تسعى بكين إلى دفع الاتحاد الأوروبي لإلغاء تعريفاته الأولية على السيارات الكهربائية الصينية بحلول الرابع من يوليو تموز 2024، بعد اتفاق الجانبين على إجراء محادثات تجارية جديدة، وفقاً لما ذكرته صحيفة غلوبال تايمز المملوكة لدولة الصين.

واتفق الجانبان على استئناف محادثات التعريفة الجمركية بعد مكالمة هاتفية بين مفوض الاتحاد الأوروبي فالديس دومبروفسكيس ووزير التجارة الصيني وانغ وينتاو يوم السبت خلال زيارة وزير الاقتصاد الألماني للصين، الذي قال إن أبواب المناقشة «مفتوحة».

وستكون أفضل نتيجة للمحادثات الأوروبية الصينية هي أن يتخلى الاتحاد الأوروبي عن قراره بشأن التعريفة الجمركية قبل الرابع من يوليو تموز، حسب ما ذكرت الصحيفة في وقت متأخر من يوم الأحد نقلاً عن مصادر.

وطالما دعت الصين إلى إلغاء تعريفات الاتحاد الأوروبي الجمركية، معربة عن استعدادها للتفاوض، إذ لا ترغب بكين في التورط في حرب رسوم جمركية أخرى، بينما لا تزال تعاني من الرسوم الجمركية الأميركية على بضائعها التي فرضتها إدارة ترامب، ومع ذلك تقول الحكومة إنها ستتخذ جميع الخطوات لحماية الشركات الصينية في حالة حدوث ذلك.

وفي منتصف مايو أيار 2024، أعلن البيت الأبيض زيادة الرسوم الجمركية على الواردات الأميركية من السلع الصينية بقيمة 18 مليار دولار، بما في ذلك السيارات الكهربائية والبطاريات وأشباه الموصلات والصلب والألومنيوم والمعادن النادرة والخلايا الشمسية ورافعات السفن والمنتجات الطبية.

كم تبلغ الرسوم الجمركية الأوروبية؟

أعلن الاتحاد الأوروبي عن خطط لفرض رسوم جمركية إضافية تتراوح بين 17 في المئة و38 في المئة على واردات السيارات الكهربائية من الصين، وجاء هذا الإعلان كجزء من النتائج المؤقتة للتحقيق الذي أطلقته المفوضية الأوروبية في سبتمبر أيلول 2023، الذي خلص إلى أن إنتاج السيارات الكهربائية الصينية يستفيد من «الدعم غير العادل، الذي يسبب تهديداً بإلحاق ضرر اقتصادي بمنتجي السيارات الكهربائية في الاتحاد الأوروبي».

وتضاف التعريفات الجديدة إلى تعريفات السيارات القياسية للاتحاد الأوروبي البالغة عشرة في المئة، وتغطي التعريفات واردات السيارات الكهربائية الجديدة التي تمتلك محركاً كهربائياً واحداً أو أكثر قادماً من الصين، بينما لا تغطي السيارات الهجينة، ولا المدخلات الفردية للسيارات الكهربائية مثل البطاريات.

وتختلف معدلات التعريفة اعتماداً على شركة صناعة السيارات، ويُزعم أنها حُسبت استناداً لتقديرات الدعم الحكومي لشركة بي واي دي، وجيلي، وسايك، كما تشمل التعريفات أيضاً شركات صناعة السيارات الغربية التي تصنع المركبات الكهربائية في الصين لصالح الاتحاد الأوروبي، مثل تسلا وبي إم دبليو وفولكس فاغن.

وفي مايو أيار 2024، حذّر الرئيس التنفيذي لشركة بي إم دبليو، أوليفر زيبسي، والرئيس التنفيذي لفولكس فاغن، توماس شيفر، من فرض الاتحاد الأوروبي رسوم استيراد السيارات الكهربائية من الصين، قائلين في تعليقات نقلتها رويترز، إن ذلك قد يقلب خطة التحول الأخضر للاتحاد الأوروبي ويضر شركات صناعة السيارات التي تستورد السيارات المصنوعة في الصين.

وتعتبر أوروبا الوجهة الأولى لصادرات السيارات الكهربائية الصينية في الوقت الحالي، إذ بلغت حصة الشركات المصنعة الصينية في سوق سيارات الركاب الكهربائية الجديدة التي تعمل بالبطاريات في أوروبا الغربية 9.3 في المئة في الربع الأخير من عام 2023، وهو ارتفاع مذهل مقارنة بعام 2019، بحسب بيانات المجلس الأطلسي.

حرب تجارية تلوح في الأفق

توترت العلاقات بين الصين والاتحاد الأوروبي منذ الغزو الروسي لأوكرانيا، وعلاقة الصين الوثيقة بروسيا، وتتزايد الحمائية التجارية التي تتبعها سياسة الاتحاد الأوروبي في الآونة الأخيرة مدفوعة بمخاوف من حدوث إغراق للمنطقة بالسلع الرخيصة الصينية في ظل تطلعات الشركات الصينية إلى زيادة الصادرات وسط ضعف الطلب المحلي.

على جانب آخر، رفضت الصين اتهامات الاتحاد الأوروبي بأنها تقدم إعانات غير عادلة للشركات الصينية لزيادة إنتاجها، قائلة إن تطوير صناعة السيارات الكهربائية في الصين كان نتيجة لتطور التكنولوجيا وتوسع السوق وتعافي سلاسل التوريد الصناعية.

وقال تشانغ يان شنغ كبير الباحثين في المركز الصيني للطاقة «عندما أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية فون دير لاين أنها ستحقق في تزايد إنتاج السيارات الكهربائية في الصين، كان لدي شعور بديهي بأنها ليست قضية اقتصادية فحسب، بل قضية جيوسياسية أيضاً».

وأضاف يان شنغ «شخصياً، أعتقد أنه من غير العادل بدء حرب الرسوم الجمركية من خلال الأخذ في الاعتبار فقط معدل استغلال القدرة والطلب غير الكافي».

ورغم دعوة بكين لإجراء محادثات، فإنها أشارت أيضاً إلى أن لديها إجراءات انتقامية جاهزة إذا لم تتراجع المفوضية، وأنها تعتبر بروكسل المسؤولة الكاملة عن التوترات المتصاعدة.

وألمحت السلطات الصينية إلى الإجراءات الانتقامية المحتملة من خلال تعليقات وسائل الإعلام الحكومية والمقابلات مع شخصيات الصناعة، وقال جاكوب جونتر كبير المحللين في معهد ميريكس للدراسات الصينية ومقره برلين «من المحتمل أن ترفع بكين الرسوم الجمركية بما يصل إلى 25 في المئة على السيارات الأوروبية الصنع بمحركات سعة 2.5 لتر أو أكثر».

وذكرت صحيفة غلوبال تايمز، لأول مرة أن الصين تدرس فتح تحقيق متبادل لمكافحة الإغراق في واردات لحوم الخنزير الأوروبية، الذي أعلنت عنه وزارة التجارة الأسبوع الماضي، وأضاف جونتر أن «لحم الخنزير ومنتجات الألبان مطروحة بالفعل على طاولة بكين، ومن المرجح أن تتعرض المزيد من المنتجات الزراعية للتهديد».