أطلقت مصر عدداً من المبادرات تهدف في الأساس إلى تدبير الدولارات ومجابهة الظروف الصعبة التي يمر بها الاقتصاد المصري، إذ تفاقم الدين الخارجي ليصل إلى 165 مليار دولار بحسب بيانات وزارة التخطيط، منها نحو 39 مليار دولار تحل آجالها حتى نهاية عام 2024، ما دفع البلد الذي يعاني شحاً شديداً في موارده من النقد الأجنبي إلى مبادرات تنقب عن العملة الصعبة في جيوب المواطنين.

من هذه المبادرات طرح شهادات دولارية من إصدار أكبر بنكين حكوميين، الأهلي ومصر، بعوائد تصل إلى تسعة في المئة، مع إعلان أحد كبار المسؤولين بالبنك الأهلي قبول أي مبالغ قد يرغب المواطنون في إيداعها.

وتسبب التضخم الحاد، الذي وصل لمستويات قياسية في شهر يونيو حزيران، والتراجع المتتالي لقيمة الجنية المصري الذي فقد نحو 62 في المئة من قيمته منذ مارس آذار من العام الماضي، إلى لجوء الكثير من المواطنين إلى التحوط بالدولار الأميركي لحماية مدخراتهم.

يعني هذا وجود مبالغ كبيرة من العملة الصعبة في جيوب وبيوت المصريين، والدولة، ممثلة في بنوكها، تسعى للحصول عليها للمساعدة في تخطي أزمتها.

ولم يشهد التاريخ المصري تعثر الحكومة في سداد ديونها منذ نهاية حكم الخديوي إسماعيل في النصف الثاني من القرن التاسع عشر.

وتزامنت المبادرة الثانية المعنية بتوفيق أوضاع المواطنين الذين تخلفوا أو تهربوا عن أداء الخدمة العسكرية مع مبادرة شهادات البنك الأهلي ومصر، إذ سيتمكن مرتكبو هذه «الجريمة»، بحسب القانون المصري، من توفيق أوضاعهم وتجديد أوراقهم الثبوتية بعد سداد خمسة آلاف دولار في أحد الحسابات الخاصة ببنك مصر، ويستهدف هذا الإجراء الكثير من المصريين بالخارج.

تسبب القرار الذي نُشر في الجريدة الرسمية في مقارنة بعض المعارضين المبادرة بقانون البدلية الذي سُن في العام 1886 في عهد الخديوي توفيق، ولكن البدلية كان شراء للإعفاء من الخدمة العسكرية مسبقاً وهو ما لا ينطبق اليوم.

وسبق ذلك كله، إطلاق مبادرة إعفاء سيارات المصريين المقيمين في الخارج من الجمارك مقابل تسديد وديعة دولارية تسترد قيمتها بالجنيه بعد خمس سنوات حسب سعر صرف الدولار مقابل الجنيه وقت حلول أجلها، وكانت وزارة المالية قد أعلنت تحصيل 763 مليون دولار بفضل هذه المبادرة، وهو ما يمثل أقل من عشرة في المئة من المبلغ المعلن استهدافه وقت إطلاق المبادرة وهو خمسة مليارات دولار.

ولم يعلن البنك الأهلي أو بنك مصر عن حصيلة بيع الشهادات الدولارية الجديدة، كما لم تعلن وزارة الخارجية المصرية التي تنظم عملية تسوية أوضاع المتخلفين عن أداء الخدمة العسكرية عن حجم الأموال التي تم جمعها.

كما أعلنت الدولة عزمها إطلاق وثيقة معاش تقاعد بالدولار للمصريين بالخارج، من خلال شركة مصر لتأمينات الحياة التابعة لشركة مصر القابضة للتأمين، وبالتعاون مع البنك الأهلي المصري، وفقاً لمصدر مسؤول بالهيئة العامة للرقابة المالية المصرية.