تتجه الحكومات نحو اتخاذ القرارات وصنع السياسات القائمة على البيانات والأدلة، وهذا يساعد الحكومات على تعزيز النمو الاقتصادي والتنمية المستدامة وبناء مجتمعات مرنة و أكثر شفافية وخضوعاً للمساءلة، وتُعد البلوكتشين من ضمن التقنيات التي تسهّل الوصول إلى هذه الأهداف

.

وتنمو نسبة اعتماد تقنية البلوكتشين في الدول والشركات بوتيرة متسارعة لتسهيل دمجها في قطاعات اقتصادية مختلفة مثل التمويل وسلسلة التوريد والخدمات الحكومية والرعاية الصحية والمدن الذكية وخدمات الدفع والتجزئة والخدمات اللوجستية والتعليم والأبحاث.

والبلوكتشين هي تكنولوجيا رقمية مفتوحة ومبنية على سلاسل الكتل التي تشكّل خزاناً للبيانات والمعلومات، وتعتبر هذه التقنية العمود الفقري الأساسي للجيل الثالث من تكنولوجيا الإنترنت التي تسمح بإجراء المعاملات دون الحاجة إلى الاعتماد على مقدمي الخدمات المركزية، مثل أمناء الحفظ أو غرف المقاصة المركزية أو وكلاء الضمان، ما يوفّر للمستخدمين هامشاً أوسع من التحكم في بياناتهم على الإنترنت، ويقلص من المخاطر واحتمالات الخطأ ويسهّل تعقب التبادلات الحاصلة.

نضج بيئة أعمال البلوكتشين

ولاحظ إيفان إيفانوف، الرئيس التنفيذي لـ( WOW Summit) لمنتدى الويب 3 الذي عُقد مؤخراً في دبي بنسخته الثالثة، أن السوق تغيرت خلال السنتين الأخيرتين، وأن هناك درجة عالية من النضج والتطبيقات والمشاريع التي ستسهم في رفع نسبة تبنّي هذه التقنيات، لا سيما أن عمليات الدفع عبر الكريبتو آخذة في النمو.

ويقول مروان الزرعوني، مدير مركز دبي للبلوكتشن الذي تأسس عام 2018 ويقوم على نشر الوعي حول تقنيات البلوكتشين من خلال برامج تدريبية، في حديث خاص لـ«CNN الاقتصادية» إن أكثر من 40 معرضاً وفعالية خاصة بالبلوكتشين تشهدها الإمارات خلال أكتوبر تشرين الأول حتى ديسمبر كانون الأول من العام الجاري، وهي تنقسم إلى مؤتمرات تستقطب المستثمرين وتلك الخاصة بالمطورين وأخرى مرتبطة بالجمهور.

وأشار الزرعوني إلى أن هناك تقدماً في البيئة التشريعية للبلوكتشين تبناها المشرع في إمارة رأس الخيمة وسوق أبوظبي المالي، كما وُضع العديد من البرامج التحفيزية للشركات الناشئة وصناديق دعم الشباب لاستخدام هذه التقنيات.

وقال الزرعوني إن «البلوكتشين نوعان: فهناك البلوكتشين الخاص بالشركات ويُسمى بالاقتصاد الدائري سواء أكان على صعيد القطاع اللوجستي والنقل أو خدمات الدفع الموجودة على منصة واحدة لتبادل الأصول أو الخدمات حتى أتمتة الدفع من خلال العقود الذكية»، أما النوع الثاني، وفقاً للزرعوني، فهو البلوكتشين العام الذي يُسمى بالاقتصاد الرديف، يدخل فيها شركات ناشئة تطلق برنامجاً يستطيع من خلاله أي شخص استخدام العقد الذكي لتوفير خدمة أو سيولة لمشروع أو فكرة يمكن استخدامها والبناء عليها من أشخاص آخرين بشفافية تامة.

وأشار الزرعوني إلى نشاط استخدام تقنيات البلوكتشين نشط في مجالات محدودة مثل القطاع المالي، إذ تساعد على نقل الأصول وتقنين العقود والمستندات وأتمتة المعاملات المالية أو العقود الذكية.

وركّز على أن المركز بصدد التثقيف حول أهمية تطوير الذكاء الاصطناعي اللامركزي على البلوكتشين.

الشركات الصغيرة والمتوسطة

يعرّف بعض الخبراء البلوكتشين بأنها إنترنت القيمة القادرة على تمكين الاقتصادات الناشئة.

ويمكن لحلول الدفع بتقنية البلوكتشين سد الفجوة وفتح أسواق جديدة للعديد من أصحاب الأعمال ورفع كفاءة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، إذ تمكّنها من الوصول إلى أسواق جديدة وتوفير التكاليف وتبسيط المدفوعات.

ويعوق نشر التكنولوجيا بين الشركات الصغيرة والمتوسطة الكثير من التحديات؛ أهمها انخفاض الوعي بالسمات البارزة لتقنية البلوكتشين والافتقار إلى قابلية التشغيل البيني عبر الأنظمة المختلفة، ومحدودية الوصول إلى البنية التحتية الرقمية والاعتقاد بأن هذه التقنيات مكلفة.

ويقول إيفانوف «أتفهم أن هذه التقنيات لا تزال حديثة بالنسبة للعديد من الناس، ولا تزال غير معروفة وغير مؤكدة، إلّا أن هناك حلولاً قليلة التكلفة أو حتى مجانية للاستخدام، وأعتقد أن الويب 3 (هو الجيل التالي لتكنولوجيا الإنترنت، ويعتمد بشكل كبير على تعلم الآلة والذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا البلوكتشين) بدأت تقترب من الويب 2 لجهة التكلفة والحلول، إذ توفّر السوق برمجيات وعقوداً ذكية».

ويقدّر البنك الدولي الفجوة في تمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة في الاقتصادات النامية بنحو 8-9 تريليونات دولار، فيما لا يتجاوز المعروض نحو 3.7 تريليون دولار.