دعت القمة العربية التي استضافتها البحرين إلى عقد مؤتمر دولي للسلام في الشرق الأوسط، بعد أن تصدرت حرب غزة اهتمامات الدورة الثالثة والثلاثين للقمة، كما أدانت القصف الإسرائيلي على غزة ورفح والكارثة الإنسانية التي يعانيها القطاع.

وانعقدت قمة البحرين في ظل أوضاع إقليمية ودولية حرجة، في مقدمتها استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وتأزم الأوضاع في السودان وليبيا واليمن، إضافة لتهديد الأمن الإقليمي وتوترات البحر الأحمر.

بيان القمة العربية الختامي

أدان القادة العرب الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة والضفة الغربية والكارثة الإنسانية التي تسببها، ودعوا إلى إيقافها وإنهاء كل الممارسات الإسرائيلية غير الشرعية التي تسلب الشعب الفلسطيني حقوقه، وخصوصاً حقه في الحرية والدولة المستقلة ذات السيادة.

وقال البيان الختامي «نؤكد على ضرورة وقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة فوراً، وخروج قوات الاحتلال الإسرائيلي من جميع مناطق القطاع، ورفع الحصار المفروض عليه، وإزالة جميع المعوقات وفتح جميع المعابر أمام إدخال مساعدات إنسانية كافية لجميع أنحائه، وتمكين منظمات الأمم المتحدة، وخصوصاً وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين (الأونروا) من العمل، وتوفير الدعم المالي لها للقيام بمسؤولياتها بحرية وبأمان، مجددين رفضنا القاطع لأي محاولات للتهجير القسري للشعب الفلسطيني من أرضه بقطاع غزة والضفة الغربية بما في ذلك القدس الشرقية، وندعو إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لوقف إطلاق النار الفوري والدائم وإنهاء العدوان في قطاع غزة، وتوفير الحماية للمدنيين، وإطلاق سراح الرهائن والمحتجزين».

وشددت القمة في بيانها الختامي على مركزية القضية الفلسطينية، ودعم الدول العربية بكل طاقاتها وإمكاناتها للشعب الفلسطيني، خاصة حقه في تقرير المصير والعيش في دولته المستقلة ذات السيادة على خطوط 4 يونيو حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

ودعت القمة العربية إلى عقد مؤتمر دولي للسلام في الشرق الأوسط، إذ تتولى مملكة البحرين بوصفها رئيساً حالياً للقمة إجراء الاتصالات مع الأطراف الدولية المعنية لترتيب هذا المؤتمر على أراضيها.

وأشار البيان إلى أن السلام العادل والدائم والشامل، الذي يمثّل خياراً استراتيجياً هو السبيل الوحيد لضمان الأمن والاستقرار لجميع شعوب المنطقة وحمايتها من دوامات العنف والحروب، وهذا لن يتحقق إلّا بحل القضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين.

كما شدد البيان على ضرورة كسر الحصار على غزة وإدخال قوافل مساعدات إنسانية عربية وإسلامية ودولية، تشمل الغذاء والدواء والوقود، ودعوة المنظمات الدولية إلى المشاركة في هذه العملية، وتأكيد ضرورة دخول هذه المنظمات إلى القطاع، وحماية طواقمها وتمكينها من القيام بدورها بشكلٍ كامل، ودعم وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا).

وأكد خطورة توسع الحرب نتيجة رفض إسرائيل وقف عدوانها وعجز مجلس الأمن عن تفعيل القانون الدولي لإنهائه، بينما طالب القادة العرب مجلس الأمن باتخاذ قرار حاسم ملزم يفرض وقف العدوان ويكبح جماح سلطة إسرائيل التي تنتهك القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني وقرارات الشرعية الدولية.

ودعا البيان مجلس الأمن إلى اتخاذ قرار فوري يدين تدمير إسرائيل الهمجي المستشفيات في قطاع غزة ومنع إدخال الدواء والغذاء والوقود إليه، وقطع الكهرباء والمياه والخدمات الأساسية فيه، بما فيها خدمات الاتصال والإنترنت، باعتباره عقاباً جماعياً يمثّل جريمة حرب وفق القانون الدولي، مطالباً المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية باستكمال التحقيق في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ترتكبها إسرائيل.

التنمية المستدامة والأمن والاستقرار

شدد القادة العرب على أهمية التنمية المستدامة والأمن والاستقرار والعيش بسلام، بوصفها حقوقاً للمواطن العربي، ولن يتحقق ذلك إلّا بتكاتف الجهود وتكاملها، ومكافحة الجريمة والفساد بحزم وعلى المستويات كافة، وحشد الطاقات والقدرات لصناعة مستقبل قائم على الإبداع والابتكار ومواكبة التطورات المختلفة، بما يخدم ويعزز الأمن والاستقرار والرفاه.

كما دعوا إلى إطلاق الرؤى والخطط القائمة على استثمار الموارد والفرص، ومعالجة التحديات، وتوطين التنمية وتفعيل الإمكانات المتوفرة، واستثمار التقنية من أجل تحقيق نهضة عربية صناعية وزراعية شاملة تعتمد على المهارات العربية، ما يتطلب ترسيخ التضامن وتعزيز الترابط والوحدة لتحقيق طموحات وتطلعات الشعوب العربية.

العمل العربي المشترك

وحرص قادة الدول العربية على تأكيد أهمية تعزيز العمل العربي المشترك المبني على الأسس والقيم والمصالح المشتركة، وضرورة توحيد الكلمة والتكاتف والتعاون في صون الأمن والاستقرار، وحماية سيادة الدول وتماسك مؤسساتها، والمحافظة على منجزاتها، وتحقيق المزيد من الارتقاء بالعمل العربي والاستفادة من المقومات البشرية والطبيعية التي تحظى بها منطقتنا للتعاطي مع تحديات العصر الجديد بما يخدم الأهداف والتطلعات نحو مستقبل واعد للشعوب والأجيال القادمة.

ولفت البيان إلى تطورات الأوضاع في السودان، مؤكداً ضرورة التهدئة وتغليب لغة الحوار وتوحيد الصف، ورفع المعاناة عن الشعب السوداني، والمحافظة على مؤسسات الدولة الوطنية.

كما أكد دعم الدول العربية لاستقرار سوريا ووحدة أراضيها واستئناف دورها الطبيعي في الوطن العربي، مشدداً على أهمية مواصلة وتكثيف الجهود العربية الرامية إلى مساعدة سوريا على تجاوز أزمتها اتساقاً مع المصلحة العربية المشتركة.

وجدد التأكيد على دعم كل ما يضمن أمن و استقرار اليمن، ودعم الجهود الأممية والإقليمية الرامية إلى التوصل إلى حل سياسي شامل للأزمة اليمنية استناداً إلى المرجعيات الثلاث المتمثلة في المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني اليمني وقرار مجلس الأمن رقم 2216، كما جدد الدعم لمجلس القيادة الرئاسي في اليمن، لإحلال الأمن والاستقرار والسلام.

وأعرب عن تضامن الدول العربية مع لبنان، كما حث الأطراف اللبنانية كافة للتحاور لانتخاب رئيس للجمهورية يرضي طموحات اللبنانيين وانتظام عمل المؤسسات الدستورية وإقرار الإصلاحات المطلوبة لإخراج لبنان من أزمته.