مع تسارع وتيرة انتشار السيارات الكهربائية حول العالم، يلقي ارتفاع تكلفة هذا النوع من المركبات بظلاله على مستقبل النقل المستدام، ومع ارتفاع التكلفة تكمن التوترات السياسية المتزايدة بين الولايات المتحدة والصين فيما يخص تنامي قوة التصدير الصينية، إذ تجسدت تلك التوترات بعد إعلان الرئيس الأميركي جو بايدن عن فرض تعريفة جمركية بنسبة 100 في المئة على السيارات الكهربائية القادمة من الصين.
تهدف خطة الرئيس بايدن الاقتصادية إلى دعم الاستثمار وخلق فرص عمل جيدة في القطاعات الرئيسية التي تعتبر حيوية لمستقبل البلاد الاقتصادي والأمن القومي. وتتهم الإدارة الأميركية بكين بما تصفه بممارسات تجارية غير عادلة فيما يتعلق بنقل التكنولوجيا والملكية الفكرية والابتكار، الأمر الذي تعتبره الولايات المتحدة تهديداً للشركات والعمال الأميركيين.
وتقول الإدارة الأميركية إن بكين تسعى لإغراق الأسواق العالمية بصادرات منخفضة الأسعار بشكل غير حقيقي.
التعريفة الجمركية.. سلاح أميركا ضد الواردات من الصين
أصدرت الإدارة الأميركية قراراً بزيادة الرسوم الجمركية على الواردات من الصين بموجب المادة 301 من قانون التجارة لعام 1974 في منتصف شهر مايو أيار الجاري لحماية العمال والشركات الأميركية. وبموجب القرار، سيرتفع معدل التعريفة الجمركية على السيارات الكهربائية من 25 في المئة إلى 100 في المئة بدءاً من عام 2024.
تزعم واشنطن أن عمليات نقل التكنولوجيا القسرية وسرقة الملكية الفكرية من قبل الصين قد أسهمت في هيمنتها على ما يصل إلى 90 في المئة من الإنتاج العالمي للمدخلات الحيوية اللازمة للتقنيات والطاقة والرعاية الصحية في أميركا، الأمر الذي خلق مخاطر غير مقبولة على سلاسل التوريد والإمدادات في الولايات المتحدة.
وتقول الإدارة الأميركية إن سياسات بكين وممارساتها غير العادلة قد زادت من فوائض الإنتاج في الصين ومن ثم زيادة صادراتها، ما يهدد بإلحاق ضرر كبير بالعمال والشركات الأميركية. وبحسب بيان للبيت الأبيض، قفزت صادرات الصين من السيارات الكهربائية بنحو 70 في المئة في الفترة من 2022 إلى 2023، ما يعرض الاستثمارات الإنتاجية في أماكن أخرى من العالم للخطر.
وتتوقع الإدارة الأميركية أن يحمي معدل التعريفة الجمركية بنسبة 100 في المئة على المركبات الكهربائية المصنعين الأميركيين من الممارسات التجارية غير العادلة للصين.
البطاريات ومكوناتها
بموجب القرار، سيرتفع معدل التعريفة على بطاريات الليثيوم (أيون EV) من 7.5 في المئة إلى 25 في المئة بدءاً من العام الجاري، بينما سيرتفع معدل التعريفة على بطاريات الليثيوم أيون غير المخصصة للمركبات الكهربائية من 7.5 في المئة إلى 25 في المئة بدءاً من عام 2026، كما سيرتفع معدل التعريفة الجمركية على أجزاء البطارية من 7.5 في المئة إلى 25 في المئة بدءاً من العام الجاري.
يرفع القرار الأميركي معدل التعريفة الجمركية على الجرافيت الطبيعي والمغناطيس الدائم من صفر إلى 25 في المئة بدءاً من عام 2026.
غير أن القواعد الجديدة توفر بعض المرونة إذ تمنح شركات صناعة السيارات فترة تدريجية مدتها سنتان للامتثال للوائح المتعلقة ببعض مكونات البطارية التي يصعب تتبعها. وبدءاً من عامي 2024 و2025، ستُمنع الشركات من الحصول على أي أجزاء بطاريات أو معادن مهمة من الكيانات الأجنبية المثيرة للقلق وهي فئة تشمل الصين، وفقاً للقرار الأميركي.
وعلى الرغم من تقدم الولايات المتحدة السريع في مجال البطاريات، تسيطر الصين حالياً على أكثر من 80 في المئة من قطاعات معينة من سلسلة توريد بطاريات السيارات الكهربائية، وخاصة العقد الأولية مثل تعدين المعادن المهمة ومعالجتها وتكريرها. وتقول الإدارة الأميركية إن تركيز استخراج المعادن وتكريرها في الصين يعرّض سلاسل التوريد فيها للخطر.
لماذا تستهدف التعريفة الجمركية واردات السيارات الكهربائية من الصين؟
تستهدف أجندة المناخ لإدارة الرئيس جو بايدن التوسع في استخدام السيارات الكهربائية. يتمتع المشترون بائتمان ضريبي بقيمة 7500 دولار سواء عند شراء أو تأجير سيارة كهربائية مصنوعة بالكامل مع بطارياتها في الولايات المتحدة. لكن التطبيق العملي للائتمان الضريبي -بشأن قيود المحتوى المحلي بموجب قانون خفض التضخم الأميركي لعام 2022- يواجه عراقيل إذ تسيطر الصين حالياً على أكثر من 80 في المئة من سلسلة توريد بطاريات السيارات الكهربائية
وتهدف قيود المحتوى المحلي تلك إلى تقليل الاعتماد على سلسلة توريد السيارات الكهربائية الصينية، غير أن هيمنة بكين على سلسلة توريد بطاريات السيارات الكهربائية تحد بشكل كبير من جدواها.