يشهد العائد على أذون الخزانة المصرية قصيرة الأجل تراجعاً لمستويات أقل من 30 في المئة منذ تعويم الجنيه المصري مطلع الشهر الجاري.
وزاد إقبال المستثمرين الأجانب على شراء أدوات الدين المصرية للاستفادة من سعر الصرف وهو ما خفض العائد على هذه الأدوات، في وقت لا تريد الحكومة المصرية تحميل نفسها أعباء إضافية من الديون.
وتشير توقعات محللين تحدثوا لـ«CNN الاقتصادية» إلى أن استثمارات الأجانب في أدوات الدين المصرية منذ خفض سعر الجنيه وحتى الآن قد تتراوح بين 9 و10 مليارات دولار.
وأذون الخزانة هي أدوات مالية يطرحها البنك المركزي المصري نيابة عن وزارة المالية المصرية بشكل دوري أسبوعياً، بهدف مساعدة الحكومة على تمويل عجز الموازنة العامة وتلبية احتياجاتها.
لماذا تتراجع أسعار العائد على أدوات الدين المصرية؟
يتوقع جيمس سوانستون، الخبير الاقتصادي لدى كابيتال إيكونوميكس لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، أن يكون تراجع العائد على أذون الخزانة انعكاساً لمزيد من الاستثمارات في أدوات الدين المصرية.
ويضيف سوانستون أنه مع هذا الطلب القوي، فإن ذلك يعني ارتفاع أسعار الأذون والسندات، وفي نفس الوقت تراجع العائد عليها.
والطلب على الأذون والسندات والعائد عليها عكسي، إذ يتراجع العائد مع ارتفاع الطلب وتقديم عروض عديدة والعكس صحيح.
بينما يرى محمد عبدالمجيد، الخبير الاقتصادي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في بنك بي إن بي باريبا، أن الإقبال الكبير على أذون الخزانة المصرية منذ التعويم بسبب أن المستثمر يبحث عن الفارق بين سعر الصرف وقت دخوله عقب التعويم والسعر الحالي.
ولا يبدو العائد على أذون الخزانة المصرية مغرياً في حال استبعدنا أثر التضخم، إذ يتراوح متوسط العائد بين 25 و27 في المئة في حين يبلغ معدل التضخم 35 في المئة، وهو ما يعني أن العائد الحقيقي بالسالب.
ويضيف عبدالمجيد أن المستثمر لا يبحث حالياً على سعر الفائدة، ولكن يبحث عن سعر الصرف.
دخول محسوب للأموال الساخنة إلى مصر
يرى عبدالمجيد أن الحكومة المصرية كانت ترتكب خطأ في السنوات الماضية يتمثل في السعي وراء استثمارات الأجانب في أدوات الدين أو ما يعرف بالأموال الساخنة.
لكن هذا السعي كلّف مصر خروجاً كبيراً لهذه الاستثمارات في أعقاب حرب أوكرانيا، ما تسبب في بداية أزمة اقتصادية استمرت لعامين.
تحاول الحكومة المصرية حالياً ألّا تعيد الخطأ مرة أخرى لذلك لا ترغب في رفع أسعار العائد على أدوات الدين لنسب كبيرة، وفقاً لعبدالمجيد.
وفي أعقاب خروج كبير لاستثمارات الأجانب في أدوات الدين المصرية في 2022 قال محمد معيط، وزير المالية المصري، إن مصر تعلمت الدرس ولن نعتمد على الأموال الساخنة مرة أخرى.
لكن رغم ذلك تذهب توقعات الخبير الاقتصادي في بنك بي إن بي باريبا إلى أن ما بين 9 و10 مليارات دولار دخلت إلى مصر في سوق الدين المحلي منذ التعويم وحتى اليوم.
ويضيف «السؤال هو هل تستمر هذه الأموال في مصر أم تخرج سريعاً؟ ستكون الكرة في ملعب الحكومة المصرية إذ عليها أن تعمل على حل المشكلات الهيكلية في الاقتصاد المصري».
أعباء كبيرة على الموازنة العامة المصرية
ولا ترغب الحكومة في بيع أدوات دين قصيرة الأجل بعوائد قياسية إذ يحملها ذلك أعباء إضافية على موازنتها العامة، لكنها تضطر لذلك لتمويل عجز الموازنة المصرية المتزايد.
وبحسب سوانستون فإن مصر حريصة على إصدار ديون بسعر فائدة منخفض لأن أي سعر مرتفع يغذي الديون المصرية بسرعة أكبر ويرفع مدفوعات الفائدة على الدين الحكومي.
ويضيف أنه من الأفضل للحكومة المصرية أن تبدأ في إصدار ديون بأسعار فائدة أقل لخفض تكاليف خدمة ديونها.
وخلال الشهر الماضي ألغت مصر عطاء لبيع أدوات دين بعد أن كان المستثمرون يطلبون فائدة أكثر من 30 في المئة.
وفي العام المالي الحالي رفعت وزارة المالية المصرية تقديراتها لأسعار الفائدة على أذون الخزانة والسندات الحكومية لتصل إلى 23.5 في المئة، خلال تقريرها نصف السنوي لهذا العام، مقابل 18.5 في المئة كانت تتوقعها وقت إعداد الموازنة.