دعت قمة القاهرة للسلام التي استضافتها مصر إلى حل الدولتين كسيناريو من شأنه دعم السلام بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني، لكن كيف سيساعد هذا اقتصاد الدولتين؟

ركَّزت الجلسة الافتتاحية لقمة القاهرة للسلام، يوم السبت، على الدعوة إلى الوقف الفوري لإطلاق النار، والسماح بإدخال مستدام للمساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، مع السعي لحل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني من خلال حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية على حدود يوليو تموز 1967.

وقال أبو بكر الديب، الباحث في العلاقات الدولية والاقتصاد السياسي ومستشار المركز العربي للدراسات في مقابلة مع شبكة «CNN الاقتصادية»، «عند إقامة دولة فلسطينية مجاورة للدولة الإسرائيلية، فإن ذلك سيعني أولاً اختفاء التوترات العسكرية والجيوسياسية بين الطرفين، ومن ثَمَّ يؤدي إلى تبادلات تجارية بينهما البعض وكذلك مع بقية دول العالم».

وفي حالة تحقق هذا السيناريو، توقع الديب أن يحصل الاقتصاد الإسرائيلي على مكاسب تتراوح بين 150 و200 مليار دولار خلال السنوات العشر المقبلة، مع مكاسب للاقتصاد الفلسطيني بين 50 و100 مليار دولار في الفترة ذاتها.

وأضاف، «الاستقرار السياسي سيحقق أيضاً استثمارات كُبرى في مجال الطاقة، ويعزز الاستفادة من ثروات الدولتين والاستكشافات المتعلقة بالنفط والغاز».

مقارنة بين الاقتصاد الإسرائيلي والاقتصاد الفلسطيني

الخسائر الاقتصادية تدعم سيناريو حل الدولتين

أشار أبو بكر الديب أنه على الرغم من قوة الاقتصاد الإسرائيلي، فإنه منذ عملية طوفان الأقصى التي بدأت في السابع من أكتوبر تشرين الأول، ولم تنتهِ حتى الآن، شهد الاقتصاد خسائر قوية على جميع النواحي؛ بما في ذلك انهيارات أسهم البورصة وتضرر السياحة، وتفكير آلاف الشركات، وبخاصة الناشئة، إلى اتخاذ مقر أكثر أماناً مثل الأسواق الخليجية على سبيل المثال.

كما دفعت حرب غزة الشيكل الإسرائيلي للهبوط إلى أدنى مستوياته منذ يناير كانون الثاني 2016، إذ عانى الاقتصاد من توقف الحركة الاقتصادية التي يخلقها الفلسطينيون -الذين يستخدمون الشيكل كعملة نقدية- من خلال تبادلهم التجاري اليومي مع الإسرائيليين، وكذلك التكلفة الهائلة الناتجة عن الإنفاق العسكري.

الشيكل الإسرائيلي.. تاريخ من تراجعات وقودها الحرب

ولكن حتى قبل التوترات الأخيرة، كشفت دراسة لأثر النزاع الإسرائيلي الفلسطيني على الاقتصاد والعمالة، أجراها مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية للفترة بين عامي 2000 و2017، أن التكاليف الاقتصادية الناتجة عن فقد الموارد المالية الفلسطينية؛ بسبب هذا النزاع تُقدر بنحو 36.4 مليار دولار، أي 2.7 ضعف حجم الناتج المحلي الإجمالي الفلسطيني لعام 2017.

وبحسب معهد بيكر لدراسات السياسة العامة، تعتمد الأراضي الفلسطينية بشكل كبير على العلاقات الاقتصادية بإسرائيل، وفي عام 2021 وحده، استورد الفلسطينيون سلعاً بقيمة 5.7 مليار دولار من إسرائيل، ولم يصدّروا سوى ما قيمته 1.5 مليار دولار إلى إسرائيل.

هل يلقى سيناريو حل الدولتين دعماً غربياً؟

كرر الرئيس الأميركي جو بايدن في الأيام الأخيرة تأكيده ودعمه لسيناريو حل الدولتين قائلاً، «لا يمكننا التخلي عن مفاوضات حل الدولتين».

وأظهر استطلاع رأي أجرته مؤسسة غالوب في فبراير شباط 2021، أن 57 في المئة من الأميركيين يعتقدون بشكل عام أن حل الدولتين المتمثل في دولة إسرائيلية بجانب دولة فلسطينية مستقلة يمكن أن يعزز التعايش بسلام.

كما أكد أعضاء المجلس الأوروبي هذا الأسبوع في بيان، على الالتزام بدعم السلام الدائم والمستدام القائم على أساس حل الدولتين، واستعدادهم لتنشيط جهود عملية السلام في الشرق الأوسط.

وقال أبو بكر الديب، «يمكن للقمة العربية إقناع المجتمع الدولي وأميركا وأوروبا بأن هذا الحل هو حل واقعي، ويمكنه تحقيق مصالح لجميع الأطراف، حتى الولايات المتحدة الأميركية يمكنها الاطمئنان على مصالحها العسكرية والاقتصادية في المنطقة في حال إقرار هذا الحل».