تغيرات دراماتيكية شهدتها مصر على مدار العقود الأخيرة، فالمشهد الاقتصادي الحالي لم يكن نتاج يوم أو ليلة، بل تَرِكة مثقلة خلَّفتها سياسات اقتصادية على مدى سنوات طويلة.

التضخم وزيادة الأسعار

تمكّن الاقتصاد المصري من تحقيق معدلات نمو عالية في النصف الأول من ستينيات القرن الماضي، وتغيير في الهيكل الاقتصادي، مع تحقيق مستوى معقول من الاكتفاء الذاتي في الغذاء دون أن تتحمل البلاد عبئاً ثقيلاً من المديونية الخارجية، كما تدخلت الحكومة وقتها في تفاصيل النشاط الاقتصادي، وخضعت الأسعار للسيطرة الإدارية.

على النقيض من ذلك، تسببت سياسة الانفتاح الاقتصادي منذ 1974 حتى 1986، في تراجع التدخل الحكومي دون تطبيق سياسة الحرية الاقتصادية بحذافيرها، وترتب على ذلك زيادة تدريجية في عجز الموازنة، إذ استمرت سياسة التحديد الإداري لأسعار بعض المنتجات الزراعية والصناعية بشكل لم يشجع الاستثمار الخاص في هذه القطاعات، في حين تراخى معدل الاستثمار العام في كل منهما.

ووصل سعر كيلو اللحم عام 1977 إلى جنيه كامل لأول مرة في تاريخه، ما تسبب في انتفاضات شعبية ومظاهرات تندد بضياع هيبة الجنيه المصري.

وبعد أن كان إنتاج مصر الحيواني يكفي احتياجاتها السنوية، أصبحت مصر تستورد اللحوم من 18 دولة، في أعقاب سياسة الانفتاح الاقتصادي.

منذ ذلك الحين، استمر كيلو اللحم في الارتفاع بوتيرة سريعة حتى وصل إلى ما يتراوح بين 280 و340 جنيهاً في 2023.

وقال الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي خلال جلسة حوارية ضمن فعاليات «المؤتمر الوطني للشباب» في الإسكندرية في 14 يونيو حزيران، إن مصر لا تصنع الأعلاف، لكن تستوردها من الخارج، وعند تسعيرها يتم الأخذ في الاعتبار سعر الجنيه مقابل الدولار، وهو ما تسبب في ارتفاع سعر اللحوم إلى 300 جنيه للكيلو.

وقال السيسي إن الدولة تستورد طن اللحم بألفَي دولار من الخارج، مضيفاً أن هناك فرقاً بين أيام كان سعر الدولار فيها عند 6 جنيهات، والآن أصبح بـ30 جنيهاً.

الزيادة السكانية

أمر آخر أثر على الأداء الاقتصادي لمصر وهو مواصلة تأثير النمو السكاني على نوعية الحياة بشكل عام، إذ له تأثير مباشر على ارتفاع أسعار السلع والخدمات الضرورية بسبب زيادة الطلب عليها، ما يتسبب في معاناة القطاعات الأشد فقراً من السكان.

بنهاية ستينيات القرن الماضي وصل عدد سكان مصر إلى ما يقل بقليل عن 34 مليون نسمة، ولكنه ارتفع، منذ ذلك الحين، بشكل مطرد ليتخطى 110 ملايين نسمة العام الماضي، وفقاً لبيانات البنك الدولي، إذ أصبحت مصر تستقبل مولوداً جديداً كل عدد محدود من الثواني.

وكان الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي قال على هامش فعاليات القمة العالمية للحكومات المنعقدة بدولة الإمارات في فبراير شباط الماضي، إن تعداد السكان من المتوقع أن يزداد بمقدار 50 مليون نسمة بحلول 2050.