تشهد العلاقات الاقتصادية بين الهند والإمارات نمواً متزايداً، مع سعي كلا الدولتين إلى تعزيز شراكاتهما التجارية والاستثمارية.. وفي مقابلة خاصة مع وزير الصناعة والتجارة في ولاية راجستان الهندية، راجيفاردهان راثور، كشف عن خطط الولاية لجذب الاستثمارات الأجنبية، بما في ذلك الاستثمارات الإماراتية، والتحديات التي تواجه تطوير الممر التجاري والملاحي بين الهند والشرق الأوسط.
أوضح وزير الصناعة والتجارة في ولاية راجستان، راجيفاردهان راثور، لـCNN الاقتصادية أن العلاقات بين الهند والإمارات شهدت نمواً كبيراً في السنوات الأخيرة، مؤكداً أن «العلاقات بين البلدين كانت دائماً قوية، لكنها الآن في أقوى مراحلها منذ أن تولى رئيس الوزراء مودي منصبه».
يعود هذا النمو في العلاقات إلى سلسلة من الاتفاقيات الاستراتيجية التي وقعتها الدولتان، ما أسهم في تعزيز التجارة الثنائية وزيادة التعاون في مجالات حيوية.
اتفاقيات استراتيجية لتعزيز التعاون
واحدة من أبرز الاتفاقيات التي عززت التعاون بين الهند والإمارات هي اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة (CEPA) التي وُقعت بين البلدين.
هذه الاتفاقية لم تُعزز التجارة الثنائية فحسب، بل فتحت أيضاً آفاقاً جديدة للشراكات الاقتصادية بين البلدين.
وقال راثور: «الهند والإمارات وقعتا أول اتفاقية CEPA بينهما، ومنذ ذلك الحين، وقعت الإمارات نحو 21 اتفاقية CEPA أخرى مع دول أخرى»، مؤكداً أن هذه الاتفاقية تعتبر حجر الأساس في توطيد العلاقات الاقتصادية بين البلدين.
كما تم توقيع عدد من الاتفاقيات الأخرى التي تُعزز التعاون في مجالات مختلفة مثل أمن الطاقة، حيث تُعتبر الإمارات شريكاً رئيسياً للهند في تأمين احتياجاتها من الطاقة.
وأوضح راثور أن «الهند وقعت اتفاقيات في مجالات مثل الطاقة النووية والطاقة المتجددة»، ما يعكس التزام البلدين بتطوير مشاريع مستدامة تدعم النمو الاقتصادي على المدى الطويل.
التجارة البينية.. أرقام تعكس قوة الشراكة
تشير الأرقام إلى أن حجم التجارة بين الهند والإمارات قد وصل إلى نحو 85 مليار دولار، وهو رقم يعكس حجم التبادل الاقتصادي المتزايد بين البلدين.
وفقاً لراثور، فإن هذه الأرقام مرشحة للزيادة في المستقبل، خاصة مع استمرار تنفيذ اتفاقيات التجارة الحرة وتسهيل إجراءات الاستثمار.
وأشار إلى أن «التجارة بين الهند والإمارات تشمل جميع المنتجات التي يستخدمها المستهلكون، بما في ذلك الغذاء، والطاقة، والتكنولوجيا الجديدة».
يعكس هذا التنوع في مجالات التجارة مدى الشمولية التي تتمتع بها الشراكة الاقتصادية بين البلدين، حيث تتجاوز حدود القطاعات التقليدية لتشمل قطاعات مبتكرة وواعدة.
دعم الأعمال التجارية
تعمل الهند والإمارات بشكل متواصل على تسهيل بيئة الأعمال بين البلدين، وأوضح راثور أن واحدة من أهم الخطوات التي اتخذت في هذا السياق هي (إنشاء بوابة إلكترونية للتجارة) بين البلدين.
تهدف هذه البوابة إلى تقليل الإجراءات البيروقراطية التي تعيق التجارة والاستثمار، وتوفير نظام موحد للتعاملات التجارية بين الشركات في البلدين.
وبيّن أن «هذه البوابة تُقلل من الحدود الناتجة عن عمل الحكومات إلى الحد الأدنى، ما يسهل على المستثمرين والشركات ممارسة الأعمال دون تعقيدات إضافية».
إلى جانب ذلك، فإن الهند تعمل على تطوير (ممر تجاري وملاحي) يربط بين الشرق الأوسط والهند.
هذا الممر يُسهّل العمليات التجارية ويُقلل من الإجراءات البيروقراطية، ما يتيح للشركات والمستثمرين الوصول بسهولة إلى الأسواق الهندية والإماراتية على حد سواء.
ووفقاً لراثور، فإن «هذا الممر يسهم في توحيد متطلبات البلدين، ما يجعل الأعمال التجارية أكثر سهولة ويسراً».
مجالات التعاون المستقبلية
تسعى الهند والإمارات إلى استكشاف مجالات جديدة للتعاون تتجاوز الطاقة والتجارة التقليدية.
أحد هذه المجالات هو الأمن الغذائي، إذ تسهم الهند بشكل كبير في دعم جهود الإمارات لتأمين احتياجاتها الغذائية، كما أن هناك خططاً لاستكشاف تقنيات جديدة في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي والطاقة المتجددة، ما يعزز من مكانة البلدين كمحاور اقتصادية في المنطقة والعالم.
وأكد راثور أن «العلاقة بين القيادة والشعب في كلا البلدين قوية جداً، وهذا ما يُفسر النجاح الكبير في التعاون»… إن هذه القوة في العلاقات ليست محصورة فقط في الاقتصاد، بل تمتد لتشمل مجالات أخرى مثل التعليم والثقافة، ما يعزز من التفاهم المتبادل ويفتح الباب أمام مزيد من التعاون.