توقيعه يحتل جميع أوراق الليرة اللبنانية التي تزحم بأصفارها جيوب المواطنين اللبنانيين على الرغم من تبخر قيمتها، رياض سلامة، حاكم مصرف لبنان المركزي منذ ثلاثين عاماً، الذي اعتلى قمة الجهاز المصرفي اللبناني عام 1993 ولم ينزل عنه حتى الآن.
قراره بحجز ودائع المواطنين الدولارية كان بداية الأزمة التي أدت إلى انزلاق الليرة اللبنانية لتفقد أغلب قيمتها، وهو ما فتك بجيوب المواطنين وأدى لتطاير مدخراتهم.
معدل التضخم في لبنان هو الأعلى عالمياً، إذ وصل إلى 171.2 في المئة، مترافقاً مع تدهور كبير لليرة اللبنانية التي بلغت خسائرها نحو 98 في المئة في فبراير شباط الماضي.
أيدت محكمة استئناف باريس هذا الأسبوع قراراً بالحجز على حسابات مصرفية وأصول يمتلكها سلامة في العديد من المدن الأوروبية، تشمل شققاً في الدائرة السادسة عشرة في باريس وجادة الشانزليزيه، وهما من أرقى أحياء العاصمة الفرنسية، بالإضافة إلى عقارات أخرى في كل من بريطانيا وبلجيكا.
صدر الحكم بناء على مراجعة قدَّمها وكلاء الدفاع عن رياض سلامة أمام محكمة الاستئناف للطعن بعمليات حجز قامت بها فرنسا على أصول وممتلكات لموكّلهم تقدّر قيمتها بعشرات الملايين من اليورو.
وأعلنت فرنسا وألمانيا ولوكسمبورغ في أواخر مارس آذار 2022 تجميد 120 مليون يورو من الأصول اللبنانية، وذلك إثر تحقيق استهدف سلامة وأربعة من المقربين منه، بينهم شقيقه رجا سلامة.
يتعلَّق التحقيق بقضايا غسل أموال واختلاس أموال عامة في لبنان بما تتخطى قيمته 330 مليون دولار وخمسة ملايين يورو على الترتيب بين 2002 و2021.
ويُشتبه في أنَّ سلامة (72 عاماً) حصل على هذه الأملاك والأصول بواسطة عمليات مالية معقّدة واختلاس مبالغ كبيرة من الأموال العامّة في لبنان حيث يتولّى قيادة البنك المركزي منذ ثلاثة عقود وتربطه علاقة وثيقة بالطبقة السياسية.
وهذه القضية محل تحقيقات في دول أوروبية عديدة بالإضافة إلى تحقيقات في لبنان نفسه.
ويرفض لبنان تسليم مواطنيه المطلوبين للعدالة من دول أجنبية ويطلب محاكمتهم على أراضيه.
وفي 16 مايو أيار أصدرت القاضية الفرنسية المكلّفة بالتحقيق في أموال وممتلكات سلامة في أوروبا مذكرة توقيف دولية بحقه، بعد تغيبه عن جلسة استجواب استدعته إليها في باريس.
وينفي سلامة، الذي تنتهي ولايته في يوليو تموز الحالي، جميع الاتهامات الموجّهة إليه، ويعتبر أن ملاحقته تأتي في سياق حملة سياسية وإعلامية «لتشويه» صورته.
لم يُعرف بعد إن كان سلامة سينال فترة جديدة حاكماً لمصرف لبنان، لكن السلطات اللبنانية فشلت في إخطاره بالاستدعاء رغم محاولة قوات الأمن تسليمه الإخطار في مقر البنك المركزي اللبناني أربع مرات.