مع انتشار التقنيات المعتمدة على الأقمار الصناعية والصواريخ، يتوقع الخبراء أن يصل اقتصاد الفضاء إلى 1.8 تريليون دولار بحلول عام 2035 ارتفاعاً من 630 مليار دولار في عام 2023، وبمتوسط معدل نمو سنوي يبلغ 9 في المئة، ما يسهم في تعزيز الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وفقاً لتقرير حديث صادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي بعنوان «الفضاء: فرص بقيمة 1.8 تريليون دولار لتعزيز النمو الاقتصادي العالمي».
ويتوقع التقرير، الذي تم إعداده بالتعاون مع شركة ماكينزي آند كومباني، التطورات الرئيسية التي ستشكل صناعة الفضاء والصناعات المرتبطة به على مدار العقد المقبل، بما في ذلك التقنيات الفضائية المستخدمة في مجال الاتصالات وتحديد المواقع والملاحة والتوقيت، ومن المتوقع أن تمثل خدمات مراقبة الأرض المحرك الرئيسي لهذا النمو.
في المقابل، ستنخفض حصة خدمات الفضاء التقليدية -التي يستحوذ عليها مطورو الأجهزة والخدمات- تدريجياً لصالح خدمات أخرى أكثر تطوراً مثل تطبيقات نقل الركاب القائمة على التكنولوجيا المدعومة بالفضاء مثل الأقمار الصناعية.
كما سيكون الفضاء أكثر ارتباطاً بالأشخاص والبضائع، من خلال دمجه في خمسة قطاعات رئيسية، وهي سلاسل التوريد والنقل، والقطاع الغذائي، وقطاع الأمن والدفاع، والتجزئة، والاتصالات الرقمية.
ويتوقع أن تولد تلك القطاعات الخمسة 60 في المئة من روافد اقتصاد الفضاء العالمي بحلول عام 2035.
وقال عضو اللجنة التنفيذية للمنتدى الاقتصادي العالمي، سيباستيان باكوب، «توفر تقنيات الفضاء قيمة أكبر لمجموعة متنوعة من الأطراف المستفيدة أكثر من أي وقت مضى»، مضيفاً أنه مع انخفاض التكاليف وارتفاع إمكانية الوصول لتلك الخدمات، يمكن لهذه التقنيات إعادة تشكيل صناعات بأكملها، وسيكون لها تأثير كبير على الأعمال والمجتمعات، خاصة في مجال الهواتف الذكية والحوسبة السحابية.
الفوائد تتخطى المكاسب المادية
بجانب قدرة اقتصاد الفضاء على إتاحة وخلق الفرص التجارية الجديدة، فهو يعالج أيضاً بعض أكبر التحديات التي يواجهها العالم مثل تغير المناخ، وفقاً للتقرير.
فالتقنيات الفضائية تعمل على توجيه العديد من الأنشطة في العالم، بدءاً من التنبؤات الجوية حتى الأدوات الذكية المنتشرة في كل مكان (مثل الساعات الذكية)، ولذلك ستسهم تلك التقنيات في الحد من آثار الكوارث في مختلف القطاعات.
الآفاق الاقتصادية لسياحة الفضاء
ارتفع عدد الأقمار الصناعية التي يتم إطلاقهاً سنوياً بمعدل 50 في المئة خلال السنوات العشرين الماضية، في حين انخفضت تكاليف الإطلاق عشرة أضعاف خلال الفترة نفسها، بفضل الاستعانة بالمزيد من عمليات الإطلاق منخفضة التكاليف.
بالإضافة إلى ذلك، تستثمر مجموعة أوسع من المستثمرين، بما في ذلك الجهات الحكومية وغير الحكومية، في الفضاء، إذ بلغت تلك الاستثمارات أعلى مستوياتها على الإطلاق بين عامي 2021 و2022 متجاوزة 70 مليار دولار.
في الوقت ذاته، لم تعد إيرادات السياحة الفضائية قاصرة على التطبيقات الافتراضية فقط، بل إن معظم الإيرادات أصبحت تأتي من السفر الفعلي للفضاء والإقامة على متن المحطات الفضائية من قبل أفراد من أثرياء العالم، ومن المتوقع أن تبلغ قيمة سوق السياحة الفضائية ما بين 4 و6 مليارات دولار بحلول عام 2035.
وأشار التقرير إلى أن تقديراته بوصول اقتصاد الفضاء العالمي إلى 1.8 تريليون دولار بحلول عام 2035 قد ترتفع إلى 2.3 تريليون دولار في حالة تحسين القدرة على الوصول إلى البيانات، وانخفاض تكلفة دخول الفضاء خلال تلك الفترة.
على الجانب الآخر، قد تتراجع تلك التقديرات إلى 1.4 تريليون دولار في حالة تزايد صعوبات الوصول إلى الفضاء والإخفاق في استكمال التطورات التكنولوجية المطلوبة على الأرض.
وفي كلتا الحالتين، سيكون اللاعبون من القطاعين العام والخاص على حد سواء في وضع جيد لإطلاق عدد لا يحصى من التطبيقات المفيدة للجميع، من خلال فهم وتبني الإمكانات التي يوفرها الفضاء.