رغم انتهاء تمرد «فاغنر» دون إراقة دماء، وتوجه قائد المجموعة يفغيني بريغوجين إلى بيلاروسيا بعد تدخل رئيسها ألكسندر لوكاشينكو حليف الرئيس الروسي فلاديمير بوتن للوساطة، فإن ذلك لم يحل للبعض لغز بداية هذا التمرد: ما الذي حدث فالفعل؟ ولم يجب عن السؤال الأهم: مَن الرابح الفعلي؟ ومَن الخاسر؟
«فاغنر» مجموعة عسكرية اقتصادية تدير مرتزقة استخدمها بوتن في حروب عدة، وبرز نجم بريغوجين مؤخراً في الحرب في أوكرانيا مع قتال أعضائها جنباً إلى جنب مع الجيش الروسي.
وفي الماضي، أسهمت المجموعة بحماية حقول النفط الليبية في المناطق التي تقع تحت سيطرة اللواء حليفة حفتر عام 2014، كما حمت حقول النفط في سوريا في المناطق التابعة للرئيس السوري بشار الأسد.
ورغم نفي رئيس المجموعة بريغوجين أي مشاركة في القتال القائم في السودان، فإن قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو، قد اتهم المجموعة بدعم الجيش السوداني.
فهل لعب التمرد الذي وضع روسيا على حافة الهاوية لمدة أربع وعشرين ساعة يوم السبت لصالح الرئيس بوتين أمْ ضده؟
الرابح الأكبر من تمرد «فاغنر»؟
«الرابح الأكبر هو الرئيس بوتين» و«الخاسر الأكبر هو الرئيس بوتين»، رأيان متعارضان حصلت عليهما «CNN الاقتصادية» في مقابلتين مع محمود الأفندي، المحلل السياسي والأستاذ في الأكاديمية الروسية، ومن الخبير اقتصادي ومدير «معهد المشرق للشؤون الاستراتيجية» سامي نادر.
فقد اعتبر الأفندي أن نتيجة عملية 24 يونيو حزيران تظهر أن مجموعة «فاغنر» أصبحت اليوم تحت سيطرة بوتين بشكلٍ كامل ومباشر بعد أن كانت تحت إدارة بريغوجين، معتبراً أنها «كشفت الخونة الذين كانوا يقومون بعمليات داخلية ومنها تفجير جسر القرم».
في المقابل، رأى نادر أن انتكاسة من هذا النوع تساعد المعسكر المضاد.
وأضاف نادر أن ما حدث «زعزع قيادة وهيبة الرئيس بوتين»، خاصة أن بريغوجين «خرج خروجاً لائقاً، ما يهدد صورة بوتين ويفقده جهازاً كان مسؤولاً عن إنجازات كبيرة خارج روسيا»، بحسب قوله.
بوتين رابح أمْ خاسر اقتصادياً؟
قال الأفندي «فاغنر أُنشئت كقوة عسكرية لحماية المنشآت والاستثمارات الاقتصادية الروسية خارج روسيا في أوقات الحروب، وأسسها عسكريون قدامى متقاعدون في الجيش الروسي لينتقلوا إلى خارج البلاد كما فعلوا في سوريا وليبيا والشيشان».
وتابع قائلاً إنه رغم التوجه الرأسمالي، ورغم قيادة بريغوجين، فإن كل الدخل الذي تؤمّنه فاغنر يذهب مباشرةً إلى الحكومة الروسية التي تقع في قبضة بوتين، شارحاً أن قيادة «فاغنر» إنما هي للإدارة فحسب و«لا تضخ إلّا في الميزانية الروسية، تماماً مثل شركة غازبروم».
في المقابل، اعتبر نادر أن بوتين خسر اقتصادياً جهازاً مهماً لدخله، وقال «فاغنر قوة عسكرية اقتصادية تجارية في مجال الخشب والألماس والمواد الأولية، وكانت تشكّل مصدر دخل لروسيا وبوتين، خاصة ما يتعلق بنشاطاتها في الخارج».
