تهتم الأسواق المالية باجتماع الاحتياطي الفيدرالي الذي بدأ اليوم الثلاثاء على وجه خاص، لأنه سيعلن فيه عن أول توقعات اقتصادية له منذ بداية 2024، ما يعطينا لمحة عن عدد مرات خفض الفائدة المتوقعة هذا العام.

وعلى الرغم من أن الأسواق تتوقع إبقاء الاحتياطي الفيدرالي على أسعار الفائدة دون تغيير هذا الاجتماع للمرة الخامسة على التوالي، فإنه لا تزال هناك حالة عدم يقين بشأن الموعد المناسب لخفض أسعار الفائدة.

وهنا تظهر أهمية تقرير التوقعات الاقتصادية الذي يضم تقديرات أعضاء الاحتياطي الفيدرالي لعدد مرات خفض الفائدة المنتظرة هذا العام، فضلاً عن توقعاتهم بشأن معدلات الناتج المحلي الإجمالي والتضخم.

التضخم العنيد وخفض الفائدة

أشار رئيس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول خلال شهادته أمام الكونغرس في بداية هذا الشهر إلى أن الاحتياطي الفيدرالي ينتظر أن يصبح أكثر ثقة في أن التضخم ينخفض صوب المستهدف اثنين في المئة، قبل أن يبدأ في خفض الفائدة.

كما حذَّر باول من المخاطر المرتبطة بخفض الفائدة في وقت مبكر عن اللازم، فيما يحذِّر الاقتصاديون من الاحتياطي الفيدرالي عن خطوة خفض الفائدة أكثر من اللازم.

وأبقى الاحتياطي الفيدرالي النطاق المستهدف لسعر الفائدة على الأموال الفيدرالية عند النطاق 5.25-5.5 في المئة منذ يونيو حزيران 2023، في حين تأرجحت توقعات السوق لمسار أسعار الفائدة بشكل كبير بناءً على البيانات الاقتصادية الواردة.

على جانب آخر، أثبت معدل التضخم في الولايات المتحدة عناده خلال الأشهر الأخيرة، وظل متمسكاً باستقراره حول المستوى ثلاثة في المئة، وكشفت بيانات فبراير شباط ارتفاع معدل التضخم إلى 3.2 في المئة، من 3.1 في المئة في يناير كانون الثاني، جنباً إلى جنب مع ارتفاع أسعار المنتجين، ما دفع الأسواق لاستبعاد إجراء خفض للفائدة خلال مارس آذار أو مايو أيار.

لذا السؤال هو ما إذا كان البنك المركزي قد يقدم إرشادات حول التوقيت المتوقع لما سيمثل أول خفض لسعر الفائدة منذ مارس آذار 2020، عندما كان الاقتصاد في حالة ركود بسبب جائحة كورونا.

ويتوقع 99 في المئة من المتداولين على أداة فيدووتش إبقاء البنك على أسعار الفائدة دون تغيير هذا الاجتماع، كما يتوقع 92.2 في المئة من المتداولين أيضاً تثبيت أسعار الفائدة في مايو أيار.

بينما تبدأ توقعات خفض الفائدة بالظهور بدءاً من اجتماع يونيو حزيران، وسط احتمالية بنسبة 55.6 في المئة لخفض الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس، مقابل احتمالية نسبتها أربعة في المئة لخفض بواقع 50 نقطة أساس.

ويمثل هذا تأخيراً كبيراً عن ما ذهبت إليه توقعات المتعاملين قبل قرار الاحتياطي الفيدرالي في يناير كانون الثاني، عندما قالوا إنهم ما زالوا يتوقعون أن يُتخذ أول قرار بالخفض في مايو أيار.

وقال غولدمان ساكس في تقرير أخير «كان التضخم أكثر ثباتاً في الأشهر الأخيرة، ولكننا نعتقد أنه لا يزال في طريقه للانخفاض بدرجة كافية بحلول اجتماع الاحتياطي الفيدرالي في يونيو لإجراء أول خفض لأسعار الفائدة».

كم عدد مرات خفض الفائدة المتوقعة؟

توقع صناع السياسة في تقرير التوقعات الاقتصادية الأخير الصادر في ديسمبر كانون الأول اتخاذ ثلاثة قرارات بخفض الفائدة في عام 2024، أو ما يعادل خفض الفائدة بنحو 75 نقطة أساس عن المستويات الحالية.

وقال مايكل بوغليز كبير الخبراء الاقتصاديين في ويلز فارغو لوكالة فرانس برس «من غير المرجح أن يظهر التحديث المنتظر صدوره الأربعاء تغيرات كبيرة بشأن توقعات الفائدة والتضخم»، لافتاً إلى احتمالية أن يخفض صناع السياسة من عدد مرات الخفض التي يرون أنها ستحدث هذا العام.

كما عدل غولدمان ساكس في آخر تقرير له الأسبوع الماضي توقعاته لعدد مرات خفض الفائدة، مرجحاً ثلاثة تخفيضات بدلاً من أربعة تخفيضات المتوقعة سابقاً، أي خفض بحد أدنى 75 نقطة أساس، بينما ظل متمسكاً بتوقعات اتجاه البنك لتخفيض الفائدة أربع مرات في 2025، مقابل خفض واحد نهائي عام 2026.

الأسواق المالية قبيل القرار

ارتفع مؤشر الدولار -الذي يقيس أداء العملة الأميركية مقابل سلة من ست عملات رئيسية- بنسبة 0.39 في المئة عند 103.83 نقطة، مستفيداً من توقعات تأخر خطوة خفض الفائدة.

على جانب آخر، انخفضت أسعار الذهب الفورية بنسبة 0.11 في المئة عند 2,157.50 دولار للأوقية بسبب العلاقة العكسية بين المعدن الثمين والدولار، كما تراجعت العقود الآجلة للذهب تسليم أبريل بنحو 0.17 في المئة عند 2,158.90 دولار للأوقية.

وفي سوق الأسهم الأميركية، ارتفع مؤشر داو جونز الصناعي بنسبة 0.66 في المئة (+256 نقطة) عند 39046 نقطة، وصعد مؤشر إس آند بي 500 بنحو 0.33 في المئة (+16 نقطة) إلى 5166 نقطة، فيما زاد مؤشر ناسداك 100 بنسبة 0.13 في المئة (+20 نقطة) ليصل إلى 16125 نقطة.

ويُنظر إلى اجتماع الاحتياطي الفيدرالي على أنه اختبار لمدى قوة سوق الأسهم التي تضررت خلال الأيام الماضية من استبعاد الأسواق لقرار خفض الفائدة عقب بيانات التضخم الأعلى من المتوقعة.

وينتهي الاجتماع الذي يستمر ليومين غداً الأربعاء بإعلان قرار السياسة النقدية ومعدلات الفائدة، جنباً إلى جنب مع تقرير التوقعات الاقتصادية، على أن يعقب القرار مؤتمر صحفي لرئيس البنك جيروم باول يتحدث فيه عن القرار المتخذ.