في أول مواجهة لهما في مناظرة تلفزيونية خلال الانتخابات الرئاسية الأميركية، احتدم النقاش حول الوضع الاقتصادي في البلاد بين المرشح عن الحزب الجمهوري، دونالد ترامب، ونائبة الرئيس ومرشحة الحزب الديمقراطي، كامالا هاريس على خشبة المسرح في مركز الدستور الوطني في فيلادلفيا-بنسلفانيا في الحدث الذي أقامته شبكة إيه بي سي نيوز الأميركية.

المناظرة هي الثانية التي تنعقد خلال الحملة الانتخابية الحالية، حيث واجه ترامب الرئيس الحالي جو بايدن والذي انسحب من السباق الرئاسي بعد أسابيع قليلة من مواجهة ترامب في يونيو حزيران.

وكان قد أعلن كل من المرشحين دوافعه التي سيستغلها لمناظرة خصمه قبيل الحدث، فقال ترامب إنه سيركز على تغيير هاريس سياساتها على مر الأعوام، أما هاريس فأكدت أنها ستركز على كذب خصمها، كاتبة في تدوينة على وسائل التواصل الاجتماعي صباح اليوم «دونالد ترامب لديه مشكلة حقيقية مع الحقيقة».

تكلفة السكن والضرائب والتضخم

بدأ مذيع شبكة إيه بي سي نيوز المناظرة بسؤال حول سياسات كل من المرشحين الاقتصادية، واعترفت هاريس في بداية إجابتها أن الولايات المتحدة تعاني من تكلفة السكن معلنة أنها تعتزم منح خصم ضريبي للأسر متوسطة الدخل.

وقالت هاريس، «لدي بالفعل خطة لبناء ما أسميه اقتصاد الفرص، نعاني من نقص في المنازل والمساكن وتكلفة السكن باهظة للغاية بالنسبة لعدد كبير جداً من الناس.. نحن نعلم أن الأسر الشابة تحتاج إلى الدعم لتربية أطفالها وأعتزم تمديد التخفيض الضريبي لتلك الأسر بقيمة 6 آلاف دولار وهو أكبر ائتمان ضريبي للأطفال قدمناه منذ فترة طويلة».

وأضافت، «خطتي هي منح خصم ضريبي بقيمة 50 ألف دولار للشركات الناشئة والشركات الصغيرة مع العلم أنها العمود الفقري للاقتصاد الأميركي».

واتهمت هاريس ترامب بالتهاون مع المليارديرات والشركات الكبرى، قائلة إنه يعتزم منحهم خصومات ضريبية ضخمة مما سيضيف 5 تريليونات دولار إلى العجز الأميركي.

وقالت هاريس، «لدى خصمي خطة أسميها ضريبة ترامب للمبيعات والتي تتمثل في ضريبة بنسبة 20% على السلع اليومية التي نعتمد عليها كل شهر.. وقال اقتصاديون إن ضريبة المبيعات هذه ستدر على عائلات الطبقة المتوسطة نحو 4 آلاف دولار إضافية سنوياً».

أما ترامب فرد على المرشحة عن الحزب الديمقراطي قائلاً إن التعريفات الجمركية التي فرضها على الصين ودول أخرى خلال ولايته كرئيس للبلاد ساعدت إدارة بايدن وهاريس في سياساتهما الاقتصادية.

وقال ترامب، «لقد أخذت مليارات ومليارات الدولارات من الصين، وفي الواقع لم يقوموا (هاريس وبايدن) بإلغاء التعريفة أبداً لأنها كانت أموالاً كثيرة جداً، ومن شأن إلغائها أن يدمر تماماً كل ما شرعوا في القيام به».

وقال ترامب إن إدارة بايدن حصلت على مليارات الدولارات من الصين وأماكن أخرى، ولهذا السبب تركوا الرسوم الجمركية سارية.

كما تطرق ترامب لمستوى التضخم في البلاد، قائلاً إنه مستوى غير مسبوق، وأضاف «لدينا تضخم لم يشهده سوى عدد قليل جداً من الناس من قبل، وربما يكون الأسوأ في تاريخ أمتنا.. لقد كنا عند 21% ولكن هذا كرم لأن العديد من الأشياء أعلى بنسبة 50% و60% و70% و80% عما كانت عليه قبل بضع سنوات فقط، لقد كان ذلك بمثابة كارثة على أفراد الطبقة المتوسطة وعلى كل طبقة».

التكسير الهيدروليكي

وخلال المناظرة، دافعت هاريس عن موقفها وسياساتها فيما يتعلق بملف الطاقة والتكسير الهيدروليكي والتي وصفها مذيع شبكة إيه بي سي نيوز بالمتغيرة.

وصرحت هاريس إن بشكل قاطع عن دعمها لمحفظة طاقة متنوعة، ورفضت الاتهامات بأنها تريد حظر التكسير الهيدروليكي. وأكدت هاريس أن قيمها لم تتغير، مضيف، «موقفي هو أنه يتعين علينا الاستثمار في مصادر متنوعة للطاقة حتى نقلل اعتمادنا على النفط الأجنبي».

