ربع سكان العالم، أي نحو ملياري شخص، لا يحصلون على الرعاية الصحية الأساسية حسب بدر جعفر، الرئيس التنفيذي لمجموعة الهلال.

ورغم الجهود التي يبذلها النظام البيئي الصحي العالمي لسد الفجوة، لا تزال هناك فوارق اجتماعية واقتصادية وديموغرافية وجغرافية تعيق مسار العدالة الصحية.

جاء ذلك خلال أسبوع أبوظبي العالمي للرعاية الصحية الذي انعقد بين 13 و15 مايو الجاري، ملقياً الضوء على الحاجة إلى تحول أساسي في الصحة العامة من خلال تعزيز الاستثمار الخيري والمستدام.

وقال جعفر «نحتاج اليوم إلى نقلة نوعية للتعامل مع عدم إمكانية الوصول والمساواة في الوصول إلى الرعاية الصحية، بالضبط كالنقلة النوعية التي حققها مؤتمر الأطراف كوب 28».

الصحة قيمة اقتصادية

ويقول أبيل أوجبو Ebele Ogbue، رئيس مجموعة بنك الشركات والطاقة لدى المصرف المتحد لإفريقيا UBA، لـCNN الاقتصادية، إن 80 في المئة من سكان إفريقيا البالغ عددهم نحو 1.4 مليار نسمة يعانون من النقص في إمكانية الوصول إلى خدمات الرعاية الصحية.

وشدد على ضرورة التعاون لمحاولة مكافحة هذه الفروقات وضمان حصول الأشخاص الموجودين في القرى والمناطق الريفية، حتى في المناطق الحضرية، على خدمات رعاية صحية جيدة.

وبرأي جعفر أن الإمارات تتمتع بالبنية التحتية الصحية اللازمة وبالرؤية الاستراتيجية لنسج شراكات بين القطاعين العام والخاص لضمان العدالة الصحية في جميع أنحاء العالم وإحداث تأثير عالمي إيجابي واضح.

وقامت الإمارات بمبادرات عدة في العمل الخيري الصحي مثل صندوق «بلوغ الميل الأخير» المدعوم من الدولة بتعهدات تصل قيمتها إلى مليار دولار، وهو صندوق مخصص لمعالجة الأمراض الاستوائية المهملة في إفريقيا، فضلاً عن المعهد العالمي للقضاء على الأمراض (GLIDE) في أبوظبي، وهو الوحيد من نوعه في المنطقة الذي يركز على تسريع القضاء على أمراض الفقر التي يمكن الوقاية منها في 100 دولة، وذلك بالتعاون مع مؤسسة بيل وميليندا غيتس الخيرية.

إفريقيا معاناة ومبادرات

وبرأي أوجبو، من المهم تثقيف السكان حول الحاجة إلى الصحة، «فالأمر لا يقتصر على تناول الأدوية فحسب، بل العيش في نمط حياة صحي أيضاً».

وأفاد أن المصرف قام بأعمال مباشرة كثيرة في نشر الوعي وتسهيل الوصول للرعاية من خلال تقديم تسهيلات للمستشفيات والمراكز الطبية والصيدليات لرأس المال العامل، وكذلك التمويل لأجل بهدف شراء المعدات لدعم الأنشطة، كاشفاً أن تكلفة التمويل هي رهن بالهدف المنشود من التمويل وماهية المؤسسة بذاتها.

تكاليف باهظة

وكان تقرير لـ« ستاندرد أند بورز» حول «توقعات الصناعة الائتمانية 2024 بين عدم المساواة ورأس المال والنفقات الإضافية» قد أفاد أن هذه التفاوتات لا تمثل مشكلة صحية عامة أو مشكلة اجتماعية فحسب، بل هي أيضاً مشكلة اقتصادية تزيد من دورات الفقر وتضيف من أعباء النفقات على الحكومات في الدول المتطورة والنامية والأقل نمواً.

وأشار التقرير إلى أن 30% من التكاليف الطبية المباشرة التي يواجهها السود واللاتينيون والأميركيون الآسيويون في الولايات المتحدة سببها عدم المساواة في مجال الصحة، ما يؤثر على الفئات الأخرى المحرومة مثل كبار السن والمرضى العقليين وأصحاب الهمم.

ويحد عدم المساواة في النظام البيئي الصحي، وفق التقرير نفسه، من «قدرة الأشخاص المحرومين على الحصول على رعاية ميسورة التكلفة وعالية الجودة، ويخلق تكاليف يمكن تجنبها وإهداراً مالياً يمتد عبر المجتمع، ويؤثر على إمكانات كل فرد في تحقيق الصحة والرفاهية».

وتبلغ تكلفة عدم المساواة في النظام الصحي -وفق تقرير لديلويت حول آفاق الرعاية الصحية الصادر العام الماضي- في الولايات المتحدة نحو 320 مليار دولار، وقد تتجاوز تريليون دولار من الإنفاق السنوي في عام 2040 إذا تُركت دون معالجة، وهذا الارتفاع المتوقع في الإنفاق على الرعاية الصحية قد يكلف المواطن الأميركي العادي ما لا يقل عن 3000 دولار سنوياً، مقارنة بالتكاليف الحالية التي تبلغ 1000 دولار سنوياً.

وقدر البرلمان الأوروبي -استناداً للتقرير نفسه- تكلفة عدم المساواة في مجال الصحة في الاتحاد الأوروبي بنحو 1.4% من الناتج المحلي الإجمالي كل عام، وهو ما يعادل تقريباً الإنفاق الدفاعي البالغ 1.6% من الناتج المحلي الإجمالي.

استراتيجية التمويل الخيري

ونوه بدر جعفر بدور العمل الخيري في دعم التقدم في مجال الرعاية الصحية وسد فجوات التمويل، لا سيما في الدول ذات الدخل المنخفض والدول النامية، حيث أسهمت أكبر 100 مؤسسة خاصة ومانحة بنحو 46 مليار دولار أميركي سنوياً، أي ربع التبرعات الخيرية في جميع أنحاء العالم.

وقال «لقد عملنا بنشاط على تعزيز أطر العمل، التي يجسدها المجلس الإنساني الدولي، مع الاعتراف بالدور الحيوي للعمل الخيري الاستراتيجي»، لافتاً إلى ضرورة تطوير أداة تتبع العدالة الصحية من خلال معايير البيانات المفتوحة وتبادل المعلومات الواضحة، مثل أطر عمل البنك الدولي، الأمر الذي يعزز الثقة في الشراكات بين القطاعين العام والخاص ويرفع مستوى الشفافية والمساءلة وفعالية تنفيذ المشاريع.

وكانت مريم المهيري، رئيس الشؤون الدولية في الديوان الرئاسي بدولة الإمارات والرئيس التنفيذي لشركة 2PointZero، قد دعت إلى إعادة التفكير وسط كل التحديات بأهمية «الوقاية بدل العلاج في مجتمع أصبحت الصحة فيه قيمة اقتصادية تتطلب قادة حقيقيين».