أعلن المركزي الأوروبي يوم الخميس أول خفض لأسعار الفائدة منذ عام 2019، لكن هل يعني ذلك أنه سيبدأ دورة تيسير للسياسة النقدية ويواصل خفض الفائدة في الاجتماعات المقبلة؟
قالت رئيسة البنك المركزي الأوروبي، كريستين لاغارد، في مؤتمر صحفي أعقب القرار إجابة عن هذا التساؤل: «هناك احتمال قوي لذلك، لكنه سيعتمد على البيانات، وما ليس بمؤكد هو السرعة التي سنجري بها الخفض والوقت الذي سيستغرقه ذلك».
وجاء قرار المركزي الأوروبي بخفض أسعار الفائدة الرئيسية الثلاثة بمقدار 25 نقطة أساس بما يتماشى مع توقعات الأسواق، في أول خطوة لخفض الفائدة منذ سبتمبر أيلول 2019، عندما أعلن البنك خفض الفائدة التي كانت سلبية على الإيداع من -0.40 في المئة إلى -0.50 في المئة.
توقعات قرار الفائدة لاجتماع يوليو 2024
يبدو أن توقعات التضخم في منطقة اليورو والبيانات الاقتصادية الواردة، بالإضافة إلى توقيت خفض الفائدة من قبل بقية البنوك المركزية الرئيسية، ستكون المحددات الرئيسية لموعد الخفض المقبل للفائدة الأوروبية.
وبالتزامن مع إعلان قرار السياسة النقدية، رفع المركزي الأوروبي توقعاته للتضخم لهذا العام، إلى 2.5 في المئة من 2.3 في المئة المتوقعة في مارس آذار، كما أشار إلى أنه سيبقي أسعار الفائدة مقيدة بما فيه الكفاية طالما كان ذلك ضرورياً لإعادة التضخم إلى المستهدف اثنين في المئة.
وقفز معدل التضخم السنوي بنسبة 2.6 في المئة في منطقة اليورو خلال مايو أيار 2024 مقارنة بالشهر ذاته من العام السابق، بحسب بيانات مكتب الإحصاء الأوروبي (يوروستات)، كما ارتفع معدل التضخم الأساسي -الذي يستبعد أسعار الطاقة والغذاء- من 2.7 في المئة إلى 2.9 في المئة في الفترة ذاتها.
في غضون ذلك، يظهر اقتصاد منطقة اليورو، الذي تجنب الركود بصعوبة في العام الماضي، علامات الانتعاش، إذ نما بنسبة 0.3 في المئة في الأشهر الثلاثة المنتهية في مارس آذار 2024، مقارنة بانكماش بنسبة 0.1 في المئة في الأشهر الثلاثة السابقة، الأمر الذي قد يؤدي إلى تسارع التضخم بشكل أكبر، ويعزز المخاوف بشأن خفض الفائدة.
وهناك عامل آخر يمكن أن يؤثر على قرار المركزي الأوروبي وهو توقيت تخفيض أسعار الفائدة من قبل بقية البنوك المركزية، خاصة أن أسعار الفائدة المرتفعة تميل إلى جذب المزيد من تدفقات رأس المال الدولية، ما يزيد الطلب على العملة المحلية (اليورو في هذه الحالة) ومن ثم يرفع قيمتها مقابل العملات الأخرى، بينما يحدث العكس عند خفض أسعار الفائدة.
ويتوقع المتداولون على أداة فيد ووتش أن يبقي الاحتياطي الفيدرالي على أسعار الفائدة دون تغيير في اجتماعه الأسبوع المقبل، ومن غير المتوقع أيضاً أن يخفض بنك إنجلترا أسعار الفائدة في اجتماعه المقرر في 20 يونيو حزيران.
لذلك، قد يكون صناع القرار في فرانكفورت مترددين في المضي قدماً بعيداً عن الاحتياطي الفيدرالي وخفض الفائدة لأن ذلك قد يتسبب في خسارة اليورو لقيمته مقابل الدولار، الأمر الذي قد يؤدي بعد ذلك إلى ارتفاع التضخم في أوروبا بسبب ارتفاع أسعار الواردات.
ورغم أن الأسواق لم تتوقع سوى خفض إضافي واحد فقط في 2024، فإن الاقتصاديين الذين استطلعت وكالة رويترز آراءهم الأسبوع الماضي توقعوا إجراء تخفيضين إضافيين خلال بقية العام الحالي.
ومع ذلك، تستبعد الأسواق مواصلة خفض الفائدة الأوروبية في اجتماع يوليو تموز المقبل، وقال مارك وول، كبير الاقتصاديين الأوروبيين في دويتشه بنك لشبكة CNN، «البنك ليس في عجلة أمره لتخفيف السياسة»، واصفاً لهجة المركزي الأوروبي بأنها «متشددة» رغم قرار خفض الفائدة.