تزامن قرار السلطات المصرية بتقليص المساحات المزروعة بالنباتات النهمة في استهلاك الماء مع بناء سد النهضة الإثيوبي، ما تسبب في خلل اقتصادي كبير للدولة والمزارعين والمستهلكين.

أكد أستاذ الموارد المائية بكلية الزراعة بجامعة القاهرة نادر نور الدين في لقاء مع CNN الاقتصادية أن «بناء هذا السد دفع مصر إلى التسريع في إقامة مشروعات لم تكن في حاجة إليها إلّا بعد خمسين عاماً من الآن، الخسائر المبدئية تقدر بنحو عشرة مليارات دولار أي نحو ملياري دولار لاستيراد الأرز والسكر، فضلاً عن تكلفة مشروعات تحلية مياه البحر ومحطات معالجة مياه الصرف».

تبني مصر 19 محطة تحلية لمياه البحر المالحة كي يستخدمها سكان المدن الساحلية والحدودية وهي تتبع وزارة الإسكان.

تحت عنوان «مصر والدخول إلى عصر تحلية المياه» جاء مقال إرشادي على الهيئة العامة للاستعلامات في مصر.

يشرح المقال الطويل مشاريع إنشاء محطات تحلية ماء البحر ومحطات معالجة ماء الصرف، والمقال المنشور في مارس آذار 2022 لا يذكر سد النهضة.

ولكنه يوضح حالة الفقر المائية الذي تعاني منه البلاد حيث إن «المعدل العالمي يحدد نصيب الفرد بألف متر مكعب سنوياً بينما نصيب كل مصري انخفض إلى 600 متر مكعب فقط» في العام.

ويقدر الموقع تكلفة إنشاء محطات التحلية بنحو 50 مليار جنيه عام 2022 أي أكثر من 3 مليارات دولار بحسب سعر الصرف قبل موجات تخفيض قيمة الجنيه بدأت ربيع العام نفسه.

وقال أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة عباس شراقي في اتصالٍ مع CNN الاقتصادية إن تحلية متر مكعب واحد من ماء البحر تتكلف نحو 100 جنيه أو دولارين، بينما تنقية مياه النيل لا تكلف الدولة سوى سنتين اثنين أي جنيه واحد أو أقل، وهذه التكلفة تشمل مصاريف نقل الماء للمستهلكين.

نور الدين يسرد بشكل تقريبي المبالغ التي تكبدتها مصر بسبب سد النهضة، ففضلاً عن تقليص مساحات أراضي زراعة الأرز وقصب السكر ومحطات تحلية ومعالجة الماء، «انخرطت مصر في مشروع تبطين الترع والمصارف، فشبكة الترع في مصر يبلغ طولها نحو 30 ألف كم»، وهي تتشعب في قرى مصر وعزب وزمام كل حقول مصر.

«قامت الدولة بتبطين ما بين 7000 و8000 كيلومتر منها».

ويهدف المشروع إلى توفير 5 مليارات متر مكعب من الماء عن طريق منع تسريبها إلى التربة.

وبحسب تصريحات سابقة للرئيس المصري عبدالفتاح السيسي فإن تكلفة المشروع تبلغ 80 مليار جنيه أي أكثر من 5 مليارات دولار بحسب سعر الصرف آنذاك.

وبينما لا ترى إثيوبيا -ثاني أكبر دولة في إفريقيا من حيث عدد السكان بعد نيجيريا- أي ضرر للسد لدولتي المصب السودان ومصر، يقدر نور الدين الضرر حتى الآن بعشرة مليارات دولار، مضيفاً أنه بحسب «اتفاق المبادئ الذي وقعته مصر مع إثيوبيا فإن الأخيرة ملزمة بتعويض دول المصب عن الأضرار التي قد يخلفها بناء السد».

وتبلغ حصة مصر من نهر النيل 55،5 مليار متر مكعب من الماء كل عام، يأتي نحو 85 في المئة منها من النيل الأزرق أو المنابع الحبشية، بينما لا تمثل موارد البحيرات الاستوائية سوى نحو 14 في المئة من المياه التي تستقبلها مصر.

ويرى مراقبون أن إرسال الخارجية المصرية خطاباً إلى مجلس الأمن يعرب فيه عن استنزاف كل طرق المفاوضات يعتبر بمثابة سند قانوني في المعركة التي قد تقودها مصر للحصول على التعويضات التي تغطي الأضرار التي ستعاني منها بسبب سد النهضة، ولكن هل تمتلك إثيوبيا المال الكافي لتعويض مصر؟