المستثمرون يحبون شيئاً واحداً أكثر من أي شيء آخر، هو اليقين السياسي، واليقين بشأن المسار الاقتصادي لأي بلد كان، وإذا لم يكن لديهم هذا اليقين، يتعين على الحكومات أن تحاول توفيره لتشجيع المستثمرين على الاستثمار.

هذا ما قاله إيان بيغ، الأستاذ في كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية، مفيداً بأن الأمور في المنطقة اليوم رهن التوترات الجيوسياسية والحرب في غزة.

ولفت بيغ في حديث لـ«CNN الاقتصادية»، ضمن فعاليات القمة العالمية للحكومات التي استضافتها دبي، إلى أن النمو العالمي لن يكون كبيراً، لكنه سيكون أفضل قليلاً هذا العام مقارنة بالعام الماضي، لكنه محفوف بالمخاطر للغاية لأن هناك الكثير من عدم الاستقرار السياسي، وإذا تفاقم عدم الاستقرار السياسي، فقد يؤدي ذلك إلى الإضرار بالنمو.

احتمال ظهور كساد عالمي

قال بيغ «إذا نظرت من تركيا إلى دبي وأبوظبي، فإن الفرق الكبير هو أنه في تركيا لديك تضخم مرتفع للغاية وهم يكافحون من أجل احتوائه، لكن الأتراك لديهم نمو جيد للغاية، ويبدو أنه يمكن أن يكون اقتصاد فقاعة، تنتفخ الفقاعة ثم تنفجر».

«وفي الخليج على وجه الخصوص، فإن ارتفاع أسعار النفط، الذي يميل إلى أن يكون مفيداً للاقتصاد، محفوف بالمخاطر التي تتعرض لها السياحة من عدم الاستقرار السياسي في المنطقة ككل، وإذا تراجعت السياحة، فقد يعوض النفط ذلك، ولكن قد يكون هناك أيضاً كساد عالمي أو تباطؤ عالمي، ما يؤدي إلى انخفاض أسعار النفط أيضاً، لذلك يمكن أن تذهب في أي اتجاه».

لبنان ومصر إلى أين؟

أشار بيغ في حديثه إلى «CNN الاقتصادية» رداً على سؤال عن وضع البلدان الأكثر هشاشة قائلاً «نحن نعلم أن إدارة لبنان سيئة للغاية وهذا في حد ذاته يمثل مشكلة لاقتصاده، أما مصر، فلأنها تقع على مقربة من الصراع في غزة، يمكن أن تسير في اتجاه سيئ، وسوريا لا تزال في حالة من الفوضى نتيجة للحرب الأهلية، ما يمكن أن تسفر عنه الحرب في إسرائيل وغزة هو احتمال نشوب المزيد من الحروب، والمزيد من الصراعات في مناطق مثل التي يسيطر عليها حزب الله في جنوب لبنان، ولكن أيضاً كما رأينا مع قيام الحوثيين في اليمن بمهاجمة السفن، وهذا أمر يمكن أن ينال أيضاً من الآفاق الاقتصادية».

تميل أسعار النفط إلى الاستفادة من الحرب، ولكن كان هناك أيضاً تحول عن عبور البحر الأحمر، لكن بيغ لا يعتقد أن الأمر سيكون حاداً كما رأينا في بداية الحرب الأوكرانية لأن العديد من البلدان تعلمت العيش دون المدخلات الروسية، وروسيا على أي حال تقوم بتحويل إمداداتها إلى عملاء آخرين في الهند والصين، لذا فإن العامل الروسي لن يكون بالقوة نفسها التي كان عليها في عام 2022، ولكن لا يزال لدينا عدم اليقين بشأن تأثير الاقتصاد العالمي على النفط.

وفي ما يتعلق بأسواق الأسهم هذا العام، فهناك صيغة بسيطة جداً ذكرها بيغ، هي أن ارتفاع أسعار الفائدة يدفع أسواق الأسهم للانخفاض، والعكس بالعكس، وفي ظل احتمال البدء بخفض أسعار الفائدة سترتفع أسواق الأسهم، أما في ما يخص القطاعات المنتفعة، فهذا الأمر مرهون دائماً بأي نشاط جديد يرتكز على الاكتشافات العلمية، تماماً مثلما دفع الذكاء الاصطناعي قطاع التكنولوجيا العام الماضي.

الهند لا يمكن أن تدعم النمو العالمي عوضاً عن الصين

استبعد بيغ أن يكون الاقتصاد الهندي كبيراً بما يكفي لتقديم الدعم الذي يمكن أن تقدمه الولايات المتحدة أو الصين للاقتصاد العالمي، وهو الأمر الذي كان صندوق النقد الدولي يعول عليه، كما أن الهند تتمتع باقتصاد أقل انفتاحاً نسبياً، لذا فهي لا تدعم بشكل كبير تلبية الطلب من بقية العالم، وبالتالي فهي ليست الحل.

لكنه أضاف من جهة أخرى، أن سوق العمل في العديد من البلدان لا يزال قوياً جداً، وتساعد قوة سوق العمل هذه على النمو الاقتصادي، لكن الأمور كلها مرهونة بالعامل الأساسي وهو الاستقرار.