اعتبرت الأسواق قرار الاحتياطي الفيدرالي بخفض الفائدة 50 نقطة أساس مرة واحدة بمثابة إعلان للنصر في معركة التضخم، لكن رئيس البنك جيروم باول وضح موقفه قائلاً، إنه لم يعلن النصر بعد، مشيراً إلى تلاشي مخاوف الركود.

وقال باول في مؤتمر صحفي يوم الأربعاء تعليقاً على بيانات التضخم «لم نصل إلى المستهدف 2 في المئة حقاً، ونحن بالتأكيد لا نقول إن المهمة قد أنجزت أو أي شيء من هذا القبيل، لكننا نشعر بالتشجيع بسبب التقدم الذي أحرزناه».

وعن توقيت خفض الفائدة أكد باول أنه كان مناسباً ولا يرى أن البنك تخلف عن الركب، مضيفاً «لا يزال التضخم على مسافة قريبة من المستهدف البالغ 2 في المئة»،

وقرر الاحتياطي الفيدرالي خفض الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس إلى النطاق 4.75-5 في المئة، كما توقعات لجنة السياسة النقدية تخفيضات إضافية قدرها 50 نقطة أساس قبل نهاية عام 2024، ما يدفع سعر الفائدة إلى النطاق 4.25-4.5 في المئة.

وجاء قرار خفض الفائدة بعدما سجل معدل التضخم السنوي في البلاد انخفاضات متتالية على مدار الأشهر الماضية، وبلغ 2.5 في المئة بنهاية أغسطس آب 2024، وهو أدنى مستوى منذ فبراير شباط 2021.

وفي هذا الصدد، خفضت لجنة السياسة النقدية اليوم الأربعاء توقعات مؤشر الإنفاق الاستهلاكي -مقياس التضخم الرئيسي لبنك الاحتياطي الفيدرالي- للعامين 2024 و2025 إلى 2.3 في المئة و2.1 في المئة على الترتيب.

البطالة وراء خفض الفائدة

أشار باول في حديثه إلى معدل البطالة باعتباره أحد الأسباب التي دفعت بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة بقوة في اجتماعه اليوم، لكنه حاول أيضاً طمأنة الأسواق بأن سوق العمل لا تزال في وضع جيد.

وقال باول إن سوق العمل تضعف وإن التوظيف يتباطأ، وكلاهما «يستحق المتابعة»، وتفسيره لهذا، أنه قد وصلت الولايات المتحدة إلى «الحد الأقصى من التوظيف».

ومع ذلك قال باول إن «الاقتصاد الأميركي في حالة جيدة، وينمو بوتيرة قوية، والتضخم آخذ في الانخفاض، وسوق العمل تسير بخطى قوية»، مؤكداً أنه «رغم ارتفاع معدل البطالة بشكل كبير هذا العام، فقد تجنبنا الركود ولا يبدو أنه يلوح في الأفق أيضاً».

في غضون ذلك، اللجنة توقعات النمو الاقتصادي لعام 2024 إلى 2 في المئة، وأبقت على توقعات عام 2025 دون تغيير عند 2 في المئة، بينما رفعت توقعات معدل البطالة إلى 4.4 في المئة لعامي 2024 و2025.

سوق الإسكان عائق أمام هدف التضخم

أقرّ رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي بأنه في حين تباطأ التضخم في جميع أنحاء الاقتصاد، إلا أن هناك قطاعاً واحداً ظل مرتفعاً بعناد وهو الإسكان.

وقال خلال المؤتمر الصحفي عن تضخم الأسعار في سوق الإسكان «لقد كان أبطأ مما توقعنا»، ومع ذلك أعرب باول عن ثقته في أن مشكلات ارتفاع الإيجارات وأسعار المساكن ستتراجع مع مرور الوقت.

وعندما سُئل عن المخاوف من أن خفض أسعار الفائدة قد يؤدي إلى إعادة إشعال الطلب ودفع الأسعار إلى الارتفاع، أشار باول إلى أن أكبر مشكلة في الإسكان هي شيء لا يستطيع البنك السيطرة عليه، وهو حجم المعروض من المنازل المتاحة.

وأضاف باول «من أين سنحصل على المعروض؟ هذا شيء لا يمكن لبنك الاحتياطي الفيدرالي إصلاحه حقاً لكنني أعتقد أنه مع عودة أسعار الفائدة لمستويات حيادية، سنرى دورة الإسكان طبيعية».

هل يتأثر قرار الفيدرالي بالانتخابات الرئاسية؟

انتشرت في الآونة الأخيرة تكهنات تتعلق بمدى تأثير سباق الانتخابات الرئاسية الأميركية على قرارات بنك الاحتياطي الفيدرالي بشأن السياسة النقدية وأسعار الفائدة.

وتعليقاً على ذلك قال باول «هذه هي الانتخابات الرئاسية الرابعة لي كمسؤول في بنك الاحتياطي الفيدرالي، ونفعل دائماً الشيء نفسه، نذهب إلى اجتماع السياسة النقدية ونسأل ما الشيء الصحيح الذي يجب القيام به للأشخاص الذين نخدمهم».

وتابع قائلاً «السياسة لا تناقش أبداً في اجتماعات بنك الاحتياطي الفيدرالي، ويستغرق الأمر وقتاً حتى تنتشر تأثيرات قرارات الفائدة عبر الاقتصاد، لذا فإن خفض أسعار الفائدة في سبتمبر قد لا يحدث فرقاً كبيراً في الاقتصاد الأميركي بحلول انتخابات 5 نوفمبر».

وأضاف باول «مهمتنا هي دعم الاقتصاد نيابة عن الشعب الأميركي.. نحن لا نضع أي اعتبارات أخرى».

ومن المنتظر أن يجتمع بنك الاحتياطي الفيدرالي مرتين في وقت لاحق من العام خلال نوفمبر وديسمبر، فيما يتوقع المتداولون على أداة فيدووتش خفضين بواقع 25 نقطة أساس يقره البنك في كلا الاجتماعين.