بعد الإعلان عن انضمام الإمارات والسعودية ومصر لمجموعة بريكس خلال قمة 2023، قال وزير الاقتصاد الإماراتي، عبد الله بن طوق المري، إن الإمارات تخطط لزيادة مساهمتها المالية في بنك التنمية الجديد، المعروف أيضاً ببنك بريكس.

وقال يسار جرار، مدير شركة «أيه أي جي» للاستشارات والأستاذ في كلية هالت العالمية للأعمال، لـ«CNN الاقتصادية»، إن السعودية بصدد دراسة مساهمتها في بنك التنمية الجديد.

وشرح جرار، الذي لفت إلى أن منظمة بريكس دخلت مرحلة المأسسة، «أن شروط الانتساب إلى مجموعة بريكس لا تفرض على الأعضاء إلزامية المساهمة في المصرف».

فتكتل البريكس وبنك التنمية الجديد هما كيانان مختلفان ومستقلان كما أعرب أزمُت توفيق الشريك الإداري في «بلو مونسون كابيتال» للاستشارات المالية لـ«CNN الاقتصادية».

ورجّح توفيق إمكانية مساهمة الأعضاء الجدد في مجموعة بريكس ببنك التنمية الجديد، موضحاً أن شرط عدم الإلزامية من الأمور المهمة وفي صلب الهندسة الإدارية المفتوحة لسياسة المصرف.

وكان البنك قد تأسس عام 2015 بمساهمة دول البريكس الأساسيين (الصين والبرازيل والهند وروسيا وجنوب إفريقيا) بهدف توفير سيولة للمشاريع التنموية والنمو الشامل في الدول الأعضاء و الأسواق الناشئة ليكون بمثابة المصرف البديل والموازي للبنك الدولي، بحسب جرار.

.

رأس مال متواضع

تصل قيمة رأس مال المصرف إلى 100 مليار دولار بحصص متساوية للأعضاء الأساسيين، أما الأعضاء الجدد كالإمارات ومصر وبنغلادش فلا تتجاوز نسبة مساهماتهم الواحد أو الاثنين في المئة.

وكشف أزمُت توفيق عن «أن قيمة رأس المال المصرح به هو 100 مليار دولار، أما المكتتب به فلا يتعدى 50 مليار دولار والمدفوع منه لا يتجاوز عشرة مليارات دولار وفارق 40 مليار دولار هو رأس مال مضمون تحتفظ به الدول الأعضاء لتقدمه عند الحاجة».

ووصف ذلك بالعمل الطبيعي في مؤسسات التمويل الدولية، ولكنه شدد على ضرورة أن تكون للمصرف قاعدة رأسمال قوية.

وعن الدور الذي ستلعبه دول الخليج كعضو فاعل في المصرف أجاب توفيق «في حال زادت الإمارات من مساهمتها ودخلت السعودية كعضو قوي فسيسهم ذلك في رفع الجدارة الائتمانية للمصرف».

من جهته، وصف جرار هذه الخطوة -إذا ما اكتملت- بالعامل الذي سيغيّر قواعد اللعبة شريطة أن تكون مساهمة المملكة كبيرة في البنك ليحقق قفزة نوعية في قاعدة الرأسمال.

وكان مصرف بريكس قد موّل على مدى السنوات الثماني الماضية نحو 96 مشروعاً بقيمة إجمالية وصلت إلى 32.8 مليار دولار، حسب ما جاء على الموقع الإلكتروني للمصرف. وتوزعت المشاريع على عدة قطاعات كالطاقة النظيفة والطاقة الفعّالة والبنى التحتية لقطاع النقل والمياه والصرف الصحي والبنى التحتية الرقمية.

نالت الصين (25%) والهند (24%) على التوالي حصة الأسد من التمويلات، فيما تساوت كل من البرازيل وجنوب إفريقيا (18%) ونالت روسيا (14%) ولم تتعد نسبة تمويل المؤسسات الدولية الواحد في المئة، وفق تقرير المستثمرين الصادر عن بنك التنمية.

وبقي الدولار العملة الأساسية للتمويل بنسبة 68 في المئة، فيما وصلت نسبة التمويل باليوان الصيني إلى 18 في المئة ولم تتعد نسبة اليورو الـ8%.

تحديات وفرص

وصف جرار مقومات المصرف «بالمتواضعة كي لا نقول ضعيفة»، معتبراً أن المصرف لا يزال وليداً وتأثر في المراحل السابقة بالأزمات الاقتصادية العالمية كانخفاض أسعار النفط وجائحة كورونا.

وأضاف جرار أن «المصرف هو الذراع المالية لمجموعة بريكس لكن أمامه تحديات جمة كتلك المتعلقة برأس المال، والخبرات والمنافسة من قبل مؤسسات تمويل التنمية الدولية كالبنك الدولي وبنك التنمية الإفريقي والبنك الآسيوي للاستثمار في البنى التحتية».

وأوصى أزمُت توفيق بضرورة انفتاح المصرف على غيره من مؤسسات التمويل الدولية والتعاون المثمر فيما بينها كون حاجات التنمية في العالم تتجاوز بأشواط قدرات التمويل لدى هذه المؤسسات مجتمعة.

وفند توفيق التحديات الواجب تجاوزها ليتمكن المصرف من كسب الثقة والجدارة الائتمانية مثل التزام المساهمين بالرفع من قاعدة رأس المال وهيكلة الحوكمة والإدارة القوية والقرارات المستقلة ورسم استراتيجية واضحة والفصل بين العوامل والقدرة على التنفيذ.

وشدد توفيق على أهمية أن يكون هناك مصرف من وإلى «دول الجنوب» كون دول الأسواق الناشئة تعاني من أعباء الاقتراض بالدولار نظراً لفرق سعر الصرف وعوامل أخرى، معرباً عن أنه حان الوقت لكل مؤسسات تمويل التنمية الدولية درس إمكانية إعطاء القروض بعملات مختلفة ولو أن الإدارة المحاسبية ستكون أكثر تعقيداً.

وعن الجدلية القائمة حيال حاجة العالم إلى التسوية بعملات مختلفة، قال توفيق «على بنك التنمية تجنب الجدل السياسي مثل الدولرة وغيرها من المواضيع والتركيز على الحاجات التقنية لتمويل مشاريع وأعمال وحاجات التنمية بعملات مختلفة، والتي تعتبر بحد ذاتها حاجة أساسية».

ونصح توفيق بضرورة تركيز بنك بريكس على استقلالية الإدارة والحوكمة والهيكلة المؤسساتية للمصرف.

وقال «سيتطلب مسار تحقيق هذه الأمور آجالاً طويلة، لكنه أمر سيكسب المصرف الثقة والجدارة الائتمانية المنشودة والتي يحتاج إليها لتعزيز التمويل سواء عبر رفع رأس مال أو حصص المساهمة أو تمويل الديون في أسواق المال العالمية».