قال وزير الاقتصاد اللبناني أمين سلام في مقابلة مع «CNN الاقتصادية» إن قرار الدولرة الذي واجه اعتراضات كثيرة في الشارع اللبناني سبب رئيسي في ضبط السوق السوداء وضمان استقرار سعر صرف الليرة اللبنانية.

ويعود سبب بدء اعتماد التسعير بالدولار في لبنان إلى الأزمة الاقتصادية التي يمر بها البلد منذ اندلاع الاحتجاجات في عام 2019 وفك ارتباط الليرة المحلية بالدولار في السوق الموازية، ومن ثم في المصارف المحلية، ما أدى لتدهور سعر صرف الليرة مقابل الدولار بشكل ملحوظ، وبالتالي زيادة العبء على المواطنين الذين لا يزال جزء كبير منهم يتقاضى رواتبه بالعملة المحلية وعلى سعر صرف لا يضاهي قيمة العملة الحالية في السوق السوداء.

وبدأت الليرة اللبنانية تشهد استقراراً في أسعار الصرف منذ الصيف الماضي، مما تجسد في صورة فائض بميزان المدفوعات تحتاج إليه البلاد بشدة في الوقت الذي تعيش فيه حرباً في الجنوب منذ أكتوبر تشرين الأول وشللاً سياسيّاً في ظل غياب رئيس جمهورية وحكومة تصريف أعمال، وجمود في إنتاج الحلول للأزمة القائمة منذ خمس سنوات.

وقال سلام إن «قرار وزارة الاقتصاد بدولرة الأسعار أثبت زمنياً وعلمياً أنه قرار خلق استقرار في سعر صرف العملة المحلية».

وأضاف أن هناك دراسة صادرة عن جامعة هارفرد الأميركية أكّدت أنه القرار الأفضل، وأنه تمكن من ضبط السوق السوداء التي كانت تستغل الفوضى لتحقيق أرباح طائلة على حساب المواطن اللبناني، وتابع سلام قائلاً إن هذا القرار خدم الجميع، بما فيهم المواطنون الذين يتقاضون رواتبهم بالعملة المحلية.

لكن سامي نادر، الخبير الاقتصادي ومدير معهد المشرق للشؤون الاستراتيجية، يرى أن اعتبار استقرار سعر الصرف أمراً مفروغاً منه ينطوي على مخاطر، وقال في اتصال مع «CNN الاقتصادية»، «إذا اعتبرنا الدولرة (بحسب مفهومها العلمي) هي انتقال كل النظام اللبناني إلى تبني الدولار باعتباره العملة الرئيسية في البلاد وتوقف الصرف المركزي عن طباعة العملة المحلية، إذاً قرار الدولرة صائب ويضمن استقرار العملة، ولكن إذا كان مفهوم الدولرة تسعير البضائع بالدولار الأميركي في وقت يستمر المصرف المركزي بطباعة الليرة اللبنانية، فذلك لا يضمن استقرار العملة بتاتاً».

قوانين إصلاحية تحمي المستهلك

تحدث سلام عن القانون الجديد الذي سيصدر قريباً لحماية المستهلك اللبناني والذي «سيخلق ثورة واستقراراً في السوق»، وأكّد سلام أن المخالفات ستتراوح بين ألف دولار و«خمسة آلاف أو خمسين ألفاً أو حتى مئة ألف دولار»، على حد قوله.

وتابع سلام قائلاً إن القانون يقتضي اتخاذ إجراءات قضائية بكل من يخالف هذا القانون، مؤكداً أن تراجع سعر صرف العملة المحلية مقابل الدولار الأميركي أسهم بخلق حالة من عدم اللامبالاة لدى التجار بسبب أسعار المخالفات المتدنية.

ويتناول قانون حماية المستهلك اللبناني الجديد جوانب مختلفة تهدف إلى حماية حقوق المستهلكين ومصالحهم.

في سياق لبنان، ونظراً للتحديات الاقتصادية التي واجهتها البلاد، فقد يركز مثل هذا القانون على ضمان عدم استغلال المستهلكين من خلال ممارسات تجارية غير عادلة، وإمكانية الوصول إلى معلومات دقيقة عن المنتج، ومن الممكن أيضاً أن يهدف القانون إلى تعزيز العلاقة بين السياسات النقدية والاستراتيجيات المالية.

التحول الرقمي في لبنان

بدأت وزارة الاقتصاد والتجارة بدعم من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في مشروع التحول الرقمي، والذي يندرج في إطار خطة شاملة لمكافحة الفساد، وتعزيز كفاءة الخدمات، وتسهيل إجراءات العمل، وفي هذ الإطار اعتبر سلام أن لبنان متأخر جداً، مشيراً إلى أن وزارة الاقتصاد أخذت إجراءات للمضي قدماً في هذا المجال لتكون أول وزارة تتبنى هذا التحول.

وأكّد أنه ستتم مكننة خمسين في المئة من معاملات الوزارة في شهر أبريل لتسهيل حياة المواطن وتخفيف معدلات الفساد من خلال توقيف أي محاولة للرشاوى، خاصة مع ارتفاع تكاليف المعاملات إلى أضعاف مع انتشار الفساد، وفي حديث عمّا إذا كان قرار التحول إلى الرقمية يزيد الفجوة الاجتماعية مع ارتفاع نسب الفقر في لبنان وتدني مستوى المعيشة، وذلك إضافة إلى الحرب الحدودية مع إسرائيل، يؤكّد سلام أن هذه الخطوة اتخذت لخدمة المواطن اللبناني وتخفيف عبء التنقلات لإجراء المعاملات، خاصة أن كل معاملة بحاجة إلى خمس زيارات إلى الوزارة على الأقل لإتمامها.