وروجت هاريس لسجل إدارة بايدن فيما يتعلق بإنتاج النفط المحلي، قائلة، «لقد حققنا أكبر زيادة في إنتاج النفط المحلي في التاريخ».

في عام 2019، عارضت هاريس التكسير الهيدروليكي – وهو الموقف الذي كان من الممكن أن يكون ضاراً سياسياً في ولاية بنسلفانيا التي أقيمت فيها المناظرة، حيث يعد مصدر توظيف ضخماً.

التكسير الهيدروليكي، هو عملية اختراق الصخر الزيتي الكثيف لفتح الغاز الطبيعي. عارض التقدميون التكسير الهيدروليكي بسبب المخاوف بشأن تغير المناخ. ومع ذلك، بموجب قانون الحد من التضخم، وهو مشروع قانون شامل للرعاية الصحية والضرائب والمناخ بقيمة 750 مليار دولار أدلت هاريس بالصوت الفاصل لتمريره في مجلس الشيوخ ووقعه الرئيس جو بايدن ليصبح قانوناً في عام 2022، توسع التكسير الهيدروليكي في الولايات المتحدة.

أما ترامب فشكك في سياسة هاريس في هذا الملف، متهماً إياها بالتخبط في هذه القضية. وزعم ترامب، «التكسير الهيدروليكي؟ لقد كانت ضده لمدة 12 عاماً»، مضيفًا أن هاريس غيرت موقفها أيضا ًبشأن قضايا رئيسية أخرى مثل تمويل الشرطة وحقوق السلاح.

وقال ترامب إن تركيز إدارة بايدن-هاريس على تقليل استخدام الوقود الأحفوري سيفيد الصين في المقام الأول، مشيراً إلى دعمه «للحفر» لإنتاج مزيد من النفط.

ملف الهجرة

اتهم ترامب هاريس بالسماح بدخول ملايين من المهاجرين غير الشرعيين إلى الولايات المتحدة، رقم يقول ترامب إنه يتعدى الـ20 مليون مهاجر فيما تتحدث أرقام رسمية عن وجود 11 مليون مهاجر غير شرعي داخل الأراضي الأميركية.

وقال ترامب، « العدد أعلى بكثير، بسببهم سمحوا للمجرمين، ملايين المجرمين، وسمحوا للإرهابيين وسمحوا لمجرمي الشوارع العاديين وسمحوا بدخول تجار المخدرات إلى بلدنا».

وقالت هاريس إنها ستجدد المساعي لإقرار تشريع حدودي شامل من شأنه تشديد الهجرة إلى الولايات المتحدة، وتعهدت «بإنفاذ قوانيننا» للتصدي للعبور عبر الحدود.

وأضافت هاريس «لدينا قوانين يتعين اتباعها وتنفيذها، والتي تتعامل مع من يعبرون حدودنا بشكل غير قانوني ويجب أن تكون هناك عواقب».

هذا فيما ادعى ترامب ادعاءً قال مذيع الشبكة وهاريس إنه كاذباً والذي روج له العديد من الجمهوريين البارزين في الأسبوع الماضي، بما في ذلك المرشح الجمهوري لمنصب نائب الرئيس السناتور جيه دي فانس، حول أن المهاجرين في مدينة سبرينغفيلد بولاية أوهايو يسرقون الكلاب والقطط الأليفة ويأكلونها.

وقال ترامب، «في سبرينجفيلد، يأكلون الكلاب.. الأشخاص الذين جاءوا يأكلون القطط.. إنهم يأكلون الحيوانات الأليفة للأشخاص الذين يعيشون هناك».

وفي ملف تغير المناخ، شددت هاريس على أنها أزمة ملحة مشيرة إلى الكوارث الطبيعية التي وقعت في عدة ولايات والتي دمرت عدد كبير من المنازل والمرافق في أنحاء البلاد.

أهمية المناظرة

يسعى كل من ترامب وهاريس إلى محاولة جذب الناخبين قبل ما يُتوقع أن تكون منافسة متقاربة في نوفمبر تشرين الثاني، بينما يقيّم الناخبون آراء المرشحين حول الاقتصاد الأميركي، والتوترات الجيوسياسية، وملف الهجرة، وأزمة تغيّر المناخ من بين الملفات الأخرى.

يذكر أيضاً أن استطلاعات الرأي أظهرت أن أكثر من ربع الناخبين المحتملين يشعرون أنهم لا يعرفون ما يكفي عن هاريس بعد، ما يجعل المناظرة غاية الأهمية للمرشحة الديمقراطية.

وفي استطلاع تلو الآخر، أشار الأميركيون إلى أن الاقتصاد هو مصدر قلقهم الأكبر، وبالتالي فإن خطة تعامل المرشحين مع التضخم المرتفع لسنوات ستكون محدداً رئيسياً في اختيار الرئيس القادم.

ورغم أن التضخم قد تباطأ بشكلٍ كبير منذ أن وصل إلى أعلى مستوى له منذ 40 عاماً في عام 2022، فإن الأميركيين يدفعون الآن نحو 20 في المئة أكثر مقابل السلع والخدمات مقارنة بما كان عليه قبل جائحة كورونا، وفقاً لحسابات CNN.