مع تباين اتجاهات النمو بين الاقتصادات المتقدمة والأسواق الواعدة والاقتصادات النامية، توقَّع البنك الدولي تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي في العام الجاري 2024، وذلك للعام الثالث على التوالي.
أما بالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فقد أشارت توقعات البنك الدولي في تقرير أصدره يوم الاثنين، عنوانه (الصراع والديون في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا)، إلى نمو الاقتصاد بنسبة 2.7 في المئة في العام الجاري، على أن يبلغ 4.2 في المئة خلال العام المقبل 2025.
لكن ما بين ارتفاع معدلات التضخم في بعض الدول العربية مثل مصر التي تواجه أيضاً أزمة انخفاض إيراداتها من قناة السويس؛ بعدما غيّرت سفن الشحن مسارها بعيداً عن البحر الأحمر، وعلى الرغم من ضبابية الوضع الاقتصادي في فلسطين، هل هناك بصيص أمل في العام المقبل.
اقتصاد غزة على حافة الهاوية
في ظل انعدام الأمن الغذائي في غزة، ومخاطر من حدوث مجاعة، إذ يعاني واحد على الأقل من كل أربعة أفراد من الجوع الكارثي، وتشريد أكثر من 1.7 مليون شخص، وفقاً لمجموعة الإيواء التابعة للأمم المتحدة، وتأثر قطاعات الصحة والتعليم والطاقة، شهد الاقتصاد الفلسطيني واحدة من أكبر الصدمات الاقتصادية في التاريخ الحديث، جرَّاء الحرب في غزة، وفقاً للبنك الدولي.
انخفض الناتج المحلي الإجمالي لقطاع غزة من 670 مليون دولار في الربع الثالث من العام الماضي إلى 90 مليون دولار في الربع الأخير، بانخفاض قدره 86 في المئة.
وبلغت خسائر القطاع الخاص في الضفة الغربية وقطاع غزة، نحو 1.% مليار دولار في أول شهرين من الصراع، ليمثل أكبر خسائر للاقتصاد الفلسطيني بعد الانتفاضة الثانية في الفترة بين عامي 2000 و2005.
كما تجاوزت مستويات الفقر في غزة والضفة الغربية بحلول نهاية العام الماضي، 26.5 في المئة التي سُجلت في عام 2020، وكانت الذروة جرَّاء القيود التي فُرضت بسبب جائحة كوفيد-19.
لكن وفقاً لتقديرات البنك الدولي، فمن المقرر أن يتعافى اقتصاد غزة والضفة الغربية بحلول العام المقبل، ليسجل 5.5 في المئة.
أزمة قناة السويس
شهدت حركة الشحن عبر البحر الأحمر انخفاضاً ملحوظاً بعدما أبدى الحوثيون استعدادهم لتصعيد الأعمال العدائية في نوفمبر تشرين الثاني الماضي؛ ما رفع من تكاليف الشحن والتأمين، كما قرر العديد من شركات الشحن تحويل المسار نحو رأس الرجاء الصالح.
ومن ثم، انخفض حجم التجارة عبر قناة السويس بنسبة 42 في المئة خلال الفترة من ديسمبر كانون الأول 2023 إلى فبراير شباط 2024، بعدما استحوذت قناة السويس على نحو 12.5 في المئة من تجارة الشحن العالمية، بما في ذلك نحو 30 في المئة من حركة الحاويات العالمية، وفقاً لما جاء في تقرير البنك الدولي.
كما انخفضت عدد السفن والناقلات التي تمر عبر باب المندب بنسبة 14 في المئة في ديسمبر كانون الأول 2023، وبنسبة أكبر بنحو 57.6 في المئة في يناير كانون الثاني 2024.
هل تتأثر اقتصادات الدول العربية؟
كانت الدول الأقرب للصراع في غزة هي الأكثر عُرضة لتباطؤ معدلات السياحة؛ فكانت الأردن ولبنان هما الأكثر تضرراً، وفقاً لتقرير البنك الدولي.
وفي الأسابيع الثلاثة الأولى عقب السابع من أكتوبر تشرين الأول 2023، انخفضت حجوزات الطيران إلى الشرق الأوسط بنسبة 26 في المئة مقارنة بعام 2019.
