توقع تقرير شركة بي دبليو سي تباطؤ اقتصادات مصر والأردن وقطر خلال عام 2024، مع انتعاش اقتصادات الإمارات والسعودية، بعدما أثبتت اقتصادات الشرق الأوسط مرونتها في عام 2023.

وقالت بي دبليو سي في أحدث نشرة اقتصادية صدرت يوم الاثنين «لا يزال اقتصاد الشرق الأوسط صامداً على الرغم من التحديات الناجمة عن خفض إنتاج النفط والاضطرابات الجيوسياسية».

ومع ذلك، خفّضت الشركة توقعاتها لاقتصادات مصر والأردن وقطر إلى 3.6 في المئة و7.5 في المئة و2.2 في المئة على الترتيب، بعدما سجل الأردن معدل نمو بلغ 12.5 في المئة وتصدر اقتصادات الشرق الأوسط الأعلى نمواً في 2023.

أما على صعيد معدل التضخم، فتوقع التقرير ارتفاعه في دول الشرق الأوسط إلى 6.5 في المئة بقيادة مصر، فيما توقع تباطؤ التضخم في دول مجلس التعاون الخليجي إلى متوسط 2.3 في المئة.

إنتاج النفط والخفض الطوعي

یشھد الطلب على النفط تفاوتات كبیرة في التوقعات، إذ قدرت منظمة أوبك في فبراير شباط نمو الطلب بمعدل 2.3 ملیون برمیل یومیاً، بينما توقعت وكالة الطاقة الدولية نمواً یبلغ 1.2 ملیون برمیل یومیاً فقط، ویعتبر ھذا الفرق أكبر من إنتاج الخام لسلطنة عمان والبحرین معاً، ويتجاوز حجم خفض الإنتاج الأخیر من السعودية.

على جانب آخر، يتوقع المحللون ارتفاع إنتاج النفط من الدول خارج منظمة أوبك بما في ذلك الولايات المتحدة وغيانا والبرازيل بنحو 1.3 مليون برميل يومياً، ما يعني أن هذه الدول ستكون قادرة على تلبیة الزیادة المتوقعة من قبل وكالة الطاقة الدولية في الطلب، وبالتالي قد تضغط أي زيادة إنتاج إضافية من قِبل منظمة أوبك على أسعار النفط.

ورغم قرار منظمة أوبك بلس تمديد خفض إنتاج النفط حتى الربع الثاني من عام 2024، فإن تداعيات الخفض الطوعي على إيرادات الدول تختلف من دولة لأخرى حسب القدرة الإنتاجية الفعلية، ما يجعل السعودية والإمارات الأقل تأثراً، وعمان والعراق والكويت الأكثر تأثراً.

التخفيضات الطوعية لمنظمة أوبك

وقال ريتشارد بوكسشال، الشريك وكبير الاقتصاديين في بي دبليو سي الشرق الأوسط «يلعب الطلب على النفط دوراً رئيسياً في التأثير على نمو دول الشرق الأوسط المصدرة للنفط، ومع ذلك، من المتوقع أن يؤدي النمو القوي في القطاع غير النفطي إلى موازنة هذه التأثيرات».

وعلى العكس من ذلك، يبدو نمو الطلب على الغاز الطبيعي واعداً على المدى المتوسط، بحسب بي دبليو سي، ما دفع قطر إلى زيادة حجم مشروعها العملاق لتوسيع حقل الشمال، كما تفكر أبوظبي في زيادة إنتاج الغاز الطبيعي المسال.

ويرى تقرير بي دبليو سي السعودية والإمارات في المرتبة الثانية كأفضل نمو اقتصادي متوقع العام الحالي عند أربعة في المئة، بفضل جهود تنويع الاقتصاد بعيداً عن القطاعات النفطية.

وأضافت بي دبليو سي أنه المتوقع أن يظل نمو القطاع غير النفطي قوياً، مدعوماً بأداء الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي أقوى من المتوقع في عام 2023 ومؤشرات مديري المشتريات في السعودية والإمارات.

ویتوقع صندوق النقد الدولي أن یبلغ إجمالي الفائض الحكومي العام لدول مجلس التعاون الخلیجي ثلاثة في المئة من الناتج المحلي الإجمالي ھذا العام، مع بلوغ سعر برمیل النفط 81 دولار أميركي.

انتعاش التمويل الأخضر

شهد عام 2023 طفرة في التمويل الأخضر، خاصة في دول مثل الإمارات والسعودية، وعزت بي دبليو سي هذا التوجه إلى زيادة الوعي في الفترة التي سبقت انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (كوب 28).

وازدادت إصدارات السندات والصكوك الخضراء في منطقة الشرق الأوسط بواقع الضعف لتصل قيمتها إلى 24 مليار دولار في عام 2023، ويستمر الزخم مع نشر سلطنة عمان إطاراً للتمويل المستدام، وترقب طرح قطر أول سندات خضراء سيادية.

وقال ستيفن أندرسون، الشريك والمدير الاستراتيجي لمنطقة الشرق الأوسط في بي دبليو سي «تركز المنطقة بشكل متزايد على الاستدامة، بما يتماشى مع ضرورة التنويع الاقتصادي، ويعد النمو في التمويل الأخضر مؤشراً قوياً على هذا التركيز ولديه القدرة على تعزيز جاذبية المنطقة للمستثمرين الأجانب».

في غضون ذلك، يرى التقرير أن التمويل الأخضر لا يزال يمثل فرصة غير مستغلة للمنطقة، ولا سيما داخل دول مجلس التعاون الخليجي، التي لديها أسواق رأس مال متطورة.

وتأتي توقعات بي دبليو سي في ضوء آخر التطورات الجيوسياسية والاقتصادية في المنطقة، بينما تنتظر الأسواق صدور توقعات صندوق النقد الدولي في تقرير الربيع في وقت لاحق من شهر أبريل نيسان الجاري.