن الحركة بين البلدين على مستوى السياحة والعلاقات الاجتماعية مترابطة و«سوف تتبلور أكثر كما حدث في كأس العالم»، مشيراً إلى أهمية الإمارات كمركز للسياحة والطيران.

تنافس أمْ تكامل اقتصادي؟

واعتبر سلهب التنافس بين الإمارات وقطر عاملاً إيجابياً، مرجّحاً حدوث تكامل اقتصادي بين البلدين، متوقعاً أن يتكرر نموذج كأس العالم في المستقبل القريب.

وفيما يخصُّ إعادة التصدير من الإمارات، قال إن القطاع سيتطوّر بشكلٍ كبير في ضوء القدرة الشرائية الهائلة لمواطني البلدين، متوقعاً ارتفاعاً كبيراً للصادرات من جبل علي في الفترة القادمة.

وتابع «المواطن القطري يتقاضى أحد أعلى معدلات الدخل في العالم، وبالتالي قدرته الشرائية كبيرة مقارنة بالكثير من دول المنطقة»، معتبراً ذلك مكسباً للشركات الإماراتية التي توقفت أعمالها نتيجة الأزمة السياسية السابقة.

القطاع المصرفي من أوائل الرابحين

وقال سلهب إن حجم القطاع المصرفي في الإمارات أكبر بكثير من قطر، خاصةً أن عدد السكان في الإمارات يتخطى العشرة ملايين نسمة، والمصارف الإماراتية والقطرية تتمتع بتصنيف ائتماني عالٍ، وهي من الأفضل على مستوى العالم.

وأضاف «لن نشهد اندماجات بين المصارف الإماراتية والقطرية، لكن يمكن أن تشهد البنوك القطرية عملية توسع في السوق الإماراتية والعكس».

وقال إن البنوك الإماراتية قد تستفيد من عملية التنمية في قطاع الغاز المسال والعقارات، ما يمكن أن يعتمد على تمويل المصارف الإماراتية وصناديق الاستثمارات الإماراتية التي يمكن أن تتخذ قطر سوقاً لها كما يحدث في سياسة التكامل الاقتصادي مع دول أخرى.

وقال إنه سيكون هناك اعتماد كبير على استراتيجيات القرارات الحكومية لمدة عام أو عامين قبل أن تتسلم الشركات الخاصة مقاليد العلاقات الاقتصادية.

وختم سلهب قائلاً إن الاقتصادات الخليجية تمر بمرحلة جيدة جداً على مستوى العالم، ومن المتوقع أن يشهد اقتصادا الإمارات وقطر نمواً مهماً في عام 2023، خاصةً مع استقرار أسعار النفط إلى حد ما وبقاء التضخم في مستويات مقبولة مقارنة بالمعدلات المرتفعة في أوروبا.