لا تزال أسعار السلع الغذائية بالسوق المصرية تؤرّق المستهلكين، خاصةً في ظل تذبذب وعدم استقرار الأسعار خلال الفترة الماضية مع عدم استقرار أسعار صرف العملة الأجنبية، وعقب تحرير سعر الصرف بالبنوك والمؤسسات المالية وما أعقبه من رفع لأسعار الوقود ، يظل التساؤل هل تتأثر أسعار السلع الأساسية ويتفاقم التضخم مجدداً؟

وأعلنت الحكومة المصرية تحريك سعر السولار ليكون 10 جنيهات بدلاً من 8 جنيهات و25 قرشاً، فيما تم تحريك سعر البنزين ليزيد بقيمة جنيه واحد لكل رقم أوكتان، أما أسطوانات البوتاجاز فقد تم تحريك سعرها ليبلغ 100 جنيه بدلاً من 75 جنيهاً.

ويأتي القرار – على حد وصف الحكومة المصرية- بسبب ارتفاع أسعار النفط عالمياً نتيجة للحرب على غزة، وقبلها الحرب الروسية الأوكرانية، كما يأتي قرار اللجنة انطلاقاً من التزامها بما تم الإعلان عنه منذ يوليو 2019 بتطبيق آلية التسعير التلقائي على بعض المنتجات البترولية، حيث تستهدف الآلية تعديل أسعار بيع المنتجات بالسوق المحلية ارتفاعاً أو انخفاضاً كل ربع سنة.

ارتفاع «البنزين» تلقاه المستهلك المصري بالمزيد من الخوف تجاه تفاقم التضخم، ما دفع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي لمطالبة حكومته بالتدخل ودراسة ضبط الأسعار من خلال طرح عدد من السلع الرئيسية بالأسواق، معبراً عن رغبته في تمكين القطاع الخاص وتعزيز دور الحكومة في هذا الجانب.

وأشار السيسي بحسب تصريحات متلفزة خلال لقاء مجتمعي أمس الخميس إلى أن الهدف من فكرة الاقتصاد الحر هو توفير الفرصة للجميع، لكن الحكومة تراجعت عن تلك السياسة في الفترة السابقة الصعبة، مشيراً إلى أن الحكومة ستتدخل وتشتري السلع كونها هي من يقوم بتوفير الدولار للتجار.

وكان البنك المركزي في 6 مارس 2024 رفع معدل الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر الفائدة الرئيسية بواقع 600 نقطة أساس ليصل إلى 27.25% و28.25% و27.75% على الترتيب.

كما سمح البنك بتحديد سعر صرف الجنيه وفقاً لآليات السوق، فيما يُعد تعويماً حراً للعملة المصرية مقابل الدولار الأميركي، ليبلغ على أثرها سعر الدولار نحو 47 جنيهاً بنهاية تداولات الجمعة.

خبير: تحرير سعر الصرف يؤدي إلى مزيد من التوازن

ومن جانبه أوضح الخبير الاقتصادي وليد جاب الله أن السوق المصرية قد مرت بفترة ارتباك طويلة على مدار العامين الماضيين في ظل تذبذب سعر صرف العملة الأجنبية ما بين 31 جنيهاً وهو السعر الرسمي وسعر السوق الموازية الذي تجاوز 70 جنيهاً للدولار الواحد خلال فترة من الفترات.

ولفت خلال حديثه مع «CNN الاقتصادية» إلى أن القرار الخاص بتحرير سعر الصرف يدفع إلى خلق توازن جديد بالأسواق، مبيناً أن السلع التي كانت تُباع بسعر الصرف الرسمي سيرتفع ثمنها، بينما سينخفض ثمن تلك التي كانت تُباع وفقاً لسعر الصرف في السوق الموازية.

وأكد أن المحروقات تُعدُّ من السلع المُقيّمة بسعر الصرف الرسمي؛ ما يعني أن سعرها سيرتفع عقب ارتفاع سعر الصرف الرسمي بالبنوك إلى 46 جنيهاً مصرياً للدولار الواحد، خاصةً في ظل عدم وجود دعم على المحروقات منذ تطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادي في عام 2016، منوهاً بأن أسعار البضائع سترتفع متأثرة بارتفاع أسعار الوقود.

وأشار جاب الله إلى أن وجود أكثر من حزمة أعدتها الدولة للحماية الاجتماعية؛ ما أسهم في رفع مخصصات الرواتب بالدولة، إذ إن مخصصات الرواتب بالموازنة العامة القادمة للدولة خلال شهر مارس آذار الجاري ستبلغ نحو 570 مليار جنيه؛ ما يؤدي إلى زيادة في حجم القوة الشرائية للمستهلك المصري.

وأوضح أن أسعار البضائع تتأثر بعدد من المتغيرات بخلاف سعر صرف الدولار وهي سعر الجمرك الخاص بها بعد رفع سعر الدولار الجمركي من 30 جنيهاً إلى نحو 49 جنيهاً.

وذكر أن خفض تكاليف المرور بالموانئ بعد توفير العملة الصعبة (الدولار) دون حاجة لسداد رسوم تخزين وانتظار تعد أحد العوامل المؤثرة على أسعار البضائع، كما توقع حدوث زيادة في العرض مرتبطة بتوفر المواد الخام المستوردة للمصانع المحلية؛ ما يسهم في زيادة إنتاجها إلى جانب سهولة استيراد المنتجات المصنعة بالكامل في ظل توافر الدولار.

عدم المساس بسعر رغيف الخبز

إلى ذلك، وجَّه الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي الحكومة بالإبقاء على سعر رغيف الخبز المدعم، على أن تتحمل الدولة فارق الزيادة بالنسبة للأفران التموينية التي تعمل بالسولار أو الغاز.

وكانت مخصصات دعم أسعار البنزين والسولار وبقية المواد البترولية الأخرى قد وصلت إلى نحو 119 ملياراً و419 مليون جنيه، بالموازنة العامة الحالية التي بدأ تطبيقها أول يوليو الماضي، بزيادة وصلت إلى نحو 61 ملياراً و325 مليون جنيه.

وقامت الدولة بمضاعفة توصيل الغاز للمنازل لتصل إلى أكثر من 6 ملايين وحدة لـ14.2 مليون وحدة، فيما دخل الغاز الطبيعي لـ81 منطقة جديدة لأول مرة منها 33 بالصعيد.