خلال زيارته الأخيرة للبرازيل، استبعد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إمكانية التوصل إلى اتفاق تجارة حرة بين الاتحاد الأوروبي ومجموعة ميركوسور، التي تضم الدول الجنوبية بأميركا اللاتينية، في الوقت الحالي بسبب الخلافات حول الالتزامات المناخية.

وأوضح الرئيس الفرنسي أنه يعتزم الضغط على مجموعة العشرين ومؤتمرات المناخ القادمة لتبني المزيد من المعايير الدولية والحوافز المالية التي تشجّع البنوك والمؤسسات والمستثمرين على إزالة الكربون من العمليات الصناعية والحفاظ على البيئة بشكلٍ أفضل.

وخلال لقائه مجموعة من رجال الأعمال في مدينة ساو باولو، قال ماكرون «الاتفاق الذي تم التفاوض بشأنه اليوم سيئ للغاية لنا ولكم»، مشيراً إلى أنه يخلو من أي التزامات تتعلق بالمناخ والحفاظ على التنوع البيولوجي، ودعا الرئيس الفرنسي لصياغة اتفاق جديد يراعي الأهداف المشتركة المتعلقة بالتنمية والمناخ والبيئة.

وفي حين أعربت البرازيل مراراً عن استعدادها لتوقيع الاتفاق، تؤكد فرنسا تحفظها على بنود الاتفاق، موضحة أن المزارعين الفرنسيين يعترضون على دخول واردات زراعية لا تتوافق مع المعايير البيئية الصارمة للاتحاد الأوروبي، خاصة فيما يتعلق باللحوم.

وكان الرئيس الفرنسي قد انتقد الاتفاق المقترح خلال قمة الأمم المتحدة للمناخ «كوب 28» التي عُقدت في دولة الإمارات في نوفمبر تشرين الثاني 2023 مبرراً ذلك بأنه لا يمكن إلزام المزارعين والشركات في أوروبا باشتراطات صارمة لخفض الانبعاثات في الوقت الذي يُسمح فيه لمنتجات أميركا الجنوبية -غير الملزمة الاشتراطات ذاتها- بدخول الاتحاد الأوروبي دون رسوم جمركية.

الموقف البرازيلي

من جهته، قال وزير المالية البرازيلي فيرناندو حداد إنه على الرغم من خسارة فرصة التوصل إلى اتفاق بين التكتلين الاقتصاديين في العام الماضي، فإن البرازيل عازمة على مواصلة جهودها لإنجاح المفاوضات وإبرام اتفاق بين الجانبين.

وأوضح حداد أن الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا استثمر الكثير من وقته في هذا الملف، مؤكداً إصراره على استئناف الجهود لبناء علاقات تجارية أقوى مع السوق الأوروبي.

وفي وقت سابق هذا الشهر، توقع بعض المسؤولين الأوروبيين إحراز «تقدم حاسم» في هذا الصدد بحلول يوليو تموز المقبل، بحسب ما أوردته رويترز.

صفحة جديدة من العلاقات الفرنسية البرازيلية

وخلال زيارته أكبر اقتصادات أميركا اللاتينية، دعا ماكرون المؤسسات البرازيلية إلى ضخ المزيد من الاستثمارات في السوق الفرنسية، مشيراً إلى أن آفاق التعاون بين فرنسا والبرازيل يمكن أن تمتد للاستثمار في أسواق ثالثة خاصة إفريقيا.

ومنذ عودته إلى السلطة مرة أخرى العام الماضي، قام لولا دا سيلفا بزيارة العديد من الدول الإفريقية، مؤكداً رغبته في استئناف العلاقات «الجيدة والمثمرة» التي طالما ربطت بلاده بالقارة السمراء منذ توليه سدة الحكم لأول مرة في مطلع الألفية، كما سعى للتخلص من السياسات المناخية لخلفه السابق جايير بولسونارو اليميني المتطرف الذي حاول إلغاء العديد من الالتزامات المناخية.

وفي أثناء الزيارة، كشف ماكرون أنه تحدث مع نظيره البرازيلي حول تعزيز التعاون بين البلدين في مجال الصناعات الدفاعية ليتجاوز التركيز الحالي على إنتاج المروحيات والغواصات البحرية.

وبحسب إحصاءات معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، تُعد فرنسا ثاني أكبر مصدري الأسلحة في العالم، إذ شهدت الدولة زيادة ملموسة في معدل صادراتها الدفاعية خلال الأعوام الأخيرة، خاصة إلى الهند و قطر ومصر.

وفي لقاء منفصل مع الفرنسيين المقيمين في البرازيل، قال ماكرون إن زيارته الحالية تمثّل ترسيخاً للعلاقات التي بدأها خلفه السابق نيكولاس ساركوزي الذي أبرم سلسلة من اتفاقات الشراكة مع البرازيل في أثناء ولاية لولا دي سيلفا آنذاك.

وقد يشمل ذلك تسهيل إصدار التأشيرات لدخول منطقة غويانا الفرنسية الواقعة على حدود البرازيل من جهة غابات الأمازون المطيرة، إلى جانب التعاون لإطلاق برنامج الفضاء الأوروبي بالمنطقة.

وتعليقاً على ذلك قال ماكرون «هناك صفحة جديدة تُفتح الآن، وستشهد الأشهر القليلة المقبلة تعزيز علاقات الصداقة بين الدولتين».