في ظل الأضواء الساطعة وأصوات المحركات العالية، لا تعد فعاليات الفورمولا 1 مجرد حدث رياضي فحسب، بل قوة دافعة لاقتصاد مملكة البحرين، فبسرعة تصل إلى 360 كيلومتراً في الساعة وقوة ألف حصان، تتجاوز هذه الفعالية الحدود الرياضية لتصبح قوة اقتصادية هائلة، إذ تسهم بإيرادات تقدر بمئة مليون دولار سنوياً، يمكن أن تصل إلى نصف مليار دولار من خلال تعزيز السياحة وجذب الاستثمارات.

وكان هذا العام الأقوى للمملكة، إذ بيعت تذاكر الحدث بسرعة قياسية، ما يعكس الاهتمام الزائد بهذه الفعالية.

وفي السنوات الأخيرة شهدت البحرين تأثيرات إيجابية ملموسة من استضافتها جائزة البحرين الكبرى، إذ يأتي آلاف الزوار إلى البلاد لحضور السباق، ما يزيد من الطلب على الخدمات الفندقية والمطاعم وغيرها من الخدمات الترفيهية، هذا الزخم السياحي لا يقتصر فقط على فترة السباق، بل يمتد ليشمل الأيام السابقة واللاحقة للحدث.

«لقد شهدنا إقبالاً قياسياً على التذاكر، ما يعكس الشغف المتزايد برياضة الفورمولا واحد»

– سلمان بن عيسى آل خليفة، الرئيس التنفيذي لحلبة البحرين الدولية، لـ«CNN الاقتصادية»

«تعكس نسبة الإشغال الفندقي التي وصلت إلى ما يقارب المئة بالمئة هذا العام الأثر الإيجابي لسباق الفورمولا واحد على القطاع الاقتصادي في المملكة، خاصةً في استضافة هذه الفعاليات المهمة».

– فاطمة الصيرفي، وزيرة السياحة البحرينية، لـ«CNN الاقتصادية»

كما يشهد الحدث تدفق الزوار والسياح لمتابعة السباق الذي فتح آفاقاً اقتصادية واسعة للمجتمعات المحلية، ويقول أحد عمال الأكشاك المحلية «خلال موسم الفورمولا واحد، يزداد الطلب بشكل كبير، ما يعزز استثماراتنا ويزيد من أرباحنا».

توسع الاستثمار الرياضي في دول مجلس التعاون الخليجي

لا يقتصر الاستثمار في قطاع الرياضة على البحرين وحدها، بل تشهد دول مجلس التعاون الخليجي طفرة في استضافة الفعاليات الرياضية الكبرى، كجزء من استراتيجيتها لتنويع الاقتصاد، ومع وجود أربع حلبات لسباق الفورمولا 1 في قطر والسعودية والبحرين والإمارات، واستضافة قطر كأس العالم 2022، من المتوقع أن يشهد الاستثمار في قطاع الرياضة في دول الخليج نمواً بنسبة 8.7 في المئة بحلول عام 2026.

ويعود اهتمام الدول العربية -خاصةً الخليج- بالاستثمار في القطاع الرياضي العالمي لأكثر من 15 عاماً، وبدأ الأمر بالاستحواذ على أندية كرة القدم الأوروبية، ففي عام 2008، اشترى الشيخ منصور بن زايد آل نهيان نادي مانشستر سيتي لكرة القدم، لتتبعه كل من السعودية وقطر.

الإمارات العربية المتحدة.. الرياضة كرافد اقتصادي

في الإمارات، كشف تقرير أعده مجلس دبي الرياضي عن ارتفاع مساهمة الرياضة في الناتج المحلي لإمارة دبي إلى أكثر من 2.45 مليار دولار سنوياً، بنسبة مساهمة بلغت 2.3 في المئة من الناتج المحلي لدبي، ويدعم القطاع الرياضي توفير 105 آلاف فرصة عمل، كما تعد الإمارات من الدول الرائدة في مجال صناعة الخيول، إذ تعد موطناً لتربية الخيول العربية، وموقعاً لسباقات الخيول الدولية، ومن أجل تعزيز هذه الصناعة في إطار التنويع الاقتصادي، وخلال فعاليات سابقة قال وزير الاقتصاد الإماراتي عبدالله بن طوق المري إنه تم إنفاق ما يقرب من 570 مليون دولار على تدريب خيول السباق، ويبلغ متوسط الإنفاق السنوي لأندية الفروسية في الدولة 100 مليون دولار 367.

بالإضافة إلى ذلك، وصل حجم سوق أعلاف الخيول عالية الأداء إلى أكثر من 35 مليون دولار، ما عزز مكانة الإمارات عالمياً في هذا الصدد.

المملكة العربية السعودية.. الرياضة في قلب رؤية 2030

تعتبر السعودية الاستثمار في الرياضة جزءاً لا يتجزأ من رؤية 2030، حيث تنفق مليارات الدولارات في هذا المجال، وقد أشار ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، في مقابلة مع «فوكس نيوز»، إلى أن الاستثمار الرياضي يمثل بوابة للنهوض بالقطاع السياحي، مشيراً إلى أن مساهمة القطاع السياحي في الناتج المحلي الإجمالي ارتفع من 3 في المئة إلى 7 في المئة، كما ارتفعت مساهمة القطاع الرياضي في الناتج المحلي من 0.4 في المئة إلى 1.5 في المئة.

وأشار إلى أن الاستثمار الرياضي يخلق حراكاً اقتصادياً، ويساعد على توفير فرص عمل، فضلاً عن تنشيط قطاعَي الترفيه والسياحة.