في خطوة نحو تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية، وقّعت أوكرانيا والإمارات على بيان مشترك يعلن عن الانتهاء من المفاوضات بشأن اتفاقية شراكة اقتصادية شاملة، وفي هذا السياق قامت «CNN الاقتصادية» بإجراء مقابلة مع يوليا سفيريدنكو، النائب الأول لرئيس الوزراء ووزيرة الاقتصاد الأوكرانية للحديث عن تفاصيل هذه الاتفاقية.
وبعد تطبيق اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين الإمارات وأوكرانيا سيتم إلغاء أو تخفيض الرسوم الجمركية على المنتجات الرئيسية وإزالة الحواجز غير الضرورية أمام التجارة وتعزيز وصول المصدّرين من كلا الجانبين إلى الأسواق، وفق وكالة أنباء الإمارات «وام».
تأثير الاتفاقية على التجارة والاقتصاد
الاتفاقية التي تشمل تعزيز التعاون في مجالات التجارة، الاستثمار، الاقتصاد الرقمي، وغيرها، من المتوقع أن تحفز النمو الاقتصادي في أوكرانيا وتعزز من قدراتها التصديرية، خصوصاً في قطاعات الحبوب والمعادن، سفيريدنكو أشارت إلى أن الإمارات تُعد أحد الشركاء الرئيسيين لأوكرانيا في منطقة الشرق الأوسط، موضحة أن التجارة بين البلدين شهدت نمواً بنسبة 28.6 في المئة في عام 2023 مقارنة بالعام السابق، ومن المتوقع أن تزداد هذه النسبة بفضل توقيع الاتفاقية.
الزيادة في الاستثمارات وتأثيرها
من المنتظر أن تسهل الاتفاقية دخول الأعمال الأوكرانية إلى الأسواق الإماراتية وتعزز الاستثمارات المتبادلة، فوفقاً لوزيرة الاقتصاد الأوكرانية، وكنتيجة للمفاوضات بشأن الوصول إلى أسواق الخدمات، قدمت دولة الإمارات العربية المتحدة التزامات في قطاعات كانت مغلقة سابقاً، مثل خدمات التوزيع، والخدمات التعليمية، وخدمات النقل، وتنظيم الأنشطة الترفيهية، والفعاليات الثقافية والرياضية، والخدمات الصحية والاجتماعية، تم أيضاً توسيع الالتزامات المحددة في قطاعات الخدمات المهنية والحاسوبية والخدمات ذات الصلة، وخدمات تأجير واستئجار السيارات، كما تم توسيع الالتزامات المتعلقة بالخدمات الاتصالية والمالية وأنواع أخرى من الخدمات المهنية بشكل كبير.
بالإضافة إلى ذلك، تمت إزالة القيود المفروضة على ملكية رأس المال بنسبة 49 في المئة للحضور التجاري من خلال مكتب تمثيلي أو فرع لجميع القطاعات في الإمارات، وسُمح بحصص رأس المال المحددة حسب القطاع لتسجيلات الشركات، وسُمح بملكية أجنبية كاملة بنسبة 100 في المئة في المناطق الحرة، وتم تبسيط الدخول والإقامة في أراضي الإمارات للموظفين ضمن الشركات، حيث يُسمح بالدخول لمدة تصل إلى ثلاث سنوات مع إمكانية التمديد.
وبلغت الاستثمارات المباشرة من الإمارات في الاقتصاد الأوكراني نحو 253.1 مليون دولار أميركي بنهاية عام 2022، وتتوقع الحكومة الأوكرانية عبر ما قالته الوزيرة لـ«CNN الاقتصادية» نمو هذه الاستثمارات بشكل ملحوظ في السنوات المقبلة، خاصة في القطاعات الرئيسية مثل الخدمات التعليمية، الخدمات الصحية، والخدمات المالية.
تعزيز الصادرات والنمو الاقتصادي
وأشارت سفيريدنكو إلى أنه من المتوقع أن تؤدي الاتفاقية إلى زيادة في الصادرات الأوكرانية، خاصة في قطاعات مثل المعادن وزيت الطعام، مضيفة أن «الاتفاق من المتوقع أن يحفز نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في أوكرانيا بنسبة 0.10 في المئة، وأن يعزز بشكل كبير نمو قطاعات مثل النقل والمعادن».
