أثار موقف رئيسة وزراء إيطاليا جورجيا ميلوني في ختام قمة العشرين في نيودلهي استغراب الموجودين بعد إعلانها أن بلادها لم تحسم بعد قرارها بشأن الانسحاب من مبادرة «الحزام والطريق»، وجاء ذلك بعد لقاء ميلوني نظيرها الصيني لي تشيانغ مشددة على أن العلاقات بين روما وبكين «لن تكون مهددة» في حال قررت الأولى الانسحاب من المبادرة، وفق ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.

ولكن في المقابل، اعتبر بعض المحللين أن هذا الإعلان سينعكس سلباً على العلاقات الصينية- الإيطالية، واعتبر الإعلان ضربة في المرمى الصيني في ظل التوترات الجيوسياسية التي تعيشها مع الولايات المتحدة، وفي مقابلة مع «CNN الاقتصادية»، قال مازن سلهب، كبير الاستراتيجيين في «بي دي سويس» إن إمكانية انسحاب إيطاليا من المبادرة ستمنع التشرذم الذي كانت تحاول الصين خلقه داخل الاتحاد الأوروبي من خلال التركيز على التحالفات الفردية بدلاً من التعامل مع الاتحاد ككتلة واحدة.

وتابع سلهب أن المبادرة الصينية قد لا تجد طريقاً لها في القارة الأوروبية بسبب عدم اقتناع الأوروبيين بقدرة الصين على السيطرة الاقتصادية والسياسية.

وأضاف أن إعلان إيطاليا عن إمكانية الانسحاب يضع المزيد من القيود أمام جهود الصين في التوسع الاقتصادي، وهو خسارة كبيرة للصين سياسياً.

حجم التبادل التجاري بين الصين وإيطاليا

وأشار سلهب إلى أن الاستثمارات الصينية المباشرة في إيطاليا تراجعت من 650 مليون دولار في عام 2019 إلى 33 مليون دولار في 2021، وأن الصادرات الصينية ارتفعت من 33 مليار دولار إلى 55 مليار دولار، ولكن الصادرات الإيطالية إلى الصين بلغت نحو 18 مليار دولار.

واعتبر أن ذلك دليل واضح على أن إيطاليا تتجنب إثارة غضب الولايات المتحدة الأميركية، الشريك الاقتصادي والسياسي الأكبر، ولا الشركاء الأوروبيين غير المطمئنين للتمدد الصيني الاقتصادي.

وأكّد سلهب أن إيطاليا تحاول في الوقت ذاته، مراعاة الصين من خلال «مسك العصا من المنتصف» خوفاً من ردات فعل انتقامية اقتصادية وتجارية «لا تستطيع إيطاليا مواجهتها» خاصة مع مرور منطقة اليورو بتحديات اقتصادية غير مسبوقة حسب قوله.

كيف يمكن أن تتجنب إيطاليا تبعات إمكانية الانسحاب؟

يعتبر سلهب أن إيطاليا يمكن أن تركز على تعزيز العلاقات التجارية مع الصين بدلاً من السير في مبادرة «الحزام والطريق»، وختم قائلاً إنه إذا أرادت الصين القيام بردة فعل انتقامية، فستخسر إيطاليا ملايين الدولارات بالتبادلات التجارية.

واعتبر سلهب أن إيطاليا عليها إرضاء الطرفين، الشريك الأميركي الأقوى سياسياً واقتصادياً من جهة، ومن جهة أخرى الصين، الشريك التجاري.