ضمن مساعي تحقيق الشفافية ومكافحة الفساد من خلال تطبيق قانون حق الوصول إلى المعلومات، تقدمت منظمة الشفافية في لبنان -وبالتعاون مع 13 منظمة من المجتمع المدني والقطاع الخاص- بطلب إلى خمس وزارات من أجل النشر الحكمي للمعلومات.

وطالبت المنظمات وزارة المالية اللبنانية ببيان لكل المبالغ التي صُرفت من حساب حقوق السحب الخاص، وبيان من وزارة الصحة عن الهبات العينية والنقدية واللقاحات أثناء جائحة كورونا.

كما طالبت المنظمات وزارة الأشغال العامة بنسخة من عقد إدارة وتشغيل الحاويات في مرفأ بيروت، ومعلومات عن الهبات النقدية والعينية خلال انتخابات 2022، وتقدمت بطلب أيضاً إلى هيئة إدارة قطاع البترول للحصول على معلومات عن الشركات الحاصلة على عقود للخدمات من الشركات حاملة التراخيص.

وكانت الحكومة اللبنانية قد أقرّت هذا القانون منذ عام 2017، كونها عضواً في اتفاقية الأمم المتحدة للحد من الفساد ويترتب عليها سن تشريعات مُلزمة للحد من ظاهرة الفساد المستشرية في لبنان.

وحلَّ لبنان في مؤشر مدركات الفساد لعام 2022 الذي تصدره منظمة الشفافية الدولية بشكل سنوي في المرتبة الـ158 من إجمالي 180 دولة شملها المؤشر.

العبرة في التطبيق

وعلى الرغم من إقرار القانون اعتبر آنذاك خطوة كبيرة على صعيد تطوير القوانين اللبنانية من أجل تعزيز دولة القانون واعتماد مبادئ الشفافية في إدارة الشأن العام ومواكبة طروحات الإصلاح ومكافحة الفساد، فإن الممارسات لم تكن بحجم التوقعات.

وقال جوليان كورسون المدير التنفيذي للجمعية اللبنانية لتعزيز الشفافية لـ«CNN الاقتصادية» إن تطبيق قانون حق الوصول إلى المعلومات يتسم «بالانتقائية ويتم بطريقة جزئية»، لافتاً إلى ضرورة تدريب الكوادر الإدارية على كيفية القيام بذلك وتذليل كل العقبات الإدارية التي يواجهونها للتخلص من ثقافة السرية الموجودة عند البعض.

ومن جهته، قال زياد عبدالصمد، المدير التنفيذي لشبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية، إن «العبرة في التطبيق»، داعياً إلى ضرورة توضيح الاستثناءات الواردة في القانون كونها جاءت مطاطة ومفتوحة على كل الاحتمالات، على حد قوله.

وأضاف أن ذلك يعيق تنفيذ القانون بما لا يؤدي إلى شفافية المعلومات.

وشدّد كورسون وعبدالصمد على ضرورة تفعيل دور هيئة مكافحة الفساد والتصديق على نظامها الداخلي، مشيرَين إلى أنه كان يجب التصديق عليه خلال ثلاثة أشهر فيما لا تزال المماطلة سيد الموقف، على حد قولهما.

وأشارت دراسة قامت بها مؤسسة مهارات إلى أن القانون لم تستتبعه «خطوات إجرائية لوضعه موضع التنفيذ الفعلي، كما أن الإدارات العامة المشمولة بأحكامه لا تزال تتجاهله، فضلاً عن أنه لم يدخل بعد في عادات الإعلاميين والمجتمع المدني لاستخدامه في آليات عملهم، وقد أظهر مسح المواقع الإلكترونية للإدارات العامة تجاهلها ما ينص عليه القانون حول ضرورة نشر بياناتها».

الآثار الاقتصادية للفساد

الحق في الوصول إلى المعلومات هو حق من حقوق الإنسان وأداة أساسية تمكِّن المواطنين ودافعي الضرائب من مساءلة الحكومات، والمشاركة في الحياة العامة، ومحاربة الفساد من خلال المعرفة.

وعادة ما تكون مستويات الفساد في اقتصادات الأسواق الناشئة أعلى بكثير مقارنةً بالدول المتقدمة، ويمكن أن يؤدي تفشي الفساد إلى توزيع غير متساوٍ للثروة وتخصيص غير فعََّال للموارد البشرية والمالية وزيادة في الإنفاق العام دون تحقيق أهداف التنمية المطلوبة.

وتواجه الاقتصادات المتسمة بالفساد احتكارات وتفشياً لاقتصاد الظل والمنافسة غير العادلة للشركات الصغيرة والمتوسطة وهجرة الشباب نتيجة الحد من الريادة والابتكار والفرص، كما تتدهور جودة التعليم والرعاية الصحية في ظل الاقتصاد الفاسد، ما يؤدي إلى انخفاض مستوى المعيشة بشكل عام.

وتؤدي كل هذه العوامل مجتمعةً إلى تراجع الاستثمار الأجنبي وضعف القدرات التنافسية لبيئة الأعمال.

ووفقاً للبنك الدولي، فإن متوسط الدخل في البلدان التي ترتفع فيها مستويات الفساد يبلغ نحو ثلث نظيره في البلدان ذات المستويات المنخفضة من الفساد.

وأصبح هذا الحق من أساسيات الاتفاقيات الدولية وشرطاً مهماً في معايير منح الدول التمويلات اللازمة من المجتمع الدولي، لكونه مرتبطاً ارتباطاً شديداً بأهداف التنمية الاقتصادية.