يخيّم شبح الحرب على لبنان منذ اندلاع الصراع في قطاع غزة في السابع من أكتوبر تشرين الأول، الأمر الذي أدى لتدهور بعض قطاعات الاقتصاد اللبناني المتأزم، لكن الليرة اللبنانية لا تزال ثابتة رغم المناوشات الحدودية بين إسرائيل وجماعة حزب الله، بحسب ما قاله خبير اقتصادي لـ«CNN الاقتصادية».

وعلى الرغم من حالة عدم اليقين في لبنان حيال ما إذا كان سيُجر البلد إلى حرب غزة، فإن سعر صرف الليرة اللبنانية ظل ثابتاً عند 89700 ليرة للدولار.

لماذا؟ لأن الدولار حل فعلياً محل العملة الوطنية، ما أدى إلى إحالة الأخيرة للعب دور هامشي في اقتصاد البلاد، وفقاً لمحمد فحيلي الخبير في مجال المخاطر المصرفية والباحث في الاقتصاد.

وأضاف «أنت تستعمل الدولار بكل المحطات من حياتك اليومية، واليوم الدولة ذاهبة باتجاه دولرة إيراداتها».

وأشار أيضاً إلى أن لبنان في هذه الأثناء يشهد حالة شبح الحرب، وهذه الحالة لها تداعيات اقتصادية وخيمة أكثر من حالة الحرب، إذ يقول فحيلي «في فترة شبح الحرب كل التأثيرات الاقتصادية يتحملها المواطن، فالنازح من الجنوب الآن يستأجر مسكناً، أما في حالة الحرب فيمكنه الاحتماء بمدرسة بلا مقابل، كما أن المجتمع المدني سيستنفر في الحرب حتى يدعم ويؤمن للمواطن الأكل والشرب، كما أنه في حالة الحرب المستشفيات تستقبل المرضى بلا مقابل».

وكان الأمين العام لجماعة حزب الله اللبنانية حسن نصر الله قد حذر يوم الجمعة من أن اتساع نطاق الصراع في الشرق الأوسط «احتمال واقعي»، وذلك خلال حديثه لأول مرة منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحماس، وفي خطاب كان من المتوقع أن يشير إلى إذا ما كانت الجماعة ستشن حربا شاملة على إسرائيل.

واستنفرت الوزارات اللبنانية الشهر الماضي لوضع خطط طوارئ في حال انجر لبنان إلى الحرب، لكن يتساءل فليحي: هل الدولة لديها القدرة على تمويل خطة الطوارئ؟ مشيراً إلى أن آخر مرة استوردت الدولة فيها الطحين للتأهب في حالة طوارئ «كان تمويل الشحنة بموجب قرض من البنك الدولي».

ولا يتوقع فليحي أن تقوم الدولة بتعويض القطاع الخاص «مثلما كان الحال وقت انفجار مرفأ بيروت، إذ إن القطاع الخاص عوض نفسه، وشركات التأمين نأت بنفسها عن المصيبة كونها ظروفاً قاهرة».

القطاع السياحي الأكثر تضرراً

وأشار أمين عام اتحاد المؤسسات السياحية جان بيروتي في حديث مع الصحافة اللبنانية إلى أن «نسبة الإشغال في الفنادق بين صفر و5 في المئة، ولا يتعدّى عمل المطاعم الـ20 في المئة».

وقال أوليفييه بونتي، نائب رئيس المعلومات في شركة«فوروارد كيز» لرويترز إن تذاكر السفر إلى لبنان تراجعت بنسبة 74 في المئة بعد الحرب على غزة.

وأوقفت بعض شركات الطيران، بما في ذلك لوفتهانزا ويورو وينجز والخطوط الجوية السويسرية، رحلاتها إلى لبنان في منتصف أكتوبر تشرين الأول.

«السياحة الداخلية وسياحة لبنان الاغتراب والأجانب ستنعدم في الجنوب» بحسب فليحي، خاصة أن اقتصاد لبنان يرتكز على السياحة الصيفية والشتوية.

وذكر أيضاً أن رأس المال يخشى شبح الحرب؛ لذا «سينكمش القطاع الصناعي» إلى جانب القطاع السياحي «وانكماش القطاع الخاص يؤدي بدوره إلى تدهور القطاع العام».

نازحون من الجنوب

وأظهرت مصفوفة تتبع النزوح، التابعة للمنظمة الدولية للهجرة أن أعداد النازحين داخل لبنان بلغت 28965 شخصاً، وذلك حتى الساعة 19:00 من يوم 26 أكتوبر، وهذه زيادة قدرها 7847 شخصاً تقريباً بالمقارنة بأحدث جولات جمع بيانات النازحين التي تجريها المنظمة.

وبعثت المنظمة برسالة إلى «CNN الاقتصادية» جاء فيها «تم الإبلاغ عن النزوح في 236 منطقة سكنية، وقد وصل إلى بيروت نحو 2433 شخصاً، وإذا تدهور الوضع أكثر، نتوقع أن نشهد ارتفاعاً في أعداد النازحين داخلياً».

في الوقت الحالي، تقيم الغالبية العظمى من النازحين مع عائلاتهم أو أقاربهم، ووجد آخرون مساكن مستأجرة، أو تم تزويدهم بملاجئ جماعية غير رسمية تستضيف عائلات متعددة.

وجاء في رسالة المنظمة أنه «مع ارتفاع معدلات الفقر بسبب الأزمة الاقتصادية، فمن غير المرجح أن تتمكن الأسر أو الأقارب من تحمل تكاليف استضافة النازحين لفترة طويلة، كما يضيف النزوح ضغطاً على السلطات المحلية والوطنية والخدمات العامة، مثل الرعاية الصحية، في وقت أدت فيه الأزمة بالفعل إلى انخفاض كبير في الموارد الحكومية والقدرة على تقديم الخدمات».

وكتبت المنظمة أن إطالة أمد الأزمة قد تعني نزوحاً ثانوياً، إذ ستغادر تلك الأسر التي استضافتهم وسيبحثون عن مأوى في الملاجئ الحكومية، حيث تتوفر المساعدة والخدمات، وهناك العديد من ملاجئ الطوارئ المخصصة التي تديرها الحكومة في مدينة صور بجنوب لبنان، والتي تستضيف نحو 919 نازحاً.