بينما تستعد أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لإجراء الانتخابات العامة التي تبدأ في 19 إبريل نيسان الجاري، يواجه الساسة واقعاً مزعجاً يتمثل في أن الهند، رغم كونها الاقتصاد الأسرع نمواً، لا يوجد بها حتى الآن ما يكفي من الوظائف الإدارية لشبابها المتعلمين.

يكسب بوبالي، الذي درس علم الأحياء، لقمة عيشه من خلال وظائف بدوام جزئي تتراوح بين مساعد خياط وحارس أمن ليلي، بينما يستعد لامتحانات الخدمة المدنية المرهقة.

وقال بوبالي، القادم من قرية زراعية إلى العاصمة نيودلهي بحثاً عن عمل، إنه يفتقر إلى الواسطة اللازمة للحصول على عمل في القطاع الخاص، مؤكداً «الوظيفة الحكومية هي أفضل أنواع الوظائف».

وأضاف «لا يستطيع المتعلمون من القرى مثلنا الحصول على وظائف ذات رواتب عالية في القطاع الخاص».

بوبالي ليس الوحيد، إذ تشير تقديرات منظمة العمل الدولية إلى أن 29 في المئة من خريجي الجامعات الشباب في الهند كانوا عاطلين عن العمل في عام 2022.

وهذا المعدل أعلى بنحو تسعة أضعاف من أولئك الذين لا يحملون شهادة جامعية، والذين عادة ما يجدون عملاً في وظائف الخدمة أو البناء منخفضة الأجر.

البطالة في الهند

تشير بيانات وزارة الصحة إلى أن أكثر من نصف سكان الهند البالغ عددهم 1.4 مليار نسمة تقل أعمارهم عن 30 عاماً.

وقال ر. راماكومار، خبير اقتصادي في مجال التنمية بمعهد تاتا للعلوم الاجتماعية في مومباي «إن الوظائف لا تزداد بالسرعة التي تزداد بها القوى العاملة»، مشيراً إلى أن العديد من الوظائف الجديدة تنشأ في قطاع الزراعة.

وقال راماكومار «هذا هو أحد الأسباب وراء رؤية عدد كبير من المتقدمين لعدد صغير من المناصب في الوظائف الحكومية».

وأضاف أن ذلك يفسر أيضاً «رغبة الناس في الخروج من الهند عبر قنوات غير قانونية والبحث عن عمل في الولايات المتحدة أو كندا».

ويفخر رئيس الوزراء ناريندرا مودي، الذي من المتوقع على نطاق واسع أن يفوز بولاية ثالثة في الانتخابات المقبلة، بنجاحه في إقناع عمالقة التكنولوجيا العالمية مثل أبل وديل بتأسيس أعمالهم في الهند.

لكن المنتقدين يقولون إن هذا لم يترجم إلى ملايين الوظائف الصناعية التي يطلبها الناس.

وحذّر البنك الدولي هذا الشهر من أن الهند، مثل دول جنوب آسيا الأخرى، «لا تخلق ما يكفي من فرص العمل لمواكبة الزيادة السريعة في عدد السكان في سن العمل».

وقالت فرانزيسكا أوهنسورج، كبيرة الخبراء الاقتصاديين لمنطقة جنوب آسيا في البنك، إن دول جنوب آسيا تفشل في «الاستفادة الكاملة من نموها الديموغرافي»، واصفة ذلك بأنه «فرصة ضائعة».

يقول العديد من الشباب الهنود إنه ليس لديهم خيار سوى الانضمام إلى السباق المحموم للحصول على الوظائف الحكومية، ذات الأجر اللائق والمزايا التأمينية.

لكن المنافسة شديدة، على سبيل المثال، تتلقى شركة السكك الحديدية الهندية التي تديرها الدولة ملايين الطلبات لمئات الآلاف من الوظائف المتوسطة أو منخفضة المستوى.

وقال غانيش جور (34 عاماً) إنه حاول وفشل في امتحان الخدمة المدنية خمس مرات.

وفي عام 2022، بعد أن حوّلت الحكومة بعض الوظائف العسكرية الدائمة إلى عقود مؤقتة، اندلعت احتجاجات عنيفة، حيث أشعل الناس النار في قطارات السكك الحديدية.

وتجذب الوظائف الأكثر خطورة أيضاً العديد من المتقدمين، وفي وقت سابق من هذا العام، اصطف الآلاف لتقديم طلبات التوظيف في إسرائيل بعد نقص العمالة الناجم عن الحرب ضد قطاع غزة.

الاقتصاد الهندي

تفوقت الهند على بريطانيا في عام 2022 لتصبح خامس أكبر اقتصاد في العالم، ونمت بنسبة 8.4 في المئة في الربع المالي من أكتوبر تشرين الأول إلى ديسمبر كانون الأول 2023، بفضل ارتفاع قطاع التصنيع، لكن العديد من الشباب يقولون إنهم يشعرون بالإحباط بسبب قلة الفرص.

وفي ديسمبر كانون الأول 2023، ألقى المتظاهرون قنابل الدخان على البرلمان وهم يرددون شعارات مناهضة للحكومة لتسليط الضوء على البطالة.

لكن لا يزال من غير الواضح ما إذا كان الغضب من البطالة سيترجم إلى تحول الناخبين عن حزب مودي الحاكم.

ووجد استطلاع للرأي أُجري في مارس آذار الماضي للطلاب في العاصمة دلهي أن 30 في المئة فقط ألقوا باللوم على حكومة مودي في ارتفاع معدلات البطالة، وفقاً لمركز أبحاث لوكنيتي سي إس دي إس.

(أ ف ب)