فرض الصراع بين إسرائيل وغزة نفسه على مناقشات اليوم الثاني لاجتماعات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي في مراكش، إذ توقع الصندوق تأثيراً على اقتصادات دول منطقة الشرق الأوسط جرّاء هذا الصراع.

سيأتي التأثير مع استمرار ارتفاع أسعار النفط التي سجّلت ارتفاعاً ملحوظاً في الأيام الماضية بواقع أربعة في المئة.

وقال المستشار الاقتصادي ومدير إدارة البحوث في صندوق النقد، بيير أوليفييه غورينشا، في مؤتمر صحفي بمناسبة إطلاق تقرير آفاق الاقتصاد العالمي للصندوق «ما يمكن قوله إنه من المبكر أن نقدّر الأمور بشكل دقيق، لكن واحداً من الأمور التي لاحظناها بالفعل أن أسعار النفط ارتفعت خلال الأيام الماضية بنحو أربعة في المئة، وهي أوضاع نراها عادةً في ظروف عدم الاستقرار الجيوسياسية».

ويعكس ارتفاع أسعار النفط المخاطر المحتملة التي قد تعيق إمدادات أو انتقال النفط في المنطقة، بحسب غورينشا.

وتسببت عملية طوفان الأقصى في ارتفاع كبير لأسعار النفط بأكثر من أربعة في المئة مع زيادة التوترات في المنطقة، كما أعلنت إسرائيل تعليق الإنتاج مؤقتاً من حقل غاز تمار البحري قبالة ساحلها الجنوبي، وستبحث عن مصادر وقود بديلة لتلبية احتياجاتها، وذلك في أعقاب الهجوم العسكري الذي شنته حركة حماس على إسرائيل.

وقدمت إدارة صندوق النقد الدولي تصوراً لما يمكن أن تجري عليه الأمور في حال ارتفاع أسعار النفط عشرة في المئة، وقال «في هذا الحال سينخفض الناتج العالمي العام المقبل بواقع 0.15 في المئة، وسيرتفع معدل التضخم العالمي بواقع 0.4 في المئة».

وقال غورينشا إنه من المبكر التوقع بالتأثير الاقتصادي لحرب غزة، لكن من الممكن أن تؤثر على اقتصاد المنطقة بالكامل.

الصراع بين إسرائيل وغزة والاقتصاد العالمي

بحسب مسعود أحمد، المدير السابق لإدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي والرئيس الحالي لمركز التنمية العالمية، فإن تأثير أزمة الصراع بين إسرائيل وغزة يتوقف على حجم الأزمة، وإنْ كانت ستطول أم لا، ومن ثَمَّ ينعكس الأمر على الاقتصاد العالمي.

وأضاف لـ«CNN الاقتصادية» أن أسعار النفط قد صعدت بعد شهور من الانخفاض، وبينما يتوقع صندوق النقد الدولي أن يسجل نمو الاقتصاد العالمي ثلاثة في المئة، فإن صدمة جديدة قادمة قد تؤثر على النمو حال استمرار الأزمة.

وثبت صندوق النقد الدولي في تقرير آفاق الاقتصاد توقعاته لنمو الاقتصاد العالمي لعام 2023 عند ثلاثة في المئة مقارنةً بتوقعات يوليو تموز، بينما خفض توقعات عام 2024 بواقع 0.1 نقطة مئوية إلى 2.9 في المئة، وهو تباطؤ ملحوظ مقابل نمو بلغ 3.5 في المئة في 2022.

وبحسب أحمد فإن أحداً لم يتوقع أن تأتي هذه الأزمة و«علينا وضع مخطط لمساعدة الدول للتعامل مع هذه الأزمات»، مشيراً إلى أن صندوق النقد لديه الأدوات بالفعل.

وقال محللون لوكالة رويترز إن الصراع الحالي قد يؤدي إلى آثار سلبية غير متوقعة لا يمكن التنبؤ بها على الاقتصاد العالمي الذي يشهد بالفعل تباطؤاً مستمراً، في وقتٍ تحاول فيه الأسواق الأميركية التكيّف مع احتمال مواصلة الاحتياطي الفيدرالي سلسلة رفع أسعار الفائدة لفترة أطول مما كان يتوقع المستثمرون.

وقال المحلل الاقتصادي بشركة نورثرن تراست، كارل تانن باوم، إن حالة عدم اليقين الاقتصادي تؤدي إلى تأخير عملية صنع القرار وتزيد من المخاطر بشكلٍ عام خاصةً بالمناطق التي توجد فيها عمليات استكشاف النفط.

ويبرز الصراع بين إسرائيل وغزة بينما يزدحم جدول أعمال قادة المال العالميين المجتمعين في اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين لتقييم أداء الاقتصاد العالمي الذي لا يزال في حالة تذبذب شديد بسبب جائحة كورونا والتوترات التجارية المتزايدة.

وبحسب مدير إدارة الشرق الأوسط السابق، فإن العالم يعيش صدمة تلو الأخرى، ومثل هذه الاجتماعات القائمة يمكنها أن تنتهي بمخرجات لمساعدة الدول الأكثر هشاشة في هذه الأزمات.