أشارت كريستالينا غورغييفا، مديرة صندوق النقد الدولي في مؤتمر صحفي يوم الخميس، إلى الديون باعتبارها أحد أكبر المخاطر أمام اقتصادات العالم، خاصة في ظل أسعار الفائدة المرتفعة عالمياً، والتوترات الجيوسياسية.
وقالت غورغييفا في تصريحاتها في مؤتمر صحفي خلال اجتماعات الربيع لصندوق النقد الدولي «إن الاقتصاد العالمي أثبت مرونة على نحو مدهش في مواجهة ارتفاع أسعار الفائدة وصدمة الحرب في أوكرانيا وغزة»، لكنها حذَّرت من عدة مخاطر في ذلك التضخم العنيد وارتفاع مستويات الديون الحكومية.
وارتفع الدين العام العالمي إلى 93 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2023، وهذا أعلى بنحو تسع نقاط مئوية عن مستويات ما قبل جائحة كورونا البالغة 84 في المئة، بحسب صندوق النقد.
الشرق الأوسط بين الديون والحروب
رفع صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو الاقتصاد العالمي بنسبة طفيفة إلى 3.2 في المئة لعام 2024، من 3.1 في المئة سابقاً، لكنه خفض توقعاته للنمو في دول الشرق الأوسط بواقع 0.7 في المئة، وأرجع ذلك بشكل رئيسي إلى حالة عدم اليقين والتوترات الجيوسياسية.
ويُظهر تقرير أبريل نيسان الصادر من البنك الدولي عن الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بعنوان «الصراع والديون في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا»، أن النمو الضعيف وارتفاع المديونية وزيادة عدم اليقين بسبب الصراع في الشرق الأوسط تؤثر على الاقتصادات في جميع أنحاء المنطقة.
وارتفع متوسط نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي في اقتصادات منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بأكثر من 23 نقطة مئوية بين عامي 2013 و2019، كما زادت الجائحة الأمور سوءاً، وتتركز هذه المديونية المتزايدة بشكل كبير في الاقتصادات المستوردة للنفط، بحسب البنك الدولي.
وأفادت بيانات منشورة على الموقع الإلكتروني لوزارة التخطيط المصرية بأن الدين الخارجي للبلاد ارتفع بنحو 3.5 مليار دولار في الربع الأخير من 2023 ليصل إلى 168 مليار دولار، وبذلك يرتفع الدين الخارجي لمصر بنحو أربعة أضعاف خلال السنوات العشر الماضية بالتزامن مع إنفاق الدولة على مشروعات حكومية.
وفي هذا الصدد، قالت غورغييفا إن أكثر الاقتصادات تضرراً من الأحداث في الشرق الأوسط لبنان، في حين شهدت بقية البلدان ضرراً أقل، على سبيل المثال، أثبت اقتصاد الأردن ومصر مرونته على نحو مفاجئ.
كما حثت على تركيز العالم بشكل أكبر على ما يحدث في السودان واليمن، مشيرة إلى أن الوضع كارثي وسيكون له تأثير كبير على اقتصادات المنطقة.
التخلف عن السداد.. ناقوس خطر
حذَّرت غورغييفا من أن أسعار الفائدة المرتفعة تزيد الضغوط على الديون العالمية، إذ أصبحت مدفوعات خدمة الدين أكثر تكلفة، وهو ما يثقل على البلدان ذات الديون المرتفعة وبخاصة متوسطة ومنخفضة الدخل.
وفي وقت سابق، قالت غورغييفا في تصريحات نقلتها وكالة رويترز الأسبوع الماضي، إن «ارتفاع أسعار الفائدة بالنسبة لبقية العالم ليس خبراً ساراً، فأسعار الفائدة المرتفعة تجعل الولايات المتحدة أكثر جاذبية، لذا تأتي التدفقات المالية إلى هنا، وهذا يترك بقية العالم يعاني إلى حد ما».
وكشف تقرير لمشروع تخفيف أعباء الديون من أجل التعافي الأخضر الشامل هذا الأسبوع أن خدمة الديون الخارجية قد تكلف الدول الناشئة ما يصل إلى 400 مليار دولار، وهو مستوى قياسي من شأنه وضع 46 دولة تحت وطأة التخلف عن سداد الديون في السنوات الخمس المقبلة.
وحذَّر التقرير من أنه «إذا لم يتحرك المجتمع الدولي بطريقة سريعة وموحدة لتوفير تخفيف شامل للديون عند الحاجة إلى جانب السيولة الجديدة والمنح والتمويل التنموي الميسر، فإن تكاليف هذا التقاعس ستكون باهظة».
ولفتت غورغييفا في اجتماعات الربيع إلى استنفاد القدرة المالية في أغلب البلدان، في ظل الارتفاع الخطير للديون، ما يعزز أهمية تركيز حكومات العالم على السيطرة على سياستها المالية من خلال جمع الضرائب وإنفاق الأموال العامة بشكل أكثر كفاءة.
وأضافت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي «في عالم تتواصل فيه الأزمات، يجب على البلدان بناء المرونة المالية بشكل عاجل للاستعداد للصدمة التالية».