تعيش فرنسا حالة من الترقب والقلق بعد نتائج الانتخابات الأخيرة بسبب وضع اقتصادي متردٍّ، فقد حذرت محكمة الحسابات، يوم الاثنين، الحكومة القادمة من وضع المالية العامة للدولة الذي وصفته بالمتردي.
وذكر تقرير المحكمة الذي نشر الاثنين أن نتائج عام 2023 «سيئة للغاية» بنسبة عجز وصلت إلى 5.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، أي بنسبة 0.6 في المئة فوق النسبة المستهدفة، وكل هذا يأتي على خلفية نتائج الانتخابات التشريعية التي لم يحظ خلالها أي من الأطراف الرئيسية على الأغلبية المطلقة التي تمكنه من تشكيل الحكومة.
قال دانيال ملحم أستاذ الاقتصاد بجامعة باريس وجامعة مونبيليه في لقاء عبر زووم مع CNN الاقتصادية إنه «إذا تشكلت حكومة جديدة ستتكون من ائتلاف بين يسار الوسط ويمين الوسط والوسط الذي يمثله الرئيس إيمانويل ماكرون، وسيكون من الصعب عليها تبني إصلاحات، فتحالف اليسار يتبنى برنامجاً يتصف بالسخاء المالي وزيادة القدرة على الإنفاق، ما سيتسبب بزيادة العجز، وكل هذا سيضع فرنسا في موقفٍ حرج مع الاتحاد الأوروبي، لتصبح فرنسا أحد التلاميذ السيئين داخل المنظمة الأوروبية».
وكان رفع الحد الأدني للأجور بمقدار مئتي يورو ضمن مشروع اتحاد الأحزاب اليسارية بقيادة جون لوك ميلونشون رئيس حزب فرنسا الأبية اليساري الشعبوي، ليقفز من 1400 يورو إلى 2600 يورو وهو ما يشكل عبئاً على الشركات الصغيرة والمتوسطة في فرنسا ويخفض قدرتها على التنافسية.
ويستعد الاتحاد الأوروبي لتقديم اقتراح إجراء «حالة العجز المالي الكبير» ضد فرنسا، وينص هذا الإجراء على الحفاظ على العجز تحت 3 في المئة وألا تتخطى نسبة الدين العام 60 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، ويستقبل الرئيس ماكرون غداً الثلاثاء رئيس الوزراء الفرنسي جابريال أتال الذي من المتوقع أن يقدم استقالته.
ويضيف ملحم أنه «قد يتم تشكيل حكومة جديدة أو لا يتم تشكيلها بالاكتفاء باستمرار الحكومة الحالية في تسيير الأعمال حتى سبتمبر أو أكتوبر»، وهو أمر يناسب جميع الأطراف، فالألعاب الأولمبية سوف تنطلق بعد عشرة أيام من الآن ولا ينوي أي من الأطراف تخريب الألعاب الأولمبية فهي واجهة فرنسا إلى الخارج وجميع الأحزاب تتعامل بمسؤولية حيال هذا الأمر ولا تنوي تنظيم إضرابات واحتجاجات من أجل الوصول إلى الحكم، ولكن الفترة التي ستلي انتهاء الألعاب الأولمبية قد تشهد مثل هذه التحركات.
وكانت غولدمان ساكس توقعت انخفاض الناتج الإجمالي المحلي بنسبة 0.1 في المئة خلال الربع الأخير من السنة بسبب الوضع السياسي الذي يهيمن على البلاد وعبر ملحم عن مخاوفه من أن «يتردى هذا الوضع إذا تطورت الأمور وبدأت موجة من المظاهرات والشغب يمكن أن تصبح الخسائر أكبر من ذلك بكثير، ولكن من المبكر الحديث عن هذا السيناريو اليوم».
وفرنسا تعول كثيراً على الألعاب الأولمبية لإحداث انتعاشة لاقتصادها وبدا هذا جلياً بانضمام بعض الرياضيين الأولمبيين الفرنسيين إلى العرض العسكري بمناسبة العيد الوطني الفرنسي أمس الأحد في باريس، وكانوا يحملون الشعلة الأولمبية أمام الرئيس ماكرون وكان بجانبه جابريال أتال رئيس حكومته الذي سيتحدد مصيره في الساعات المقبلة.