أعلن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، يوم الاثنين، أن بلاده وقَّعت مذكرة تفاهم رباعية بين العراق وتركيا وقطر والإمارات للتعاون في «مشروع طريق التنمية».
كان العراق أطلق مشروعاً بقيمة 17 مليار دولار العام الماضي لربط الخليج العربي عبر ميناء الفاو الكبير في البصرة الذي ستديره موانئ أبوظبي، بأوروبا عبر تركيا، بطول نحو 1200 كيلومتر.
وحسب التقديرات الاقتصادية، من المتوقع أن يوفر طريق التنمية مئات الآلاف من فرص العمل؛ إذ ستكون تكلفة المشروع الإجمالية 17 مليار دولار، منها 6.5 مليار للطريق السريع، و 10.5 مليار لسكة القطار الكهربائي؛ ما يعني تشغيل عدد هائل من الاختصاصات والخبرات والقُوى العاملة، وفقاً للخارجية العراقية.
وأضاف السوداني، أنه «جرى اليوم توقيع مذكرة تفاهم رباعية، تتضمن المبادئ الخاصة بطريق التنمية»، مؤكداً أن «طريق التنمية سينقل المنطقة اقتصادياً»، فيما أشار إلى أن «طريق التنمية ليس لاختصار المسافات فقط، بل سيتحول إلى جسر رابط بين شعوب المنطقة وثقافاتها»، مؤكداً في الوقت نفسه، أن «طريق التنمية سيدعم الأمن والاستقرار بالمنطقة»، وفقاً لوكالة الأنباء العراقية.
بينما قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان «إن حجم التبادل التجاري بين العراق وتركيا ارتفع إلى 20 مليار دولار»، وأضاف «مصممون على المشاركة بطريق التنمية لتحقيق التنمية التجارية».
وفي تصريح سابق للمتحدث باسم رئيس مجلس الوزراء العراقي، أوضح أن المشروع سيخدم المنطقة اقتصادياً، وسينقل البضائع من أوروبا إلى الخليج والعكس عبر العراق، على أن ينجز بمدة قياسية، ابتداءً من سنة 2024 حتى سنة 2028، على أن يكون حجر الزاوية لاقتصاد مستدام لا يعتمد على النفط، ويسهم في التكامل الإقليمي.
خريطة شريان التجارة الجديد بين الخليج وأوروبا
كان يسمى المشروع سابقاً «القناة الجافة»، وتم تغيير اسمه إلى «طريق التنمية» خلال لقاء بين الرئيس العراقي ونظيره التركي في مارس آذار 2023.
يبدأ مسار مشروع طريق التنمية بالسكة الحديدية المخططة من ساحل الخليج العربي، حيث ميناء الفاو الكبير العراقي في جنوب العراق إلى منفذ فيشخابور العراقي في شمال العراق المتاخم للحدود التركية، إذ يبلغ طول السكة 1175 كيلومتراً، وطول الطريق البري بين الفاو ومنفذ فيشخابور 1190 كيلومتراً، وفقاً لبيانات مرصد الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
ولكل من سكة الحديد والطريق البري مسار، فلا يلتقيان إلا في شمال محافظة كربلاء فيستمر سيرهما متقاربين حتى منفذ فيشخابور.
أما من الجانب التركي فيربط طريق التنمية بين شانلي أورفا ومعبر أوفاكوي في نينوى شمال العراق، وسيبلغ طول الطريق السريع الذي يمر عبر البلاد 1912 كيلومتراً، بعد إضافة مسافة جديدة بطول 320 كيلومتراً.
فيما من المقرر أن تنتهي المرحلة الأولى من المشروع عام 2029، والثانية في 2039، والثالثة في 2050، وفقا لوزارة النقل العراقية، خلال حديث المتحدث الاعلامي ميثم عبدالصافي إلى ” CNN الاقتصادية”.
إيرادات «طريق التنمية» تصل إلى 4 مليارات دولار سنوياً
قال رئيس الوزراء العراقي، في كلمة ألقاها خلال مؤتمر طريق التنمية الذي احتضنته بغداد عام 2022، «إن مشروع طريق التنمية، بما يحمله من منصات للعمل وقيمة مضافة للنواتج القومية والمحلية ورافعات اقتصادية، يعد ركيزة للاقتصاد المستدام غير النفطي، وعقدة ارتباط تخدم جيران العراق والمنطقة»، وهو يأتي منسجماً مع رؤية الأمم المتحدة للتنمية المستدامة 2030، بما يعالجه من مشكلات اجتماعية واقتصادية، إضافةً إلى مشكلات التغير المناخي.
ومن المتوقع عند اكتمال المرحلة الأولى من المشروع، أن يستوعب الطريق أكثر من 35 مليون حاوية سنوياً؛ ما يعني إيرادات تقدر بأربعة مليارات دولار سنوياً للعراق، هذا إضافة إلى الإيرادات الجانبية، وهو ما سيمثل قفزة باتجاه تنوع الاقتصاد العراقي المستدام وغير المعتمد على النفط، وسيكون لهذا الطريق عوائد اقتصادية كبيرة على دول المنطقة بشكل عام، وهو ما كان أحد أسباب حشد هذه الدول الجارة والشقيقة لتأييد المشروع.
الأهمية الاستراتيجية لطريق التنمية
بحسب وزارة الخارجية العراقية، فإن طريق التنمية سيمر بأكثر من عشر محافظات عراقية؛ ما يمثل فرصاً استثمارية ضخمة؛ إذ يعاني العراق الغني بالنفط، تهالكاً في بنيته التحتية وطرقه، جرّاء عقود من الحروب وانتشار الفساد؛ إذ إن من أولويات الحكومة، إعادة تأهيل البنية التحتية للنقل والطرق وقطاع الكهرباء المتهالك أيضاً.
وسيسمح هذا المشروع للعراق باستغلال موقعه الجغرافي والتحول إلى نقطة عبور للبضائع والتجارة بين الخليج وتركيا ثم أوروبا.
ويهدف المشروع كذلك إلى بناء 15 محطة قطار للبضائع والركاب على طول الخط، تنطلق من البصرة جنوباً مروراً ببغداد وصولاً إلى الحدود مع تركيا.
ويحظى ممر النقل البري المزمع إنشاؤه بين تركيا والعراق بأهمية كبيرة على مستوى التجارة الدولية، كونه يربط دول آسيا بأوروبا عبر العراق مروراً بمياه الخليج العربي، علماً بأن العوائد الاقتصادية للقناة الجافة التي يجري العمل على إنشائها، لا تقتصر على تركيا والعراق، بل تشمل دول المنطقة كلها.
وبالإضافة إلى تنويع الاقتصاد العراقي وتشكيل خط لوجستي عالمي جديد، فإن طريق التنمية سيسهم أيضاً في تعزيز العلاقات بين العراق وتركيا، حتى إن الموقع الجيوسياسي لتركيا سوف يتعزز نتيجة لاستثمارات العراق.