انقلاب لم يكتمل أنهته وساطة بيلاروسية مع إعلان قائد مجموعة «فاغنر»، يفغيني بريغوجين، تمرداً مفاجئاً وغير متوقع ضد الرئيس فلاديمير بوتين.

توجهت الأنظار صوب روسيا مع إعلان المتمردين السيطرة على روستوف، لمراقبة الأحداث التي انتهت دون سفك الدماء مع تراجع المجموعة.

قال علي حمودي، الخبير الاقتصادي المقيم في الإمارات، في مقابة مع «CNN الاقتصادية»، «لا أعتقد أن المخاوف ستتحقق لكنها تبقى مخاوف، منذ بضعة أسابيع كان من المستحيل أن نصدق أن هناك انقلاباً ممكن أن يحدث في روسيا يمكن أن يؤثر على إمدادات النفط والغذاء».

وتابع «ما حصل في روسيا هز ثقة الجيش الروسي بالرئيس بوتين وثقة بوتين بنفسه»، مضيفاً أن كل الأحداث وانتقال قائد مجموعة «فاغنر» بريغوجين إلى بيلاروسيا وعودة المقاتلين إلى ثكناتهم كأن شيئاً لم يحدث أمر مثير للغاية يخلق عدم يقين لما سيحدث في المستقبل القريب».

وقال وزير خارجية الولايات المتحدة، أنطوني بلينكن يوم الأحد من البيت الأبيض «لا نعتقد أننا وصلنا للفصل الأخير في روسيا، والأزمة الأخيرة في روسيا أظهرت تصدعاً حقيقياً في سلطة بوتين».

في المقابل، أكَّدت الصحفية في وكالة سبوتنيك الروسية، نغم كباس، لـ«CNN الاقتصادية» أن الجيش الروسي أحد أكبر الجيوش في العالم، ولا يمكن لأي من المجموعات المسلحة ولا حتى «فاغنر»، التي ساندته في حربه على أوكرانيا بالتغلب على قوة بوتين.

وأضافت «من المؤلم أن نخسر مقاتلين كقوات «فاغنر» لكن ما حصل لا رجعة عنه، إلا إذا انضمت قوات «فاغنر» تحت لواء الجيش الروسي».

أمّا الخبير في مركز «كارنيغي» للدراسات، عبد الله باعبود، فاعتبر أن الذي حدث في روسيا هو دليل على خلافات داخل النظام الروسي، لكن لا يعني بالضرورة ضعف قبضة بوتين، وإن كانت هناك خلافات بين بريغوجين ووزير الدفاع، فمن الواضح أن هذه الخلافات انعكست على حكم بوتين.

ولكن ما الذي حصل بالفعل؟ وهل يدل على ضعف بوتين وتلاشي قبضته الحديدية؟ أم أنه أظهر قوة الرئيس في ضوء تراجع بريغوجين؟

والأهم: كيف سينعكس على مجرى الحرب الروسية– الأوكرانية، وعلى اقتصادات العالم المتأثرة بها؟

الانعكاس على مجرى الحرب في أوكرانيا

اعتبر باعبود أن ما حصل ليس بسيطاً وستكون له انعكاسات على حكم بوتين والحرب الأوكرانية تمر بمرحلة صعبة مع شن أوكرانياً هجوماً معاكساً.

وأضاف باعبود أن الجيش الروسي ليس بالقدرة والإمكانية أنفسهما من ناحية التسلح والتخطيط والرغبة القتالية، بعكس الجيش الأوكراني الذي يحظى بدعم كبير من حف الأطلسي.

وتابع باعبود أن قوات «فاغنر» كان لها دور كبير في الإنجازات العسكرية التي حققنها روسيا من خلال السيطرة على مناطق في أوكرانيا، مؤكداً أن التطورات الأخيرة قد تساعد الجيش الأوكراني على استعادة أراضي.

أمّا كباس، فقد اعتبرت أن خروج مقاتلي «فاغنر» من خضم المعركة في أوكرانيا سينعكس بالطبع على مجراها كونهم مقاتلين متمرسين بطريقة مهنية، ولكن لن يكون هذا الانعكاس الكبير لأن الحسم لا يمكن نسبه لقوات «فاغنر» فقط، بحسب قولها، مضيفة أن الجيش الروسي هو المسؤول عن «تحرير» مدن كثيرة بينما «فاغنر» سيطرت على مدينة باخموت فقط.

تداعيات عدم الاستقرار في روسيا

يقول باعبود إن عدم الاستقرار في روسيا قد يجعلها تتراجع في الحرب الأوكرانية بسبب صعوبة المحاربة على جبهات عدة.

وتابع «استمرار الحرب له إيجابيات كثيرة على الدول المصدرة للنفط وسلبيات كبيرة على تلك المستوردة للسلع كالحبوب والقمح».

وأضاف أن وقف الحرب الروسية الأوكرانية واستعادة أوكرانيا أراضيها سيسهل الأمن الغذائي وتصدير المواد الغذائية.

أما كباس، فاعتبرت أن روسيا مرتبطة بالاقتصاد العالمي بالكثير من العقود والمليارات التي تدخل يومياً وتخرج منها بما أنها من أكبر مصدري النفط والغاز، وقالت «ليس من مصلحة أحد ولا الولايات المتحدة أن يكون هناك عدم استقرار».

خطر أمني يؤثر أكثر على اقتصادات بعض الدول؟

يقول باعبود «فاغنر أجرأ ذراع عسكرية لروسيا والتي استخدمتها في سوريا وليبيا ودول إفريقية، ووجودها وانتشارها في دول الشرق الأوسط مثير للقلق كالمرتزقات الأخرى».

وأضاف أن انتشار هذه المجموعات في هذه الدول يؤثر على أمنها القومي، وبالتالي على اقتصاداتها.

وقالت كباس إن من مصلحة الاقتصادات العربية حلول الاستقرار، وأي زعزعة فيها تضر بالاقتصادات العربية التي تعاني أصلاً من أزمات.

وأضاف حمودي أن افتتاح الأسواق صباح الاثنين قد يظهر توجهاً في الاستثمار بالدولار الأميركي والين الياباني بعد حالة الزعزعة التي عاشتها روسيا، ما قد يقوي الدولار الذي أضعفه آخر اجتماع للفيدرالي عندما أقر تثبيت أسعار الفائدة ونشر تخوفاً في الأسواق، بحسب قوله.

وتابع أنه يمكن أن نشهد أيضاً ارتفاع أسهم «حبوب شيكاغو» مع التخوف من القدوم نحو الأسواق الروسية، مضيفاً أن «الثماني والأربعين ساعة القادمة ستكون حاسمة بشأن الأسواق».

من المستفيد ومن المتضرر في الشرق الأوسط؟

اعتبر باعبود أنه في حال استمرار زعزعة الاستقرار في روسيا وتراجعها عن الحرب، فسترفع العقوبات على النفط والغاز الروسي ما سينعكس سلباً على الدول المصدرة للنفط والغاز مع تراجع الطلب.

أمّا ما يخص التخوف من الأمن الغذائي، فأكّد حمودي أن أغلب الدول العربية لديها مخزون غذائي ومن المستبعد أن تؤثر التطورات على إمدادات السلع.