تماشياً مع التحول الرقمي الذي يشهده العالم، تسارعت مؤخراً وتيرة التكنولوجيا المالية في مختلف أوجه الخدمات المالية الإسلامية، ما اعتبره بشار الناطور رئيس قسم التمويل الإسلامي في فيتش رافعة أساسية لتمكين الشمولية وتسريع انتشار الخدمات المصرفية الإسلامية.
وأضاف «أن الصناعة المالية الإسلامية مرَّت بمراحل مفصلية، واستطاعت الابتكار في مجالات معيّنة، لا سيّما بطاقات الدفع والائتمان، لكن يبقى هناك نقص في مجالات أخرى كالمشتقات المالية على سبيل المثال».
وأوضح أن المعيار الأساسي في اللحاق بركب الابتكار يتطلب توفر الشروط اللازمة كالحاجة والبيئة التشريعية المناسبة والحافز الاقتصادي.
الفينتك الإسلامي والصكوك الذكية
قفز التمويل الإسلامي بنسبة 9.4 في المئة، وفق تقرير ستاندرد آند بورز، وتصل قيمة الاقتصاد الإسلامي إلى تريليونَي دولار مع حجم أصول يقارب أربعة تريليونات، وفقاً لتقرير حالة الاقتصاد الإسلامي العالمي 2022.
ونشطت مؤخراً عدة مبادرات في مجال التكنولوجيا المالية الإسلامية في دول منظمة التعاون الإسلامي، وبلغ حجم سوق الفينتك الإسلامي في عام 2021 نحو 79 مليار دولار، وفقاً لتقرير صدر عام 2022 عن مؤسسة دينار ستاندرد للبحوث والاستشارات.
ويشير التقرير إلى أن حجم الفينتك الإسلامي بلغ 79 مليار دولار في عام 2021، وهو ما يمثل 0.83 في المئة من إجمالي معاملات التكنولوجيا المالية العالمية، وعلى الرغم من صغر حجم سوق التكنولوجيا المالية الإسلامية، فمن المتوقع أن يصل إلى 179 مليار دولار بحلول عام 2026، متجاوزاً النمو السنوي المركب للتكنولوجيا المالية التقليدية البالغ 13.5 في المئة خلال الفترة نفسها.
وبينما يتركز نحو 30 في المئة من المسلمين حول العالم في جنوب شرق آسيا، فإن عدد شركات التكنولوجيا المالية الإسلامية التي تخدمهم لا يزال يمثل أقل من سبعة في المئة من هذا النوع من الشركات في جميع أنحاء العالم.
وأشار ناطور إلى أن تبني تكنولوجيات الفينتك يتفاوت بين الدول، شاملاً الدفع والتمويل والوقف والصدقة والزكاة والاستثمار في العملات الرقيمة، لافتاً إلى اهتمام بعض البلدان لا سيّما دول الخليج، حيث أصبح تبنّي هذه الحلول أكثر انتشاراً وسرعة.
أما عن تطور صناعة الصكوك الذكية، فقال ناطور إن حجمها لا يزال ضئيلاً بسبب الافتقار إلى المنصات المناسبة والوعي الكافي، موضحاً أن هذه المعوقات تحول دون تطور سوق السندات التقليدية نفسها.
مطرقة الشريعة وسندان التشريع
لا تزال العملات الرقمية والمشفرة موضوع جدل ساخن في الصناعة المالية الإسلامية، البعض يرفضها والآخر يتريث في البت في شرعيتها، حسب الناطور الذي شدد على أن الحاجة هي أم الاختراع.
وتساءل إذا ما كان هناك حاجة أساسية في موضوع العملات الرقمية.
وأضاف الناطور أن العملات الرقمية ليست متطورة في أغلب الدول الإسلامية، وهي تتفاوت وفق النظم المتبعة، مميزاً بين حزمة من المعوقات بعضها مرتبط بالشريعة الإسلامية وبعضها بالبيئة التنظيمية والبنى التحتية للدول نفسها.
وقال «هناك دول تمنع العملات الرقمية، وأخرى تحلل تداولها عبر الأسلوب التقليدي وليس الإسلامي، وهناك دول أخرى لا تمتلك البنية التحتية اللازمة والاهتمام الحكومي لمواكبة مثل هذه العمليات».
وأوضح الناطور أنه في بعض الدول التي تعتمد عملاتها على الدولار فلا حاجة حقيقية للحفاظ على القيمة، أما استخدامها كاستثمار لتحقيق أرباح فهي تدخل في محرمات شرعية كالغرر والمضاربة المقامرة.
واستطرد «لم نصل بعدُ إلى درجة من الوعي والتبني الذي يسمح لنا بالقول إن عدم تبنيها من الممكن أن يؤثر على نمو الصناعة، فالأمر يبقى رهن تطورها في أن تصبح حاجة ومدى قدرة الصيرفة الإسلامية على ابتكار تقنيات ومنتجات تنسجم مع الشريعة».
وختم الناطور بالدعوة إلى ضرورة توحيد معايير صناعة الصيرفة الإسلامية، مشيراً إلى أن عدم وجود معايير موحدة للصيرفة والتمويل الإسلامي بشكل عام دولياً يُعد إحدى المعضلات الأساسية التي يواجهها التمويل الإسلامي.