11.5 مليار دولار هو حجم التجارة بين إسرائيل ودول الشرق الأوسط بحسب بيانات بنك إسرائيل، ويقف هذا الرقم على المحك بسبب الحرب المشتعلة في غزة منذ السابع من أكتوبر تشرين الأول الماضي.. ولكن هذا الرقم لا يمثل سوى رأس جبل الجليد، والجزء الأكبر للتبادل التجاري بين إسرائيل وجيرانها أكبر بكثير.

فالكثير من عناصر هذا التبادل التجاري غير مضمونة مثل الغاز والسياحة والتعاون التكنولوجي، وتحسب بالحساب النهائي لكل بند.. فالحجم الحقيقي يظهر غير واضح من وراء ستار بسبب تعقيد القضية الفلسطينية وتقهقر خطة السلام بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل التي لم تشهد تقدماً يُذكر في اتجاه حل الدولتين.

وكان لواشنطن، وهي الوسيط البعيد جغرافياً ولكنه الأقرب فعلياً من حيث قوة نفوذه في الشرق الأوسط، دور دائم في الدفع إلى التطبيع التجاري والاقتصادي بين إسرائيل وجيرانها كخطوة أولى -من وجهة نظرها- في اتجاه تطبيع شامل وربما وضع حد للصراع في المنطقة. وفي هذا الإطار، انتشرت منذ منتصف التسعينيات مكاتب للتمثيل التجاري لدول عربية دون الدخول في اتفاق سلام مع إسرائيل مثل قطر وتونس والمغرب.

وبالأرقام، تُعد تركيا الشريك الاقتصادي الأول لإسرائيل في الشرق الأوسط بحجم تبادل تجاري بين البلدين بلغ 7.7 مليار دولار عام 2022، ويميل الميزان التجاري إلى الجانب التركي، إذ إن واردات إسرائيل وصلت إلى 5.7 مليار دولار، وبلغت واردات تركيا من المنتجات الإسرائيلية نحو 2.2 مليار دولار، أغلبها من الوقود ومنتجات التقطير، بينما تستورد إسرائيل المعادن وبعض المركبات.

وتحتل الإمارات العربية المتحدة المرتبة الثانية لشركاء إسرائيل التجاريين في المنطقة، ووصل حجم التبادل التجاري إلى 2.56 مليار دولار عام 2022، ودخل البلدان في اتفاق تجارة حرة في أبريل من هذا العام ومن المرجّح أن تصعد التجارة إلى مستويات أعلى بفضل الاتفاق الجديد.

ومن المتوقع أن يصل حجم التجارة بين الإمارات وإسرائيل إلى 3 مليارات دولار في نهاية العام الحالي، ومن المرجح أن تصبح الإمارات صاحبة أكبر تبادل تجاري مع إسرائيل لتحتل المركز الأول بدلاً من تركيا في غضون أعوام قليلة.

يأتي الأردن في المرتبة الثالثة بحجم تبادل تجاري وصل إلى 536 مليون دولار، ويشكّل الغاز والكهرباء والماء أهم البضائع المتبادلة مع إسرائيل، فالأردن يحصل على 50 مليون متر مكعب من الماء من إسرائيل بشكل مُدعم بفضل اتفاقات السلام التي أبرمها الأردن مع إسرائيل في عهد الملك الراحل الحسين بن طلال، كما تم تحديث الاتفاق ليشمل خمسين مليون متر مكعب من الماء المدعم لمدة ثلاث سنوات تنتهي بنهاية العام الحالي.

أما مصر، وهي أول دولة عربية توقع اتفاقية سلام مع الدولة العبرية عام 1979 إبان حكم الرئيس الراحل أنور السادات، فتحل رابعة بين شركاء إسرائيل في المنطقة، إذ وصل حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى نحو 300 مليون دولار، وتميل كفّته أيضاً لصالح مصر، ولكن هذا الرقم لا يشمل السياحة الإسرائيلية في مصر ولا يشمل كذلك الغاز الإسرائيلي الذي تشتريه مصر من إسرائيل لإسالته في مصنعي دمياط وإدكو في شمال دلتا النيل.

ولكن مصر تستفيد من اتفاقية المناطق الصناعية المؤهلة أو الكويز التي أُبرمت إبان حكم الرئيس السابق محمد حسني مبارك فقد أتاحت الاتفاقية لمصر تصدير ما قيمته 1.4 مليار دولار إلى الولايات المتحدة عام 2022، بحسب مصدر حكومي مصري.

واليوم يبدو المشهد غامضاً مع تزايد وتيرة الحرب على غزة، إذ يقف التبادل التجاري البالغ ما يزيد على 11.5 مليار دولار على حافة هاوية حرب غزة.