عادت بعثة صندوق النقد الدولي لإجراء المراجعة الثالثة لبرنامج مصر الاقتصادي، ومن المقرر أن تستمر حتى بداية شهر يونيو حزيران المقبل، في وقت بدأت فيه مصر إجراءات مالية أبرزها رفع أسعار الخبز المدعوم ودراسة التحول للدعم النقدي وليس العيني.
وفي حال اجتياز مصر المراجعة ستحصل على شريحة جديدة من قرضها مع الصندوق البالغ 8 مليارات دولار، فإن زيارة البعثة تأتي بعد نحو شهرين على اجتياز مصر المراجعتين الأولى والثانية وحصولها على 820 مليون دولار في أبريل نيسان الماضي، بجانب خفضها سعر الجنيه مقابل الدولار ورفعها لأسعار الفائدة.
لماذا جاءت بعثة صندوق النقد الدولي إلى مصر؟
وفقاً لجدول مراجعات مصر مع صندوق النقد الدولي فإن الزيارة البعثة تأتي في موعدها والهدف منها التأكد أن مصر تسير في طريق تنفيذ برنامجها الإصلاحي مع صندوق النقد.
ويقول جيمس سوانستون، الخبير الاقتصادي لدى كابيتال إيكونوميكس لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، لـCNN الاقتصادية إن المؤشرات الرئيسية التي سيراجعها صندوق النقد الدولي في زيارته إلى مصر هي نظام سعر الصرف، إذ من المرجح أن ينظر في مرونة العملة ومدى تحركها خلال الفترة الماضية.
وفي مطلع مارس آذار خفضت مصر سعر عملتها لتتخطى حاجز 45 جنيهاً للدولار الواحد مقابل نحو 31 جنيهاً قبل هذا الخفض.
وبحسب علي متولي، الاستشاري الاقتصادي بشركة «آي بي آي إس» للاستشارات، فإن الصندوق من المقرر أن ينظر إلى سوق الصرف في مصر وهل السعر الحالي للجنيه المصري يعكس السعر الحقيقي في السوق أم لا.
وأضاف لـCNN الاقتصادية أن سعر الصرف في مصر حالياً يبدو مرناً، كما أن سعر الرسمي للدولار يعكس إلى حد ما قيمته في السوق الحقيقية.
وكانت الفجوة قد اتسعت بين سعر الدولار مقابل الجنيه في السوق الموازية والبنوك قبل خفض أول مارس آذار الماضي، قبل أن تعود السوق الموازية لتهدأ منذ تحريك السعر.
ومن المقرر أن ينظر صندوق النقد الدولي إلى تطور احتياطيات النقد الأجنبي لمصر، والتي زادت بشكل كبير في الشهرين الماضيين، إذ تمثل حاجزاً للسلطات المصرية في مواجهة الصدمات الخارجية، وفقاً لسوانستون.
ويشير متولي إلى أن الصندوق سيقيم مستوى الاحتياطي النقدي لمصر وإلى أي مدى يكفي لتغطية واردات مصر وكذلك تغطية الدين الخارجي قصير الأجل.
وتظهر بيانات البنك المركزي المصري أن احتياطيات النقد الأجنبي لمصر ارتفعت إلى أعلى مستوى لها منذ نحو 4 سنوات في نهاية أبريل نيسان الماضي لتسجل 41.057 مليار دولار، مستفيدة من صفقة رأس الحكمة مع الإمارات والتي حصلت مصر فيها على 35 مليار دولار.
رفع أسعار الخبز والوقود والكهرباء
وتأتي زيارة الصندوق في وقت تتجه الحكومة المصرية لتنفيذ بعض الإجراءات المالية للحد من ارتفاع عجز الموازنة مثل رفع أسعار الخبز المدعم لأول مرة منذ الثمانينات، كما أعلنت الحكومة المصرية دراسة التحول إلى الدعم النقدي بدلاً من العيني.
وقال علي المصيلحي، وزير التموين المصري، إن رفع أسعار الخبز المدعم سيوفر للموازنة المصرية نحو 13 مليار جنيه.
ويقول سوانستون إن صندوق النقد سيسعى إلى بقاء الوضع المالي في مصر متشدداً بما فيه الكفاية من خلال خفض الدعم.
وأعلن رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، أمس، أن الحكومة المصرية قررت رفع سعر الخبز المدعم إلى 20 قرشاً بدلاً من 5 قروش بداية من يونيو حزيران المقبل.
وبحسب سوانستون فإن خفض الدعم سيسهم في تضييق العجز المالي لموازنة مصر بالإضافة إلى أن هذه الأموال ستسهم في توفير مدفوعات الديون والتي تمثل قيمة كبيرة من مصروفات الموازنة العامة.
ويقول علي متولي إن الصندوق سينظر أيضاً إلى مدى تقدم مصر في الإصلاحات الهيكلية التي تعزز دور القطاع الخاص في مصر وتخارج الدولة من بعض النشاطات.
وكانت إيفانا فلادكوفا هولر، رئيسة بعثة صندوق النقد في مصر قالت في أبريل نيسان الماضي إن المناقشات خلال المراجعة المقبلة للاقتصاد المصري ستتضمن مدى تقدم الحكومة المصرية في التخارج من النشاط الاقتصادي وتنفيذ وثيقة سياسة ملكية الدولة.
ويضيف أن الصندوق سيطلب المزيد من إجراءات ضبط أوضاع المالية العامة والحد من عجز الموازنة العامة من خلال تدابير تعزز الإيرادات وتخفّض المصروفات، بجانب السيطرة على التضخم عبر أدوات البنك المركزي المعتادة كرفع الفائدة وجمع السيولة.