لكن، يتوقع تقرير البنك الدولي أن يبلغ معدل النمو في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا نحو 2.7 في المئة في نهاية العام الحالي، وهي زيادة طفيفة من 1.9 في المئة في عام 2023، على أن يرتفع إلى 4.2 في المئة في العام المقبل.
وبالنسبة للدول النامية المصدرة للنفط، فقد توقع البنك الدولي نمو اقتصاد الجزائر 3.5 في المئة في 2025، ونمو اقتصاد العراق 6.1 في المئة في العام ذاته.
أما الدول النامية المستوردة للنفط، فقد جاءت توقعات البنك الدولي لنمو مصر التي تعاني من تضخم أسعار الغذاء، بنحو 4.2 في المئة في عام 2025.
وكانت مجموعة البنك الدولي، أعلنت عزمها في مارس آذار الماضي، تقديم أكثر من ستة مليارات دولار إلى مصر على مدى ثلاث سنوات، في ظل ما تواجهه من أزمة نقد أجنبي أدت إلى تباطؤ النشاط الاقتصادي ونقص السلع المستوردة، بينما قال الاتحاد الأوروبي، في أبريل نيسان، إنه سيقدم لمصر مليار يورو (ما يعادل 1.07 مليار دولار) في صورة مساعدات مالية قصيرة الأجل لدعم استقرار اقتصاد البلاد.
وثبّت البنك الدولي توقعاته لنمو الاقتصاد التونسي، بنسبة 2.4 في المئة في عامي 2024 و2025، بينما توقع ارتفاع نمو اقتصاد المغرب في العام المقبل إلى 3.7 في المئة.
اقتصاد دول مجلس التعاون الخليجي
توقع البنك الدولي ارتفاع معدل النمو الاقتصادي في دول مجلس التعاون الخليجي ليبلغ 2.8 في المئة في 2024 و4.7 في المئة في 2025.
وعلى الرغم من خفض توقعاته لنمو الاقتصاد السعودي في العام الجاري، إلى 2.5 في المئة من 4.1 في المئة التي سبق أن توقعها في تقريره الصادر في يناير كانون الثاني الماضي؛ فإنه رفع توقعاته لنمو الاقتصاد السعودي في العام المقبل من 4.2 إلى 5.9 في المئة.
وأرجع أسباب خفض التوقعات إلى انخفاض أسعار النفط في عام 2023، وخفض منظمة أوبك وتحالف أوبك بلس الإنتاج.
أوضح البنك الدولي أن اقتصادات الدول المصدرة للنفط في المنطقة شهدت تراجعاً حاداً من 6.5 في المئة في عام 2022، إلى 1.5 في المئة في العام الماضي، مضيفاً أن نمو اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي تباطأ بوتيرة أشد حدة، إذ انخفض إلى 0.7 في المئة في عام 2023، مقابل 7.6 في المئة في عام 2022.
وحسب التقرير، فقد رفع توقعاته أيضاً لنمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لدولة الإمارات العربية المتحدة إلى 3.9 في المئة خلال العام الجاري، مقارنة بتوقعاته في يناير كانون الثاني الماضي التي بلغت 3.7 في المئة، كما رفع توقعاته لنمو الاقتصاد الإماراتي في العام المقبل إلى 4.1 في المئة، مقارنة بتوقعاته السابقة البالغة 3.8 في المئة.
وأفاد التقرير أيضاً بنمو اقتصاد الكويت بنسبة 2.8 في المئة بنهاية العام الجاري، على أن يرتفع إلى 3.1 في المئة في العام المقبل، بينما ينمو اقتصاد البحرين بنسبة 3.5 في المئة في 2024 و3.3 في المئة في 2025.
كما رجح نمو اقتصاد قطر بنسبة 2.1 في المئة هذا العام، لترتفع إلى 3.2 في المئة في العام المقبل، وقدّر نمو اقتصاد سلطنة عمان بنسبة 1.5 في المئة في 2024 و2.8 في المئة في العام المقبل.
وأوضح البنك في تقريره أن نصيب الفرد في دول مجلس التعاون الخليجي من الناتج المحلي الإجمالي فيها سيرتفع إلى واحد في المئة في العام الجاري، مقارنة بنحو 0.9 في المئة من عام 2023.