توفي اليوم رجل الأعمال المصري عنان الجلالي، عن عمر يناهز 77 عاماً، لينهي رحلة طويلة بدأت بعمله غاسل صحون في الدنمارك وانتهت بامتلاك سلسلة فنادق هلنان العالمية ليصبح أحد أبرز المليارديرات المصريين.
ولد الجلالي في القاهرة بمصر الجديدة، وكان عضواً نشطاً في العديد من الأنشطة الاجتماعية والرياضية، لكنه فشل في دراسته بالمدرسة لسنوات، بحسب الموقع الرسمي للملياردير المصري، ووقتها لم يعلم أنه سيحصل على خمس شهادات دكتوراه فخرية في مرحلة متقدمة من حياته.
وقال الجلالي على موقعه إنه شعر منذ الصغر بأنه غريب بين أفراد عائلته وأصدقائه المثقفين، لذا قرر الابتعاد عن المنزل، وغادر وطنه «مصر» قبل أن يكمل دراسته الثانوية، دون موارد مالية، وفي جيبه عشرة جنيهات إسترلينية فقط.
كانت رحلة الجلالي مليئة بالتحديات والصعاب، إذ إنه هاجر إلى النمسا في مطلع الستينيات، ومنها للدنمارك، وكافح حتى وصل لمناصب عالمية، وحصل على لقب فارس العلم الدنماركي، وفيما يلي أبرز المحطات في حياة الملياردير المصري الشهير.
أشهر غاسل صحون في العالم
في فيينا، كان الجلالي يبيع الصحف في الشوارع، وكان لديه وظائف مؤقتة مختلفة وأقام عدة مرات في مؤسسة للمشردين في وسط فيينا، وبعد ذلك انتقل شمالاً إلى الدنمارك وعمل هناك غاسل صحون بدون أجر، ولكن مقابل وجبة طعام، وهذا كان السبب وراء حصوله على لقب «أشهر غاسل صحون في العالم»، ثم عمل متطوعاً في وظائف مختلفة حتى في أوقات فراغه في الفنادق والمطاعم لتوسيع خبرته وكسب الاحترام.
وتقلد الجلالي مناصب مختلفة في الدنمارك حتى أصبح «المدير العام» لأحد الفنادق وهو لا يزال في العشرينيات من عمره، وعندما بلغ من العمر 30 عاماً تقريباً، تقلد منصب المدير الإداري ورئيس سلسلة فنادق Hvide Hus التي كانت في ذلك الوقت أكبر سلسلة فنادق في البلاد، ثم أصبح خلال سنوات مسؤولاً عن نحو خمسة آلاف موظف يقدمون يومياً آلاف الوجبات والأسرة في فنادق الدرجة الأولى تحت إدارته.
لقد عمل الجلالي بجد واجتهاد على معرفة كيفية تطوير الموارد البشرية والأعمال التجارية، حتى أصبح رجل أعمال دولياً وصاحب واحدة من أشهر سلاسل إدارة الفنادق العالمية.
سلسلة هلنان العالمية
كان أول فندق يملكه الجلالي في الدنمارك هو فندق فينيكس الذي بُني في القرن الثامن عشر، وسمي الفندق على اسم طائر الفينيق العربي، وهو طائر أسطوري من القصة الفينيقية القديمة الذي احترق في معبد الشمس في هليوبوليس ليغادر مصر وينهض من جديد في أوروبا، وتشبه هذه القصة ما مر به عنان في مصر حتى غادر البلاد ليبدأ رحلة الحياة المستقبلية في العالم الغربي.
وأسس الجلالي سلسلة فنادق هلنان العالمية في عام 1982، تحت اسم يعبر عن انتمائه لجذوره، فنجد أن هلنان هي في الأصل كلمة مصرية، تتكون من مقطعين؛ الأول (هل) وهي الأحرف الأولى من كلمة هليوبوليس، أحد أرقى أحياء القاهرة ومسقط رأس الملياردير المصري، و(نان) وهي الأحرف الأخيرة من اسم عنان.
ووجد الجلالي طريق العودة إلى موطنه الأصلي من خلال الجهود التي بذلتها شركة هلنان باستخدام الخبرة والشبكات والأدوات المالية، بعدما بدأ في استثمار وتشغيل فندقين من فئة 5 نجوم في القاهرة والإسكندرية، وعلى مدار السنوات التالية توسعت سلسلة الفنادق لتدير الآن أكثر من أربعين فندقاً في مصر والدنمارك ودول أخرى حول العالم.
جوائز وتكريمات
تحول الجلالي من طالب فاشل دراسياً في الثانوية العامة ليصبح رئيس «مجلس المستشارين» للاتحاد الدولي لرؤساء الجامعات في عام 2010، كما تقلد منصب سفير الدنمارك للعلاقات التاريخية في الشرق الأوسط في عام 2011.
بجانب ذلك، فإن الجلالي هو المؤسس والرئيس الفخري لجمعية الأعمال الإسكندنافية في القاهرة منذ عام 2005، وحصل على خمس شهادات دكتوراه فخرية، بما في ذلك الدكتوراه الفخرية الممنوحة من جامعة فارلي ديكنسون بالولايات المتحدة.
وفي عام 2014، حصل على لقب «فارس العلم الدنماركي» من الطبقة الأولى من قبل الملكة مارغريت الثانية الدنمارك، كما دعي في العام ذاته من قبل رئيس الولايات المتحدة باراك أوباما لتمثيل الدنمارك في واشنطن العاصمة للمشاركة في القمة الرئاسية لريادة الأعمال.
وفي 20 يونيو 2024، رحل الجلالي بعدما أصيب بأزمة صحية في الدنمارك، وترك قصة كفاح مليئة بالتحديات وملهمة للعديد من رواد الأعمال في جميع أنحاء العالم.