يمثل الحصول على عائد مرتفع من أي استثمار سواء كان في سندات أو أسهم أو وديعة ادخارية هاجساً بالنسبة لأغلب المستثمرين.

لكن الحصول على عائد مرتفع من الاستثمارات يتوقف على أسعار الفائدة الحقيقية التي سيحصل عليها المستثمر وكيف ستبلغ نسبتها في ظل ارتفاع معدل التضخم أو انخفاضه.

تُعرف الفائدة الحقيقية بأنها العائد الذي يحصل عليه المستثمر أو المدخر بعد استبعاد أثر معدل التضخم.

ويعني هذا أن المستثمر الذي يحصل على عائد 10 في المئة من الاستثمار في شهادات ادخار أو السندات مثلاً، ومعدل التضخم في بلاده أو البلد الذي يستثمر فيه يبلغ 4 في المئة، سيحصل بذلك على فائدة حقيقية تبلغ 6 في المئة.

ويقول صندوق النقد الدولي في تحليل له إنه غالباً ما يعتمد المستثمرون في قراراتهم على أسعار الفائدة الحقيقية إذ تساعدهم على تحديد عائد الأصول الذي يرغبون الاستثمار فيه.

فمثلا تحفز أسعار الفائدة الحقيقية المنخفضة المستثمرين على تحمل المزيد من المخاطر وبالتالي الاستثمار في الأسواق المالية.

ومع بداية دورة التشديد النقدي التي غزت العالم في بدايات 2022 كبحاً لمعدلات التضخم المرتفعة، أصبحت أسعار الفائدة الحقيقية في مستوى منخفض تاريخياً رغم زيادات أسعار الفائدة نظراً لارتفاع التضخم.

بينما تحفز الفائدة الحقيقية المرتفعة المستثمرين على الاستثمار في أدوات الدين الحكومية أو الادخار، إذ يضمن لهم فائدة مرتفعة وفي الوقت نفسه منخفضة المخاطر.

ويقول صندوق النقد إنه مع استمرار التضخم، تواجه البنوك المركزية ضرورة حفظ التوازن، إذ لا تزال أسعار الفائدة الحقيقية منخفضة بشدة في كثير من البلدان، لذلك يجب أن يقترن تشديد السياسة النقدية ببعض التشديد للأوضاع المالية.

تاريخ أسعار الفائدة الحقيقية

سجلت أسعار الفائدة الحقيقية تراجعاً مطرداً في جميع فئات آجال الاستحقاق ومعظم الاقتصادات منذ منتصف ثمانينيات القرن العشرين، وفقاً لما يقوله صندوق النقد.

لكن مع اتجاه البنوك المركزية لتشديد السياسة النقدية سجلت الفائدة الحقيقية صعوداً سريعاً مؤخراً.

ويطرح صندوق النقد سؤالاً حول ما إذا كانت هذه الطفرة مؤقتة أم انعكاساً جزئياً لعوامل هيكلية.

ويخلص الصندوق إلى أن الارتفاعات الأخيرة في أسعار الفائدة الحقيقية ستكون مؤقتة على الأرجح، فعند السيطرة مجدداً على معدلات التضخم، يرجح أن تسعى البنوك المركزية في الاقتصادات المتقدمة إلى تيسير السياسة النقدية، وخفض أسعار الفائدة الحقيقية إلى مستويات ما قبل الجائحة.

أما في الاقتصادات الصاعدة الكبرى فإن التوقعات جاءت متحفظة مع اقتراب معدلات الفائدة الحقيقية فيها من الاقتصادات المتقدمة، إذ يتوقف الأمر على عوامل ديمغرافية وإنتاجية.