دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يوم الخميس الدول الأوروبية إلى صياغة استراتيجية دفاعية أوروبية «ذات مصداقية»، محذراً من المخاطر العسكرية والاقتصادية التي قد تجعل أوروبا تفنى أو تتراجع أمام القوى العظمى الأخرى.
وأشار ماكرون في خطاب ألقاه في جامعة السوربون ونقلته وكالتا رويترز وفرانس برس، إلى التحديات التي تواجه أوروبا، بما في ذلك التدهور الاقتصادي، وتفاقم التحديات الدفاعية الناجمة عن الحرب الروسية الأوكرانية.
وقال ماكرون «لكي نكون واضحين بشأن حقيقة أن أوروبا فانية، بالفعل يمكن أن تُفنى أوروبا، ولكن هذا يعتمد فقط على خياراتنا»، لافتاً إلى الاضطرابات العالمية غير المسبوقة والتغيرات الضخمة المتسارعة في جميع أنحاء العالم.
وأضاف «يجب أن نستمر في إقامة شراكات مع الدول الأخرى، وهذا يعني بناء أوروبا التي يمكن أن تثبت أنها ليست أبداً تابعة للولايات المتحدة»، موضحاً أهمية الشراكات الاقتصادية والتجارية بين أوروبا وبقية مناطق العالم والبلدان الناشئة.
أوروبا بحاجة إلى إصلاح اقتصادي ودفاعي
يرى ماكرون أن أوروبا تخاطر بالتخلف اقتصادياً عن بقية المنافسين العالميين الرئيسيين في ظل التحديات التي تخلقها قواعد التجارة الحرة العالمية، وذكر أن أوروبا يجب أن تهدف لأن تصبح رائدة عالمية في الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمومية والفضاء والتكنولوجيات الحيوية و الطاقة المتجددة.
كما أشار الرئيس الفرنسي إلى أن الاتحاد الأوروبي بحاجة إلى مضاعفة قوته المالية لاستثمار مئات المليارات من اليوروهات كل عام في تقنيات جديدة ودفاع أقوى وإزالة الكربون من اقتصاده، كما أكد أنه لا ينبغي للبنك المركزي الأوروبي بعد الآن أن يستهدف التضخم فحسب، بل يجب أن يستهدف النمو والمناخ أيضاً.
وأيّد ماكرون فكرة إصدار ديون مشتركة بين الدول الأعضاء لتعزيز التعاون في صناعة الدفاع، ودعا الاتحاد الأوروبي إلى تطوير مفهومه الاستراتيجي الخاص للدفاع الأوروبي المشترك المتوافق مع حلف شمال الأطلسي (الناتو).
وتابع ماكرون «من الواضح أنه لا يوجد دفاع دون صناعة دفاعية، يتعلق الأمر بتحويل الحاجة الملحة لدعم أوكرانيا إلى جهود طويلة الأجل، وهذا ما نسميه اقتصاد الحرب الذي ندعمه بقوة»، مضيفاً «علينا أن ننتج المزيد، ويجب أن ننتج بشكل أسرع».
وحظي الخطاب برد فعل إيجابي من المستشار الألماني أولاف شولتس، الذي اختلف مع ماكرون في كثير من الأحيان بشأن قضايا الدفاع والتجارة، وعلق شولتس في منشور نقلته وكالة رويترز قائلاً «فرنسا وألمانيا تريدان أن تكون أوروبا قوية.. خطابك يحتوي على أفكار جيدة حول كيفية تحقيق ذلك».
وتأتي هذه التصريحات قُبيل انتخابات رئاسة المفوضية الأوروبية المقرر انعقادها في يونيو حزيران، إذ تسعى الدول الأعضاء إلى تحديد الأهداف الاستراتيجية للمفوضية خلال الفترة الرئاسية القادمة التي تستمر لخمس سنوات.