وقالت سفيريدنكو «لقد وصلنا الآن إلى المرحلة النهائية، لقد استكملنا رسمياً المفاوضات بشأن هذه الاتفاقية التاريخية التي استمرت لمدة عام تقريباً، وتشمل المرحلة التالية التوفيق القانوني لمشروع الاتفاقية، والإجراءات الداخلية اللازمة لتوقيع الاتفاقية».
وتعد دولة الإمارات أحد الشركاء الرئيسيين لأوكرانيا في الشرق الأوسط، وتولي أوكرانيا تطوير العلاقات مع الإمارات اهتماماً خاصاً، وبلغ حجم التجارة بين البلدين 378.9 مليون دولار أميركي لعام 2023، وهو ما يزيد بنسبة 28.6 في المئة على العام السابق، وبلغت قيمة الصادرات السلعية في عام 2023 215.2 مليون دولار، وبلغ إجمالي الواردات 163.7 مليون دولار، وفي الربع الأول من عام 2024، بلغ إجمالي الصادرات 66.2 مليون دولار و17.5 مليون دولار على التوالي، وتحظى القطاعات التالية، موزعة حسب الصناعات، بأكبر حصة في التجارة بين أوكرانيا والإمارات: المنتجات الزراعية (أكثر من 50%) والمنتجات المعدنية (نحو 30%).
ووفقاً لبنك أوكرانيا الوطني، بلغ إجمالي الاستثمارات المباشرة لدولة الإمارات في اقتصاد أوكرانيا 253.1 مليون دولار حتى 31 ديسمبر كانون الثاني 2022، وفي الوقت نفسه، بلغت أدوات حقوق الملكية (الأرصدة حسب الدول) 19.5 مليون دولار.
الآفاق المستقبلية
يمثل توقيع الاتفاقية خطوة مهمة ليس فقط في تعزيز العلاقات الثنائية بين الإمارات وأوكرانيا، لكن أيضاً كجزء من استراتيجية أوسع لأوكرانيا لتعزيز علاقاتها الاقتصادية على مستوى العالم، الإمارات بدورها، تستفيد من هذه الشراكة لتعزيز وجودها في أوروبا، خصوصاً مع احتمال انضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي؛ ما يُعد «بوابة أخرى نحو أوروبا»، حسب تعبير ثاني بن أحمد الزيودي، وزير الدولة للتجارة الخارجية في الإمارات.
الإمارات وماليزيا
وفي سياق متصل، تعمل الإمارات على تعزيز شراكاتها الاقتصادية، من خلال توقيع سلسلة من اتفاقيات الشراكة الاقتصادية الشاملة (CEPA) مع مجموعة من الدول، من بينها الهند وإسرائيل وتركيا وإندونيسيا وكمبوديا، وتواصل الإمارات جهودها لتوسيع هذه الشراكات مع دول جديدة، بما في ذلك ماليزيا.
وفي هذا الإطار، أكد وزير التجارة الماليزي تنكو زافرول عبدالعزيز لـ«CNN الاقتصادية» أن الاتفاقية الاقتصادية الشاملة مع الإمارات على المسار الصحيح، متوقعاً توقيع الاتفاقية قبل نهاية يونيو حزيران.
وأشار الوزير إلى أن هذه الاتفاقية ستكون أول اتفاقية شراكة اقتصادية شاملة بين ماليزيا وبلد من دول مجلس التعاون الخليجي، وستشمل مجالات متعددة تتجاوز التجارة التقليدية، مثل المجال الرقمي والتحول الأخضر.
وأوضح عبدالعزيز أن هذه الاتفاقية ستمهد الطريق لعلاقات أعمق بين ماليزيا والإمارات، مشدداً على أنها ستكون نقطة تحول في التعاون التجاري بين البلدين، حيث ستغطي العديد من المجالات التي لم تشملها اتفاقيات التجارة الحرة التقليدية.
كما أضاف أن هناك اهتماماً متزايداً من كلا الجانبين بمجالات التكنولوجيا الخضراء، خاصة الطاقة المتجددة، بجانب الرعاية الصحية، والاقتصاد الرقمي، وأعرب عن تفاؤله بأن الشراكة الاقتصادية الشاملة بين الإمارات وماليزيا ستفتح الباب لمشاريع استثمارية جديدة؛ ما يعزز التعاون التجاري والاقتصادي بين البلدين بشكل أكبر.