انخفض حجم تمويل الملكية الخاصة في أسواق الجمعية العالمية لرأس المال الخاص التي تضم آسيا وأميركا اللاتينية والشرق الأوسط وأوروبا الشرقية والوسطى وإفريقيا، بنسبة 23% مقارنة بالربع الثاني من عام 2022 وفق التقرير النصف السنوي 2023 لبيانات وتحليلات الصناعة الذي تصدره الجمعية.

وقالت كايت أمبروز، الرئيس التنفيذي للجمعية والعضو في اللجنة التوجيهية للأمم المتحدة لشراكات المستثمرين المؤسسين من أجل التنمية المستدامة، لـ«CNN الاقتصادية»، إن الكثير من التحولات المهمة تشهدها سوق الملكية الخاصة حتى قبل التصحيح في أسعار الفائدة.

ولفتت إلى أن عهد الأموال السهلة قد ولَّى عندما كانت أسعار الفائدة في أميركا منخفضة، وأن ما نشهده اليوم سيتطلب المزيد من القدرة التشغيلية لتحقيق العوائد وبناء شركات عظيمة للمضي قدماً.

ديناميكية التعاون والشراكات

وعزت أمبروز هذا التباطؤ إلى الزيادة في أسعار الفائدة في الولايات المتحدة، ما انعكس برأيها على بيئة التمويل والاستثمار التي أصبحت أكثر صعوبة بالنسبة لشركات (الملكية الخاصة) ورأس المال الاستثماري.

وقالت «نحن نرى نتيجة لذلك عدداً من الاستراتيجيات الجديدة المثيرة للاهتمام كظاهرة نمو الائتمان الخاص والتركيز الكبير على الاستثمار في المناخ والذي يزخر بفرص واعدة».

وأشارت إلى ظهور ديناميكية جديدة في السوق والمتمثلة بالتغيير في دور العلاقة بين المستثمرين المؤسسين مثل صناديق التقاعد أو الصناديق السيادية أو أنواع أخرى من المستثمرين المؤسسيين ومديري الأصول أو مديري الصناديق التي أصبحت أكثر اعتماداً على ظهور الاستثمارات المشتركة بالتعاون فيما بينها.

وكانت الجمعية قد أبرمت أواخر العام الماضي اتفاقية تعاون حصرية مع جمعية الرأس المال المغامر في الشرق الأوسط بهدف تعزيز بيئة الاستثمار في الشرق الأوسط.

ونفت أمبروز وجود منافسة بين الملكية الخاصة و الصناديق السيادية، منوهة بالدور التكاملي الذي تلعبه الصناديق السيادية والشركات العائلية في المنطقة لجهة توثيق التعاون والشراكات مع شركات رأس المال المغامر أو الملكية الخاصة.

وتشهد سوق الخليج وفق معهد الشرق الأوسط للدراسات تغييرات ملحوظة في نمط الاستثمارات ووجهته، حيث سجّل إنفاق الصناديق السيادية الخليجية، والذي بدأ مع تفشي جائحة كوفيد-19، تحولاً نحو الأصول البديلة وصناعات المستقبل والاستثمارات المحلية، والاستثمار في الشركات الناشئة العالمية، وزيادة التركيز على الاستثمار المشترك مع الأسهم الخاصة ورأس المال الاستثماري.

نظام بيئي متكامل

وشكّلت الصين والهند وسنغافورة الوجهات الأساسية لاستقطاب رؤوس الأموال لما تمتاز به هذه الدول من نظام بيئي متكامل لتحفيز تنقل رؤوس الأموال ولما تتمتع به من اقتصادات حجم تُثير شهية المستثمرين الدوليين.

وكشفت أمبروز عن الرقم القياسي الذي حققته المنطقة، حيث تم جمع أموال في الأرباع الثلاثة الأولى من عام 2023 بأكثر من مليار دولار أميركي للأسهم الخاصة وصناديق رأس المال الاستثماري التي تستثمر محلياً هنا في المنطقة، وهو الأعلى منذ عدة سنوات، إلى جانب تمويلات للشركات الناشئة وصلت قيمتها إلى أكثر من ملياري دولار بين عامي 2021-2022.

ولاحظ التقرير أنه على الرغم من تباطؤ الاستثمار، فإن جمع الأموال للاستراتيجيات المخصصة لمنطقة الشرق الأوسط لا يزال قوياً، أي أكثر من ضعف إجمالي عام 2022 بأكمله، وقد جمعت استراتيجيات المشاريع مبلغاً قياسياً قدره 489 مليون دولار أميركي حتى الآن هذا العام.

يذكر أن شركة Energy Capital، ومقرها السعودية، وصلت إلى إغلاق أولي بقيمة 150 مليون دولار أميركي لدعم التكنولوجيا المتعلقة بالطاقة.

وشددت أمبروز على أن هناك تحولاً جذرياً تشهده دول الخليج للنظام البيئي من حاضنات ومسرعات وفرص نمو، لافتة إلى أن التركيز بدأ ينصب على توظيف الرساميل محلياً وليس فقط على تصدير رأس المال لا سيما مع موجة الاستثمار في دعم شركات التكنولوجيا الناشئة التي توفّر أيضاً فرصاً لصناديق رأس المال المتنامية.

وذكرت أن أنظار المستثمرين تنصب اليوم على دول الخليج التي كانت ولا تزال مركزاً مهماً للأموال و الصناديق السيادية والشركات العائلية لا سيما مع ما تزخر به المنطقة من طفرات تكنولوجية ومشاريع عملاقة في التحول إلى الطاقة البديلة، والتي ستدفع عجلة التنوع الاقتصادي قدماً.

ونصحت أمبروز بضرورة التركيز على بناء شركات ومبادرات مستدامة على المدى الطويل، لافتة إلى أن «الاستدامة، وخلق فرص عمل عالية الجودة، والحوكمة هي من الأهمية بمكان للحصول على ثقة المستثمرين الدوليين الذين سيرون نمواً طويل المدى للنظام البيئي».

وتُعدّ هذه الثقة حجر زاوية رئيسياً لا سيما بغياب سجل ثابت من النجاح في صناديق الاستثمار بالملكية الخاصة في المنطقة بظل ترقب المستثمرين الإسراع في خصخصة الشركات المملوكة للدول في المنطقة.