جاء إعلان مبادلة الصندوق السيادي الإماراتي الذي يدير أصولاً بقيمة 300 مليار دولار عن الشراكة مع غولدمان ساكس لتنشيط الائتمان الخاص في أسواق آسيا استكمالاً لمبادراته السابقة في التوسع في سوق الائتمان الخاص الذي تفتحت الشهية عليه خلال السنوات الثلاث الماضية.

ويستفيد المستثمرون السياديون مثل مبادلة وجهاز أبوظبي للاستثمار، الذين يمتلكون حصصاً في شركات إدارة الأصول العالمية، من «قيود المسؤولية المنخفضة التي تمكنهم من تحمل قدر أكبر من مخاطر السيولة مقارنة بالبنوك.. إن شهيتهم الأكبر للمخاطرة مدفوعة بأفقهم الاستثماري طويل الأجل» كما جاء في تقرير منظمة الصناديق السيادية.

وقد نمت صناعة الائتمان الخاص بمعدل 14% سنوياً في المتوسط منذ عام 2000، وفقاً لبنك أوف أميركا ميريل لينش.. ومع قيام البنوك التقليدية بتقييد الإقراض، فإن الائتمان الخاص بات أداة تمويل بالغة الأهمية لتمويل النمو والتنوع الاقتصادي، وخاصة بالنسبة لشركات السوق المتوسطة.

وشهدت أسواق الإمارات والسعودية إقبالاً من شركات إدارة الأصول والمحافظ الاستثمارية العالمية إلى جانب مبادرات محلية لإنشاء صناديق مخصصة للائتمان الخاص.

من «الظل» إلى التنظيم

يُعرف الائتمان الخاص بخط التمويل الذي تمنحه المؤسسات المالية إلى الشركات الخاصة من خلال جمع الأموال من مستثمرين فرديين مؤهّلين للاستثمار أو من مؤسسات ك صناديق التحوط وصناديق التقاعد والصناديق الاستثمارية والشركات العائلية.

ويوصف نظام التمويل هذا بنظام الظل المصرفي كون الأموال الممنوحة لا تخضع لقواعد ونظم التمويل المصرفي التقليدي.

وفي هذا السياق، يقول فيليب داوست، الشريك في آدِلشو جودارد ورئيس قسم الصناديق الاستثماريّة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا «ما تغير في السنوات القليلة الماضية هو الرغبة في إنشاء نظام خاص؛ حيث قامت الهيئات الرقابية في كلٍّ من مركز دبي المالي وسوق أبوظبي المالي بتوفير البيئة التنظيمية اللازمة التي سمحت لمديري الأصول بالحصول على الترخيص المناسب للائتمان الخاص معرفاً إياه بأنه الإقراض من مؤسسات مالية ».

إنفوغراف نمو حجم الإقراض الخاص

التمويل الخاص: سوق واعدة

تُقدّر سوق الائتمان الخاص بـ1.4 تريليون دولار ومن المتوقع، وفق مورغن ستانلي، أن تصل إلى 2.3 تريليون دولار بحلول عام 2027.

وقال عمر زهير الياور الشريك في الرؤيا بارتنرز التي كانت من الرائدين في الحصول على ترخيص من سوق أبوظبي المالي لصندوق الائتمان الخاص التي تستثمر فيه مبادلة، «إن قيمة الصفقات في الخليج تتراوح بين 5 و10 مليارات دولار سنوياً، أما قيمة الصفقات التي أبرمتها رؤيا بارتنرز منذ عام 2022 فتُقدّر بـ5.3 مليار دولار».

وأضاف الياور أن «أسواق السعودية والإمارات بدأت تنمو بدرجات عالية وهي تحتاج إلى أنواع مختلفة من التسهيلات البنكية.. فبنوك الخليج غالباً ما تعطي تسهيلات لمشاريع الحكومة وتبقى الفجوة في الشركات المتوسطة».

وتُقدّر فجوة تمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة في الخليج وفق البنك الدولي ومؤسسة التمويل الدولية بين 210 و240 مليار دولار سنوياً.

ولفت الياور الى أن التغيير في ديناميكية السوق التي تظهر نمواً في حاجات التمويل لدى الشركات والتي تتجسد بارتفاع قيمة الصفقات لتصل إلى 60 مليون دولار بعد أن كانت هذه القيمة لا تتجاوز الـ15 مليوناً سابقاً.

منافع للشركات المتوسطة والناشئة

أشار داوست إلى إقبال الشركات الأصغر حجماً والشركات الناشئة في مجال المشاريع والتكنولوجيا إلى هذا النوع من التمويل الذي يوفّر سيولة للشركات دون الحاجة إلى بيع ملكية أسهمها بهدف الحصول على التمويل المطلوب.

يعتمد الائتمان الخاص كأسلوب تمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة، فمع دخول استحقاق كفاية الرأس المال بازل 3 عامه الأول وفي ظل ارتفاع أسعار الفائدة، يلجأ المستمرون إلى التنويع في استثماراتهم وضمان عائدات أعلى وأكثر ثباتاً تجنبهم مخاطر التقلبات في أسعار الفائدة.

وتستفيد الشركات الصغيرة والمتوسطة والناشئة من الائتمان الخاص كونه يوفر سهولة في الوصول إلى رأس المال مع اتباع المرونة في التقييم واختيار جداول السداد دون الحاجة إلى تقديم ضمانات بأسعار فائدة تنافسية.

وذكر بريتام دوتا مؤسس زوث شركة التكنولوجيا المالية المتخصصة في التمويل اللامركزي أن قيمة فائدة الدين الائتمان الخاص وفق داوست تتراوح بين 12 و15 في في المئة، ومن الممكن أن تصل إلى 18 في المئة في حال كان الائتمان مزيجاً بين الدين وملكية الأسهم.

وشرح الياور بأن عملية تقييم الشركات تقوم على مساعدة هذه الشركات على تحقيق النمو المطلوب، وأن إدارة المخاطر تقوم على متابعة شهرية لأعمال هذه الشركات وإعادة جدولة ديونها في حال احتاجت إلى ذلك دون الاضطرار إلى التنازل عن الملكية الخاصة (أسهم).

التمويل عبر الويب 3

وختم بريتام دوتا بالقول إن الائتمان الخاص بدأ يشق طريقه في عالم التمويل اللامركزي الذي يتيح للأفراد والشركات الاستفادة من الخدمات المالية دون تواجد الوسطاء المركزيين عبر تقتنيات البلوكتشين.وقال إن المجال الذي نراه اليوم هو ما يُسمَّى بالتمويل عبر العملات المستقرة Stable Coin Finance خاصة مع إقرار الدرهم الرقمي، «فبدلاً من مجرد انتظار المقرض القيام بالإقراض، تتيح هذه التقنية للشركات الوصول إلى رأس المال العالمي وبأسعار أفضل».