لا يزال رئيس الوزراء نارندرا مودي، الرجل البالغ من العمر 73 عاماً، يُصنف ضمن أكثر القادة شعبية في العالم. وُلد في ولاية جوجارات الغربية، وهو الثالث من بين ستة أطفال كان والدهم يبيع الشاي في محطة للسكك الحديدية.
ظهرت موهبة مودي في الخطابة المثيرة لأول مرة خلال عضويته القوية كطالب في نادي المناظرات بالمدرسة ومشاركته في العروض المسرحية.
لكن بذور مصيره السياسي زُرعت عندما كان في الثامنة من عمره عندما انضم إلى منظمة التطوع الوطنية أو جماعة (راشتريا سوايامسيفاك سانغ)، وهي جماعة قومية متشددة.
وكرّس مودي نفسه لقضيته المتمثلة في تعزيز التفوق الهندوسي في الهند العلمانية دستورياً، حتى إنه انسحب من زواجه المدبر بعد وقت قصير من زفافه عندما كان عمره 18 عاماً.
كان البقاء مع زوجته -التي لم يُطلقها رسمياً قط- سيعوق تقدمه في صفوف المنظمة التي كانت تتوقع أن يظل كبار الكوادر عازبين.
ويهاب أنصاره شخصيته القوية، التي صقلتها صورته كمدافع لعقيدة الأغلبية في الهند وصناعة الأساطير التي عززت جذوره المتواضعة.
وقال في مسيرات قبل الانتخابات الأخيرة، منتقداً خصومه «إنهم يكرهونني بسبب أصولي المتواضعة».
«نعم، أصبح شخص ينتمي إلى عائلة فقيرة رئيساً للوزراء، إنهم لا يفشلون في إخفاء ازدرائهم هذه الحقيقة».
أعمال شغب دامية
أعدت منظمة التطوع الوطنية مودي للعمل في جناحها السياسي، حزب بهاراتيا جاناتا (BJP)، الذي كان خلال التسعينيات ينمو ليصبح قوة رئيسية.
تم تعيينه رئيساً لوزراء ولاية جوجارات في عام 2001، لكن في العام التالي هزّت الولاية أعمال شغب طائفية، أشعلها حريق أدى إلى مقتل العشرات من الحجاج الهندوس.
وقال مودي لاحقاً لمراسل بي بي سي إن نقطة ضعفه الرئيسية في الرد على أعمال الشغب كانت عدم معرفة «كيفية التعامل مع وسائل الإعلام».
وقال تحقيق أجرته المحكمة العليا في الهند في النهاية إنه لا يوجد دليل لمحاكمة مودي، لكن التداعيات الدولية أدت إلى منعه من دخول الولايات المتحدة وبريطانيا لسنوات.
ومع ذلك، كان ذلك بمثابة شهادة على أن شعبيته السياسية نمت في الداخل فقط.
لقد بنى سمعته كزعيم مستعد لدعم مصالح الهندوس، بعد أن أكد أن القوى العلمانية التي حكمت البلاد بشكل شبه مستمر منذ الاستقلال عن بريطانيا قد عاقبتهم.
حصل مودي العام الماضي على شرف نادر في الولايات المتحدة بإلقاء خطاب مشترك أمام الكونغرس وإقامة حفل استقبال رسمي في البيت الأبيض بدعوة من الرئيس جو بايدن.
نُسب إلى مودي الفضل في النفوذ الدبلوماسي والاقتصادي المتزايد للهند، زاعماً أن البلاد أصبحت تحت قيادته «فيشواجورو»، ومعناها «زعيم عالمي».
علاقات الهند مع دول العالم
الهند، خامس أكبر اقتصاد في العالم وأسرعها نمواً، هي البلد المفضل لدى الزعماء الغربيين، على الرغم من تحذيرات نشطاء حقوق الإنسان من تصاعد الاستبداد.
واستغل مودي رئاسة الهند مجموعة العشرين عام 2023 لتلميع صورته في الخارج، ويأمل في الاستفادة من استضافة كأس العالم للكريكيت العام الماضي من خلال التقدم بطلب لاستضافة دورة الألعاب الأولمبية الصيفية لعام 2036.
وأثناء استضافة الرئيس الأميركي جو بايدن مودي على عشاء رسمي العام الماضي وصف العلاقات مع الهند بأنها «الشراكة المميزة للقرن الحادي والعشرين».
وفي فبراير شباط، وافقت واشنطن على بيع طائرات بدون طيار متطورة للهند بقيمة 4 مليارات دولار، في أحدث دعم للدفاع الهندي في موازنة الصين المجاورة.
لكن العلاقة لم تكن سلسة تماماً، إذ اتهمت وزارة العدل الأميركية العام الماضي مواطناً هندياً بالتخطيط لمحاولة اغتيال في نيويورك بموافقة وكالة المخابرات الهندية.
كما تتمتع الهند أيضاً بعلاقات قوية مع الدول الأوروبية.
وتأمل الهند في علاقتها مع فرنسا توسيع صفقات بمليارات الدولارات، بما في ذلك بيع طائرات رافال المقاتلة وغواصات من طراز سكوربين.
وتراجعت العلاقات بين البلدين، الأكثر اكتظاظاً بالسكان في العالم في عام 2020، بعد أن خاضت قواتهما مناوشات مميتة على ارتفاعات عالية على طول حدودهما التي يبلغ طولها 3500 كيلومتر (2200 ميل).
وضخت حكومة مودي مليارات الدولارات في البنية التحتية الحدودية وعززت الإنفاق العسكري بنسبة 13 في المئة العام الماضي، لكنه لا يزال بالكاد ربع إنفاق الصين.
وعلى الرغم من التنافس بينهما، فإن الصين هي ثاني أكبر شريك تجاري للهند.
الهند وموسكو
تعود العلاقات بين نيودلهي وموسكو إلى فترة الحرب الباردة، ولا تزال روسيا أكبر مورد للأسلحة على الإطلاق.
فقد تجنبت الهند الإدانة الصريحة لروسيا بسبب غزوها أوكرانيا، وامتنعت عن التصويت على قرارات الأمم المتحدة التي تدين موسكو، واستحوذت على إمدادات النفط الخام الروسي بأسعار مخفضة.
وهنّأ مودي في مارس آذار الرئيس فلاديمير بوتين على إعادة انتخابه، مضيفاً أنه يتطلع إلى تطوير العلاقة «الخاصة» بينهما.
ورفضت حكومة مودي التعامل مع باكستان منذ أن اتهمت إسلام آباد بممارسة الإرهاب عبر الحدود.
وخاضت الدولتان ثلاث حروب والعديد من المناوشات الصغيرة منذ تقسيم شبه القارة الهندية عام 1947، وكانت السيطرة على كشمير المتنازع عليها في قلب التوترات.
وفي عام 2015، قام مودي بزيارة مفاجئة إلى مدينة لاهور الباكستانية، لكن العلاقات تراجعت في عام 2019.
لكن في مارس آذار، هنَّأ مودي نظيره الباكستاني شهباز شريف على عودته إلى رئاسة الوزراء.
وكان ذلك تعبيراً نادراً عن حسن النية بين زعيمي البلدين المسلحين نووياً وأثار الآمال في إمكانية ذوبان الجليد في العلاقات.