يعتبر تمكين الأفراد للتحكم في صحتهم وتحسين أوضاعهم الصحية أولوية الحكومات لتحقيق التنمية والاستدامة وجودة الحياة من أولويات دائرة الصحة في أبوظبي.

وأوضحت أسماء المناعي، المدير التنفيذي لمركز الأبحاث والابتكار في دائرة الصحة أبوظبي، خلال كلمتها في أسبوع أبوظبي العالمي للرعاية الصحية الذي انعقد في أبوظبي بين 13-15 مايو الجاري، أن «الحكومات هي التي يجب أن تعمل بجد لرعاية التعاون والمشاركة والقيام بدور نشط في تعزيز وتسهيل منظومة متكاملة للصحة وعالم الحياة».

وترى المناعي أن ثورة التكنولوجيا الحيوية ستفتح الطريق أمام إعادة صياغة مفهوم الرعاية الصحية.

رأس مال استراتيجي

تتمتع الإمارات بأعلى معدل للإنفاق الصحي مقارنة بباقي دول الخليج، حيث رصدت ميزانية إنفاقية بقيمة 30.7 مليار دولار لغاية 2027، وفق البين كابيتل، أي بنسبة نمو سنوية تصل إلى 7.4 في المئة.

ويسهم القطاع الصحي بنسبة 5.67 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي حسب إحصاءات البنك الدولي لعام 2020.

وعكفت أبوظبي منذ عام 2014 ضمن استراتيجيتها للقطاع الصحي على تقليل الفجوات في القدرات الاستيعابية والارتقاء بجودة خدمات الرعاية الصحية ومعايير السلامة وتجربة المرضى واستقطاب الكفاءات وتدريبها ورفع جهوزية الطوارئ واستدامة الإنفاق الصحي وتشجيع الاستثمار الخاص وتقديم نظام متكامل للمعلوماتية والبيانات الصحية.

الجينوم يقلب المقاييس

من المتوقع أن تصل قيمة سوق الجينوم العالمية إلى 164.2 مليار دولار في عام 2032، بنسبة نمو سنوي مركب تقدر بـ19.4 في المئة مقارنة بـ28 ملياراً في عام 2022، وفق براسيندس ريسيرش precedence research.

وقادت دائرة الصحة في أبوظبي برنامج جينوم منذ عام 2019، ويهدف البرنامج الذي وضع خطة شاملة للبيانات الجينية الوراثية للمواطنين إلى إيجاد حلول وقائية وتشخيص دقيق، من خلال دراسة جيناتهم عبر تقنيات تسلسل الحمض النووي المتكاملة مع تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي للوصول إلى القوة التحليلية الشاملة للبيانات وتحقيق الإفادة القصوى منها في تقديم التشخيص والعلاج الدقيق.

وتقول أسماء إن من شأن البرنامج توقع إمكانية الإصابة ببعض الأمراض من خلال قراءة الجينوم الكامل ودمج البيانات الجينية بقاعدة البيانات الخاصة بإدارة الرعاية الصحية.

ونجح المشروع في تجميع وتحليل أكثر من 500 ألف عينة من مختلف أنحاء الإمارات، وتتمثل الإنجازات البارزة لهذا المشروع في الاختبار الجيني ضمن فحوصات ما قبل الزواج وبرنامج الصيدلة الجينية وبرنامج الطب الشخصي الدقيق لعلاج الأورام.

ولفتت إلى أن للذكاء الاصطناعي دوراً ريادياً في قدرته على الحوسبة وتحليل الكم الهائل من البيانات.

وأضافت أن هذا البرنامج سيساعد في تعزيز الوقاية من الأمراض المزمنة والوراثية للوصول إلى علاج شخصي لكل شخص، أو ما يعرف بالطب الشخصي، الذي من شأنه الانتقال من مفهوم الرعاية الصحية إلى العناية بالصحة وتقليص كلفة العلاج.

ووفق تقرير «الاستدامة والمرونة في النظام الصحي في أبوظبي»، بالتعاون مع تحالف «الشراكة من أجل استدامة النظام الصحي ومرونته» PHSSR سجلت علوم الحياة نمواً سنوياً بلغ 10%، فيما سجّل قطاع الشركات الناشئة في علوم الحياة نموّاً بأكثر من 20% سنوياً مع إطلاق 111 شركة ناشئة في مجال الصحة بين 2019 و2023.

التكنولوجيا الحيوية والابتكار

لعل أحد مقومات الانتقال إلى العناية الاستباقية بهدف بلوغ جودة الحياة والاستدامة يكمن -برأي أسماء- في التكنولوجيا الحيوية، أي دمج البيولوجيا بالتكنولوجيا، وسيسهم هذا التكامل برأيها في تسريع مستقبل الاقتصادات والمجتمعات.

وشددت أسماء على أن بلوغ هذا الهدف يتطلب تعاوناً ومشاركة من القطاع وتوفير التمويل المشترك، لا سيما في ما يتعلق بالابتكار في الرعاية الصحية، وقالت إن رواد الأعمال والمبتكرين هم قوة الدفع باتجاه هذه الإنجازات التحويلية وتسهيل منظومة متكاملة للصحة وعلم الحياة.

وكانت دائرة الصحة في أبوظبي أبرمت شراكة استراتيجية مع هب 71 -إحدى الحاضنات لرواد الأعمال والشركات الناشئة في أبوظبي- بهدف تنمية وتوسيع نطاق حلول الرعاية الصحية.

وكشفت أسماء أن شركات التكنولوجيا المالية حصدت استثمارات عبر هب 71 بقيمة 1.5 مليار دولار، التي استقطبت أكثر من 260 شركة ناشئة منها 40 شركة متخصصة بالتكنولوجيا الصحية.

وشددت أسماء على أهمية تشجيع المواهب من خلال إنشاء مختبرات أبحاث، وقالت «قمنا بتوسيع نطاق دعمنا المباشر لرعاية المواهب المحلية والأجنبية لأكثر من 60 شركة صحية ناشئة، ونحن على تواصل مع أكثر من 300 شركة في جميع أنحاء العالم».

ويعتبر مختبر السياسات الذي أنشأته دائرة الصحة في أبوظبي مبادرة فطرية مصممة للاستفادة من وجهات النظر والخبرات والشراكات داخل النظام البيئي الصحي لتعزيز الحوار وتبادل الخبرات بين أصحاب المصلحة في القطاع الصحي.

يذكر أن الدائرة عقدت العديد من الشراكات مع جامعات وكليات التقنية العليا في الإمارات للنهوض بمنظومة التكنولوجيا الصحية وتعزيز مراحل الاختبار والتنفيذ.